الأحد، 31 مايو 2015

إشتباكات وعنف بجامعة كردفان


أُختُطِف أربعة طلاب من جامعة كردفان، الثلاثاء الماضي، من قبل مجموعة مجهولة قبل أن يُطلق سراحهم في وقت لاحق، على خلفية إنعقاد الجمعية العمومية لطلاب جامعة كردفان وإصرار طلاب المؤتمر الوطني على منع قائمة تحالف الوحدة الطلابية من الترشح لمقاعد الإتحاد .
وقالت مصادر طلابية أن طلاب المؤتمر الوطني وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية استخدموا القوة لمنع طلاب قائمة التحالف من الترشح يوم الإثنين، وعندما حاولوا صباح الثلاثاء تقديم القائمة تمت مهاجمة  الطلاب بنحو (11) سيارة تاتشر محمّلة بالأسلحة البيضاء، وتم ضرب الطلاب بشكل عشوائي، ما أدى إلى إصابة (19) طالباً إصابات متفاوتة ، ليعلنوا بعد ذلك فوز قائمة الوطني بالتزكية.
والطلاب المصابون هم: النور الربيع ـ إصابة في الرأس والصدر/ محمد حامد أبو القاسم ـ إصابة في الرأس واليدين / وائل أحمد ـ كسر في الرجل، /محمد إدريس إصابة في الرأس، /انتصار ناجي موسى ـ إصابة في الرأس ، / محمد المجتبى يحيى إصابة في الرأس واليد/ مصعب عمر تيراب إصابة في الرأس واليد، / نصر الدين إبراهيم إصابة في الرأس واليدين والأرجل.

التغيير

عاصم الطيِّب: بعض دول الجوار تعرض الموسيقى السودانية كتراث لها


حذّر فنان سوداني عالمي من مغبة اندثار الفنون الغنائية والتقليدية في السودان خاصة في المناطق الحدودية، كاشفاً في ذات الوقت عن أن السودان بامكانه الإستثمار في مجال السياحة والاهتمام بالموسيقي السودانية.  
وقال الخبير بالموسيقي السودانية عاصم الطيِّب خلال ملتقي دال الثقافي بالخرطوم ، إن الكثير من الأغاني السودانية التقليدية والتي تُغني بمناطق النيل الأزرق بدأت في التحول إلي دولة اثيوبيا المجاورة بسبب الحرب المستمرة. وأن الكثير من المجموعات السكانية هاجرت بسبب الحرب إلي داخل اثيوبيا وبدات السلطات الاثيوبية في الاستفادة من التراث الموسيقي لتلك المجموعات وعرضها علي أساس أنها تراث إثيوبي وليس سوداني. 
واضاف الطيب الذي حاز علي جوائز عالمية في مجال الغناء، أنه لاحظ تهجير عدد من الإثنيات إلي مناطق أخري في النيل الأزرق، مشيراً إلى أن مثل هذا الامر سيؤثر بشكل سلبي علي ثقافات وعادات المجموعات السكانية ، وخاصة الغناء الجماعي خلال مواسم الحصاد في مناطقهم الأصلية. وأوضح أن بعض الفنون الغنائية التراثية في مناطق جبال النوبة في طريقها للإندثار بسبب التحولات السكانية التي أحدثتها الحروب في تلك المناطق ، ودعا الى ضرورة الانتباه لمثل هذه الظواهر والتدخل من أجل منعها "لان الفنون هي ذاكرة الامم والشعوب وتعبر عن هويتها بالضرورة". 
وقال أن إدارة كلية الموسيقي والدراما وبعد مجيئ الحكومة الحاليةً أهدرت وقتاً طويلاً في الجدال حول قضايا جانبية وغير مفيدة، مثل هل الغناء هو حلال أم حرام.. مبيناً أنه كان من الأجدي إستثمار الوقت والطاقة في تطوير منظومة الغناء السوداني الذي عده الأكثر ثراءاً في المنطقة. 
وأشار الي ان السودان من الدول القلائل التي تتمتع بالتنوع الغنائي والتراث الموسيقي ، حيث يمتاز كل أقاليم جغرافي في الشرق والجنوب الشرقي والغرب والشمال والوسط ، بموسيقاه الخاصة. مضيفا ان السودان مازال بامكانه إعادة تقديم نفسه عبر الفنون وخاصة الغناء التقليدي في حال الإعتراف والاهتمام بتلك الفنون. 
وقال ان صورة السودان المعروفة في العالم هي صورة الحروب والمجاعة والعنصرية ، مشيرا إلي أنه بالأمكان تغيير هذه الصورة عبر وقف الحروب أولاً و تقديم صورة أخري لابداعات القبائل والمجموعات الاثنية في قالب جديد ومغري. 
وقدم الطيب نماذج موسيقية وغنائية من كل أنحاء السودان لاقت استحسان الجمهور الذي كان مزيجاً من الشباب والأكاديميين والمثقفين ،وتفاعل معه  الجمهور بصورة لافته عندما قدم مدحة "السراي السراي". 
وبدا الطيب حياته كعازف كمان وعمل مع فنانين كبار أمثال محمد وردي ومحمد الامين، لكنه سرعان ما اختط طريقا خاصا به وكرّس نفسه لدراسة وتوثيق الموسيقي السودانية خاصة في مناطق الانقسنا وهاجر الي استراليا  ونال جنسيتها وأصبح أحد نجومها الموسيقيين ، وحاز علي العديد من الجوائز العالمية في استراليا والولايات المتحدة. 

