الأحد، 9 أغسطس 2015

مخصصات الحوافز والمكافآت تقارب الصرف على السلع والخدمات


كشف تقرير المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي لولاية الخرطوم عن تضخم الصرف على الحوافز والمكافآت مقارنة بالصرف على السلع والخدمات ، حيث صرفت (2) مليون و (80) الف و (121) جنيهاً على السلع والخدمات، ، فيما بلغت الحوافز ومخصصات اللجان وخدمات الخبراء والمكافآت مليون و (646.35) جنيهاً ، خلال النصف الاول للعام 2015م.
وكشف تقرير الأداء للنصف الأول من العام 2015 الذي قدمه رئيس المجلس عمر باسان بتشريعي الخرطوم يوم الخميس ، ان الحوافز بموافقة الوزير بلغت (371,416) جنيهاً ، بجانب (71,515) جنيهاً كحافز سنوي و (29,552) جنيهاً مخصصات للخبراء، و (92,200) عبارة عن مكافآت للجان.
وبلغ الصرف على خدمات الخبراء والمستشارين (328,272) جنيهاً، بالاضافة الى (70,070) جنيهاً كمخصصات للجان الفنية ، اضافة الى مخصصات لجان (54,500) جنيه، و (47,050) جنيهاً مكافآت لأعضاء وسكرتارية اللجان.
وكشف التقرير عن مبلغ (112, 876) جنيهاً للضيافة الرسمية ، و(67,664) جنيهاً لصيانة العربات ، وعن بند اخر مسمى بـ (صيانة اخرى) بمبلغ (14,484) جنيهاً.
وبلغ الصرف على السفر ومخصصات الإعاشة الخارجية (18,866) جنيهاً، والوفود والمؤتمرات (11,137) جنيهاً. والصرف على الاحتفالات والمعارض (10,080) جنيهاً ، وايجار وسائل نقل (89,236) جنيهاً ، وصيانة الحدائق (4,200) جنيه.
وكشف التقرير عن صرف (49,300) جنيه على الاشرطة والافلام والمواد الاعلامية و(88,428) جنيهاً على الادوات المكتبية والصحف والمجلات.
وبلغ الصرف على الاعلان والنشر والترويج (81,653) جنيهاً، والطباعة بخلاف المطبوعات (29,572) جنيهاً.
( : تقرير عازة ابو عوف – صحيفة الجريدة).

بدأ سيله في الانسياب رويداً رويداً: المواطنون: تحوطات كسلا من غدر القاش ليست مطمئنة


كسلا - سمر سليمان لا يأبه خور القاش الموسمي لجمال مدينة كسلا وحسنها الذي غنى له الشعراء، ولا يتردد سنويا في توجيه طلعاته على المدينة العذراء، مسببا لها الأذى الجسيم، ولا يكترث حتى للافتة المنصوبة في مدخلها وهي تحمل العبارة: (كسلا هبة القاش)، وعلى مر السنوات فإن سجال الدمار والجمال من الخور لا يتوقف، ورغم كل سبل الحياة التي يصنعها في المدينة المشهورة بإنتاج الموالح، إلا أنه أيضا يجرف مساكنها ويخرب الحدائق الراقدة على شاطئيه. (1) قبل يومين، بدأ سيل خور القاش في الانسياب رويدا رويدا، وهي عادته، إذ أنه يبدأ بحجم جريان ضعيف أو متوسط، وسرعان ما يصل لذروة امتلاء حوضه ومن ثم يفيض مخلفا وراءه كوارث فادحة وخسائر ما تلبث أن تجف سنويا دون تعويض، وسرعان ما بدأت الأحياء والمزارع على ضفافه في التهيؤ ولو بقدر متواضع لحماية ممتلكاتها، ورغم صرف الحكومة على مشاريع ترويض القاش، إلا أنه دائما ما ينحرف عن مساره ويدخل مدينة كسلا، خاصة جاريه حيي (الكارة) و(الختمية)، وهو ما يجعل الخوف من مياه الخور قائما في كل الأحوال. (2) ويقول مواطنون إن التحضيرات الحكومية لمنع تأثيرات فيضان نهر القاش غير مطمئنة، خاصة وأن أمطارا غزيرة هطلت في الهضبة الإثيوبية، فيما يرى آخرون أن الاستعدادات للقاش لم تكن مبكرة وبالصوره المطلوبة، ونوهت مصادر لـ(اليوم التالي) لعدم توافر آليات الحفر ما عدا آلة واحدة وقلابين لنقل التراب، ويطالبون بحماية الجهات المتاخمة للنهر، وسبق أن اعتدى القاش في العام الماضي على مدينة أروما وأحدث فيها خسائر فادحة، فيما يتخوف المواطنون من تكرار فيضان العام (2003) الذي أدى لدمار أجزاء كبيرة من كسلا. (3) ورغم القسوة المتوقعة للقاش على مدينة كسلا إلا أنه أيضا يشكل المورد المائي المهم للمدينة وحوضها الجوفي، حيث تعتمد عليه في تغطية آبارها التي تسقي المدينة بمياه الشرب، ويصنع الحزام الأخضر الطويل من الجنائن الكسلاوية المعروفة التي ألهمت العشاق والمبدعين ورسمت في خيالهم صور الإبداع وترجموها لأغنيات

اليوم التالي

أسعار السلعتين تكوي جيوب الفقراء.. تتعزّز الطماطم.. ويتمنّع الموز


الخرطوم - الزين عثمان
يحمر وجهه خجلاً حين يتم التأكد من حمولة (كيسه) الذي عاد محملاً به إلى المنزل ومعه السؤال: (وين السلطة؟). هو لم ينسها بالطبع ولكنه لم يستطع إليها سبيلاً فكيلو الطماطم في أسواق الخرطوم تجاوز الـ(40) جنيهاً وبات على خطوات قليلة من كيلو اللحم. 
يترنم البعض بأغنية "اتعزز الليمون شأن بالغنا في ريدو"، العزة في هذه الأيام تمارسها الطماطم بأقصى صورة بعد أن صارت سيدة الغلاء، الأسعار التي دفعت بالكثيرين لتجاوزها والبحث عن بدائل أخرى واكتفوا من كيس السلطة بالبصل والعجور والجرجير والجزر. 
يقول عادل، بائع الخضار، وهو يضع الطماطم في مكان عال في منضدته على الشارع الرئيسي، متحدثا عن أسعارها الحالية إن الأمر ليس بيدهم وإنما لهم فيها فقط أجر المناولة، ويضيف بحسرة أنه يأتي بها في هذه الأيام كمجرد صنف "يعني بالنظر بس"، ويفسر ارتفاع الأسعار بأنه لا يوجد إنتاج في الوقت الحالي وأيضاً لا يوجد استيراد. لا تندهش، ففي الأيام السابقة كانت البلاد تستورد بعض احتياجاتها من السلعة من الأسواق الإثيوبية. 
يبرر أحمد، الموظف العائد إلى منزله دون طماطم، هذا الأمر بأن تكلفة السلعة لا تحتملها ميزانيته الضئيلة، ويضيف أنه في هذه الحالة يتعامل معها باعتبارها من الكماليات إذا كان نصف الكيلو منها يعادل نصف كيلو لحم فاللحم أولى بالدخول إلى المنزل، أو هكذا تقول المعادلة الاقتصادية في ظل الظروف الراهنة. 
الطماطم ليست وحدها التي تمارس التمنع على غمار الناس في السودان وإنما تدعمها وبصورة كبيرة فاكهة الفقراء، الموز، الذي كانت تعلو أصوات المايكرفونات وهي تنادي عليه بأربعة جنيهات تتحول إلى ثلاثة في مساءات موقف جاكسون، وصل سعر الكيلو منه إلى سبعة جنيهات لم تترك للشيخ العابر ما يقوله في وجه البائع غير: "ربنا يسهل علينا وعليكم"، ويفعل ما اعتاد أن يفعله على الدوام من تمسك بقيمة (الصبر) فهي القيمة الوحيدة التي تمكنك من الاستمرار في الحياة والابتسام معاً
اليوم التالي

السياح الخليجيون.. استياء أوروبي وانتقادات محلية



❞   استعراض للمصطافين بسياراتهم الفارهة بتهور 
❞  البعض يقوم بأفعال تضر بالبيئة وتخل بالذوق العام
❞   ارتداء ملابس لا تتناسب مع الأماكن التي يزورونها 
 
بعد حادثة «البطة»، وكذلك «السنجاب»، وقيام بعض الشباب الخليجيين بالاستعراض بسياراتهم الفارهة أو الرياضية، وإثر مقاطع الغناء أمام محال هارودز الشهيرة في لندن، وحفلات الشواء والشيشة تحت برج إيفل، وبعد شكاوى من أهالي زلمسي، تصاعدت الانتقادات التي تعرَّض لها السياح الخليجيون المصطافون في البلدان الأوروبية، بسبب بذخهم وإنفاقهم المرتفع، وسياراتهم الفارهة، وقد عجَّت مواقع التواصل الاجتماعي؛ «تويتر» و«إنستغرام» وغيرهما، خلال الأيام الماضية، بمقاطع مرئية وصور لسياح خليجيين في بريطانيا والنمسا وفرنسا والتشيك.. وغيرها، تظهر بعض التصرفات غير المقبولة، وتسيء لسمعة المواطن الخليجي، ومنها ارتداؤهم ملابس لا تتناسب مع الأماكن التي يزورونها.
 