التغيير

أمير تاج السر: الجوائز الأدبية حافز للإبداع... و{صائد اليرقات» تواصل النجاح

أمير تاج السر



يرى الأديب السوداني أمير تاج السر أن «كتارا» هي جائزة المستقبل، ويعدها إضافة حقيقية، وكسباً جيداً في حقل الجوائز الأدبية.
أمير تاج السر الذي فازت روايته 366 بجائزة «كتارا» أحد أبرز كتاب الرواية بالسودان، قدَّم للساحة الأدبية أعمالاً عدة حققت نجاحاً لافتاً. تربطه بالكتابة علاقة حميمة للغاية، يكتب عن شخصيات يعرفها، والتقى بها في أزمنة وأمكنة مختلفة، وحتم قدرها أن تُكتُب في روايات. كذلك كتب جانباً من حياته في «مرايا ساحلية»، و{قلم زينب»...
عن الجائزة وروايته الفائزة وأعماله كان هذا الحوار.


فزت أخيراً بجائزة كتارا عن روايتك «366»، فما هي رؤيتك لهذه الجائزة الجديدة؟
 
أعتبر «كتارا» جائزة كبرى، اختصرت كثيراً من الطرق للكتابة العربية لتعبر إلى القارئ الآخر. وأرى أن الجائزة إضافة حقيقية، وكسب جيد في حقل الجوائز الأدبية، وهي جائزة ولدت بإمكانات ضخمة، وسميتها جائزة المستقبل، وأعني ذلك فعلاً، وأعتقد أن الدورات المقبلة ستشهد انتعاشاً أكثر.
 
هل توقعت الفوز بالجائزة عندما تقدمت لها؟
 
لم تكن تشغلني الجائزة، وقد تقدمت لها ولم أتابعها مطلقاً، إلى أن تم إخطاري بالفوز، وهنا تذكرت أنني تقدمت بالفعل.
لكن ربما صالحتك جائزة {كتارا} بعد عدم فوز روايتك {صائد اليرقات} بالبوكر؟
 
بصراحة، لا أريد الربط بين الإبداع والجوائز. الجوائز حافز جيد للكاتب، لكن عدم فوزه لا يعني عدم صلاحيته للإبداع. أسعدتني جائزة {كتارا} كثيراً بلا شك، وفي الوقت نفسه أقول صراحة إن خسارة {البوكر} لم تعق {صائد اليرقات} من النجاح.
 
تمزج {مهر الصباح} روايتك التي صدرت منها طبعة حديثة أخيراً بين الخيال والتاريخ والواقع والمستقبل. لماذا هذا المزج؟
 
{مهر الصباح} ملحمة، تحدثت عن القهر الإنساني على مر العصور. هي رواية فيها كل شيء فيها تاريخ وجغرافيا، ومجتمع، وإسقاطات وأساطير، وأخذت مني وقتاً طويلاً في التفكير والكتابة، وأعتبرها بصدق النص الذي أستوحي منه، وأعود إليه بين حين وآخر. لقد انتشرت وطبُعت أربع مرات ولكن في صمت، وقد كان ذلك المزج حتمياً لأجل إيصال الفكرة، وهي عن القهر الإنساني، حين يتحوَّل الإنسان تحت ظل القهر إلى حيوان ثم ينتهي الرجل خصياً بلا ذكورة. إنها أحداث تبدو خيالية لكنها قد تحدث في الواقع بكل تأكيد.
 
 صرَّحت بأن هذه الرواية أهم نص أنجزته، فما السبب رغم أن إصداراتك التالية نالت جوائز واحتفاءً أدبياً عالياً؟
 
نعم، هي نصي الأهم في رأيي الشخصي لما بذلته فيها من مجهود كبير، ولما كتبته فيها من أفكار. كتبتها منذ 13 عاماً، ولم تكن الجوائز والاحتفالات متاحة كما يحدث الآن، وإلا لنالت احتفاء أيضاً.
 عموماً، انتشرت في شبه صمت وطبعت أربع مرات وترجمت إلى الإنكليزية، حيث اعتبرها البعض المعادل العربي لرواية {مئة عام من العزلة} لماركيز، الأمر الذي أسعدني كثيراً بلا شك.
أما رواياتي التي نالت جوائز، فلا أقلل من قيمتها، فهي أيضاً روايات تحمل أفكاراً مهمة في رأيي، مثل {صائد اليرقات}، و{366}، ولديَّ روايات ساعدت ظروف في انتشارها مثل رواية {إيبولا 76}، التي تنبأت بانتشار فيروس إيبولا الذي يرعب الناس هذه الأيام.
 
تسير بنا {مهر الصباح} إلى زمن لم يعد ملكاً للحاضر، فماذا يمثل لك الزمن كروائي، وكيف تعمل على تطويعه في نصوصك الأدبية؟
 
الزمن عندي هو ما يحتضن الأحداث ويوزعها، والزمن يمكن أن يكون الآن أو أمس أو ربما غداً حسب فكرة الرواية. لعبت «مهر الصباح» على تقنية الزمن أيضاً من ضمن تقنيتها، لذلك هي تتحدث عن الآن بصيغة الأمس، وكأنما الرواية كانت تقرأ ما سيحدث. وثمة رواية «أرض السودان الحلو والمر»، وقد أسهمت أيضاً في وضع زمن مكان زمن، وهكذا عموماً أرى أن الكتابة تملك قرون استشعارها، وتصدق كثيرا.
 
كيف تتجلى صورة المشهد الأدبي في السودان حالياً؟
 
مثل بقية الأقطار، يوجد كُتاب أساتذة، مستمرون في الكتابة بنهجهم نفسه، مثل إبراهيم إسحاق، وعبد العزيز بركة، وبثينة خضر، وثمة أجيال جديدة ممتازة مثل منصور الصويم، معتصم الشاعر وحمور زيادة. وثمة نقاد يحاولون اللحاق بالكتابة، ناهيك بمناقشات أدبية، ودور نشر جديدة تنشر بتقنيات دور النشر العربية نفسها، وتشارك في معارض الكتب. أي يوجد مشهد ثقافي متكامل.
 والأهم أن ثمة استمرارية في العطاء، رغم الظروف كافة. المسألة هنا ليست اختياراً، هي مسألة حتمية، لأن الثقافة من ضرورات الحياة، ولا بد من حملة للمشاعل الثقافية في كل زمن.
 
 أصدرت روايات عدة، فكيف تصف علاقتك بالرواية اليوم، وما مدى التماس بينك وبين شخصياتك؟
 
لم أصدر روايات عدة بالتعبير البسيط، لكني كتبت تجربة، ومشروعاً شمل روايات وسيرة ذاتية، وشعراً، ولو كان ذلك خارج الوطن العربي لتم الاحتفاء به بصورة لائقة. كتبت رواية تاريخية ومعاصرة، وكتبت الواقع والأسطورة، وكتبت عن مهنتي وشخوص صادفتها في الترحال. كتبت أيضاً عن الكتابة في كتابي {ضغط الكتابة وسكرها}. 
وبالطبع علاقتي بالكتابة عموماً علاقة حميمة للغاية، وما زلت أكتب حين أجد وقتاً لذلك. شخصياتي أعرف معظمها، وبعضها استلفته من أشخاص واقعيين التقيت بهم في أزمنة وأمكنة مختلفة، وحتم قدره أن يُكتب في روايات. بالنسبة إلى وجودي الشخصي، فغالباً لا تجده داخل روايات، وإنما في كتب السيرة مثل {مرايا ساحلية}، و{قلم زينب}.
 
تستخدم السخرية في بعض كتاباتك، فلماذا تتبع هذا الأسلوب؟
 
السخرية عندي ليست هدفاً في حد ذاته، بمعنى أنني لا أتعمد كتابتها، لكنها تأتي عرضاً في بعض رواياتي مثل {صائد اليرقات} و{زحف النمل} و{العطر الفرنسي}، وأعتقد أن القراء يحبون أن يكسر الجمود بشيء يجعلهم يبتسمون، ولكن بالطبع يوجد أدب غزير ساخر له جمهوره.
 
 ترجُمت أعمالك إلى لغات عدة، فهل وصلت كما تريد، وما هي رؤيتك لمشروع الترجمة في حد ذاته؟
 
نعم ترجمت إلى خمس لغات حتى الآن، واكتسبت قارئاً مختلفاً وناقداً مختلفاً لأعمالي، وصار بإمكاني المشاركة في مشاريع عالمية للكتابة.
 الترجمة مهمة طبعاً ولأدبنا العربي نكهته ومذاقه، وينبغي أن يعرفه الآخر، ونحن مللنا من ترجمة الآخر لدينا لدرجة أن ثمة أعمالاً ترجمت أكثر من خمس مرات بواسطة مترجمين مختلفين، وقد تحدثت كثيراً عن ذلك، وتمنيت أن تعكس الجهات المهتمة بالترجمة عملها وتترجم الأدب العربي إلى لغات العالم المهمة.

أجرى الحوار : سماح عبد السلام
الجريدة الكويتية 

إعتصام لطلاب كلية الهندسة بكوستى


نفّذ طلاب كلية الهندسة بجامعة الإمام المهدي بكوستي اعتصاماً داخل مباني الصندوق القومي لرعاية الطلاب ليومين متتالين مطالبين بفصل أحد موظفي الصندوق، بينما كانت قوات من الشرطة وجهاز الأمن تحاصر مباني الصندوق من الخارج.
وأوضح عدد من الطلاب بالكلية أن الموظف المعني بالفصل قام بالإعتداء على إحدى الطالبات بالضرب  أثناء مظاهرة حاشدة لطالبات داخلية عزالدين عمر التاي، حيث خرجت أكثر من ألف طالبة إلى الشارع وطالبن بتحسين خدمات الماء والكهرباء و تخفيض أسعار السلع الإستهلاكية داخل المدينة الجامعية.
وقال الطلاب أن ادارة الخدمات بالصندوق القومي هدّدت الطالبات باستخدام العنف في حالة رفضهن العودة الى الداخليات، الأمر الذي إستفز الطالبات بشدة ورددن بعض الهتافات، ما دفع بالموظف إلى ضرب طالبة بالمستوى الثالث بكلية الهندسة الكيميائية
وفي الاثناء دفعت رابطة طلاب  كلية الهندسة بمذكرة للصندوق طالبوا فيها بحل المشاكل التي يعاني منها الطلبة بمجمع الداخليات، بالإضافة إلى فصل الموظف الذي قام بضرب الطالبة.

الاتحادي الأصل يبقي على “أحمد سعد” و”تاج السر” في الحكومة الجديدة


كشفت مصادر مطلعة بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل عن الانتهاء من إعداد قائمة أسماء عضوية الحزب الذين سيمثلونه في الحكومة الجديدة، حيث تم إبعاد بعض الوجوه عن المشاركة باسم الحزب في عدد من المواقع. وقال المصدر- حسب المركز السوداني للخدمات الصحفية- إن “الحسن الميرغني” رئيس قطاع التنظيم بالحزب دفع بكل من “حاتم السر” و”إبراهيم الميرغني” و”عادل جابر أبو العز” وآخرين، وقد أثنى على أداء كل من “أحمد سعد عمر” وزير مجلس الوزراء ودكتور “الفاتح تاج السر” وزير الأوقاف، وتقرر الإبقاء عليهما  كوزيرين، مشيراً إلى أنه رفع تقريراً مفصلاً عن مشاركة حزبهم بجانب الأعضاء المشاركين لرئيس الحزب مولانا “محمد عثمان الميرغني” الذي بارك مبدأ مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة. وكشف المصدر أن اجتماعاً مطولاً عقده “الحسن الميرغني” ببورتسودان مؤخراً مع (قيادات الحزب التي وقفت إلى جانب الحزب ولم تخذله في المرحلة السابقة)، حيث تم فيه تنويرهم بـ(الدور الذي سيلعبه الحزب في المرحلة المقبلة عبر مشاركته، ومواقف وسياسات الحزب الداعمة لكل ما من شأنه النهوض بالبلاد).


المجهر السياسي

لوحة اعلانية..صورة للبشير مع بيت شعر من أغنية للراحل مصطفى سيد احمد(نمشى فى كل المدائن ننثر الأفراح درر)



اثارث لافتة إعلانية بالقرب من جامعة الخرطوم مطلة على شارع النيل بالعاصمة السودانية الخرطوم ضجة كبرى على صفحات التواصل الإجتماعي،اللوحة الإعلانية بها صورة للرئيس السوداني عمر البشير ومدير حملته الإنتخابية الرئيس السوداني الأسبق عبدالرحمن سوار الذهب لكن الذي أثار الضجة هو بيت الشعر الموجود على اللافتة(نمشى فى كل المدائن ننثر الأفراح درر).

بيت الشعر المذكور أعلاه من أغنية للفنان السوداني الراحل مصطفى سيد احمد من أغنية الطيور الشهيرة للشاعر حافظ عباس ومطلعها
والله نحنّ مع الطيور.. الما بتعرف ليها خرطة ولا فى إيدا جواز سفر
نمشى فى كل المدائن نبنى عشنا بالغناوى .. وننثر الأفراح .. درر

الصادق والسودان والخرافات

عبد الرحمن الراشد
أُدركُ أن رجلا عمره ثمانون عاما صعب أن يغير أفكاره، وهذا حال الصادق المهدي، أبرز زعماء السودان وزعيم حزب الأمة، ومن رجاله التاريخيين أبًا عن جد، وكان رئيسا لحكومة منتخبة. أسقط الصادق في انقلاب عام 1989، وَقاد المعارضة ضد الثنائي البشير - الترابي لربع قرن.
ورغم القامة الكبيرة للصادق فإنك قد تصدم من قراءة أفكاره، كما كتبها في جريدة «الحياة»، عدد الجمعة الماضي. ما قاله الصادق بقلمه يكشف فكر وسر استمرار حاكم ديكتاتور مثل عمر البشير، وسبب فشل المعارضة التي كانت تسير وراء الصادق كل هذه السنين. يقول إن مؤامرة صهيونية أميركية جلبت حاكما دينيا، أي الإخواني حسن الترابي، حتى تثبت فشل الإسلام كنظام وحكم! ويؤمن أن العالم يسير وفق نظرية مايلز كوبلاند، مؤلف «لعبة الأمم» الذي يزعم أن المخابرات الأميركية هي التي تقرر المصائر، وتدير المؤامرات في أنحاء العالم. واستشهد الصادق بأحد ضباط الأمن السوداني الذي قال له: هذا ليس انقلابا سودانيا محضا بل من تدبير الـ«سي آي إيه».
وهكذا عاش زعيم المعارضة السودانية يؤمن بخرافة «لعبة الأمم»، وأن مصائر الناس تقررها الاستخبارات الأميركية، وقائمة طويلة من المفاهيم التي ما إن تهيمن على عقل حاكم لا يمكن أن يتعامل مع الواقع، ولا أن يبني للمستقبل. وفوق هذه الخرافات لام الصّادق في مفكرته كل النّاس إلا نفسه وتجربته، حتى الرئيس المصري السابق حسني مبارك. قال إنه عمل ضد السودان ودفعه للتورط في الحرب الباردة.
تاريخيا، حزب الصادق كسب الانتخابات السودانية حينها فعلا بالأغلبية، لكن أخذت منه الرئاسة غصبا، بتدبير شرير من منافسه المهزوم الإخواني حسن الترابي مع شاويش مغمور، بحيلة تعتبر مثل أفلام السينما. إنما الصادق لا يقدم قراءة صحيحة له وقيادته وحزبه، عن تلك الفترة وبعين موضوعية، لأنها أصبحت من التاريخ، فهو لا يعترف بأخطائه؛ مثل عجزه عن التعامل مع الفوضى في الشارع السوداني آنذاك. فبدلا من تعزيز علاقات بلاده وحكومته مع جيرانه الأهم، فوجئت الدول العربية وقتها أن الصادق المهدي ينخرط في علاقات تتعارض مع مصالح السودان. فتح خطوطا مع إيران وترك مساعديه يبشرون بعهد جديد من العلاقات الإقليمية، توحي بالعداء لمصر والخليج والعراق، في ذروة نزاعه مع إيران. الصادق اختار تعزيز العلاقة مع نظام الخميني دون مراعاة لمصالح بلاده في مصر والسعودية، وفي عهده أنشأ الإيرانيون أول مركز ثقافي لهم في الخرطوم عام 1988. ورغم هذا الانحياز المستفز لحلفاء السودان العرب يتهم مبارك بأنه من حاول توريطه في تحالفات الحرب الباردة! وفوق انفتاحه على إيران ألغى الصادق اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر، وهذه كانت رسالة خطيرة إلى أهم بلد يرتبط به السودان! كل ممارسات الصادق كانت توحي بالعدائية لجيرانه العرب دون مبرر ثم يستنكر لماذا كانوا غاضبين منه. وفي رأيي أن الصادق بإدخاله الإيرانيين عاصمة السودان سهل عليهم تجاوزه. وهنا لا يستبعد علاقتهم بالترابي، الذي ينظر حزبه الإخواني إلى إيران الخمينية كمثاله الأعلى.
المتآمران، الثنائي الإخواني الترابي والعسكري البشير، فتحا بابًا أوسع لإيران بعد الانقلاب، وهذا يتناقض عقليا مع نظرية الصادق أن الـ«سي آي إيه» هي من جاءت بهما للحكم، بدعوى أنها كانت تريد تقديم نموذج على فشل حكم الإسلاميين. تحليل طبعا خارج المنطق. هل يعقل أن تأتي واشنطن بنظام يحكم أكبر بلد أفريقي يساند إيران ضدها ويحكم رُبع قرن؟ المثير أنني قابلت الرئيس مبارك بعد ثلاثة أيام من الانقلاب ووجدته يجهل حقيقة الانقلابيين!
على أية حال، أظن أن فشل المعارضة السودانية طوال عقدين ونصف في إزاحة الانقلابيين هو بسبب عقلية قيادتها، إيمانها بخرافة المؤامرات وميلها للوم الآخرين دون الإقرار بأخطائها، وعجزها عن التعامل بما يتناسب مع مصلحة الشعب السوداني مفضلة الانجرار وراء شعارات زائفة.
alrashed@asharqalawsat.com