وفي «إنستغرام»، يبدو في إحدى الصور مسن يتجوَّل في منطقة ثلجية بزي النوم.. فيما تناقلت صحف غربية صور وصول المصطافين الخليجيين بسياراتهم الفارهة إلى مدن لندن أو الشانزليزيه أو «كانّ» في فرنسا، وتحمل لوحات خليجية، ويتذمر الأوروبيون من ذلك التباهي غير المبرر.
 
واعتبرت التعليقات في عدد من المواقع، أن تلك التصرفات تسيء للسائح الخليجي، في نظر سكان تلك الدول، ولم يخلُ بعضها من السخرية والتهكم، إذ كتب أحدهم على حسابه في «إنستغرام»، معلقاً على مقطع مرئي،: «كنت أتمنى أن يلبس الخليجي الذي يذهب للسياحة في الخارج زياً يشابه ذلك الذي يلبسه في بلده، وأن يحترم الذوق العام».
 
وفي مكان تنتشر فيه البحيرات والخضرة ودرجات الحرارة المنخفضة، يتصرَّف فيه بعض السياح بشكل مخالف للآداب العامة، حيث يقوم بعض السياح بأفعال تضر البيئة هناك، مثل إلقاء القمامة في الحدائق، وعدم تنظيف المكان بعد الانتهاء من الجلوس فيه، كذلك إقامة حفلات الشواء في الأماكن غير المسموح بها.
 
وهناك بلدتان في النمسا أصدرتا دليلاً قبيل بدء موسم الإجازة الصيفية، يتضمَّن نصائح للسياح العرب، يدعوهم إلى عدم الأكل على بلاط غرف الفنادق، والسائحات إلى عدم ارتداء النقاب أو«البرقع»، وضرورة التأقلم مع القوانين النمساوية.
 
لذا، يجب توعية المسافرين للسياحة في الخارج، ليكونوا خير سفراء لنقل صورة طيبة عن الحضارة الخليجية، إذ لا يكترث بعضهم لملبسهم وتصرفاتهم عندما يكونون في الخارج، ما يسيء إلى صورة بلادهم.
 
أما في ما يخص السيارات الخليجية الفارهة، فقد أشارت صحف إلى أن سكان مدينة «كانّ» الفرنسية، التي اشتهرت باستضافة المهرجان السينمائي الدولي المعروف، يخشون من أن المصطافين بسياراتهم الفارهة قد لا يحترمون قواعد وقوف السيارات والمرور، ويمكن أن يقودوا سياراتهم بطريقة استعراضية ومتهورة وخطيرة، وقال بعضهم إنهم لم يشاهدوا مثل هذه السيارات في بلادهم مطلقاً.
 
وتقوم الكثير من البلدان بجذب السياح من كل مكان، حتى ينتعش الاقتصاد في البلاد، لكن لم يكن التشيكيون راضين عن السياح الخليجيين لديهم، وأظهروا التذمر، متحججين، بأن الخليجيين ألحقوا أضرارا بممتلكات الحدائق العامة، كما تسببوا في مخالفات بيئية.
عيد الفضلي
الكويتية

ساحات عامة تحتضن الشعراء والأدباء


مبادرة "الحركة الشعرية" تحمل ملامح الجدية لتحريك الراكد في بركة ساحات الثقافة السودانية، وتسمح للأدباء والشعراء باتخاذ الساحات العامة مسرحا لعرض إنتاجهم الثقافي أمام الجمهور.

الخرطوم-
وجدت مبادرة “الحركة الشعرية” للشاعر السوداني مأمون التلب ترحيبا واسعا في السودان، الذي يواجه أوضاعا معقدة تحيط بالمشهد الثقافي من ناحية تنظيم الفعاليات واختيار أماكنها وموضوعاتها وأهدافها.
المبادرة التي أطلقها التلب، أواخر يوليو الماضي، تعد إحدى المبادرات التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، حاملة ملامح الجدية لتحريك الراكد في بركة ساحات الثقافة السودانية.
ونجحت المبادرة في الوصول إلى الشارع، حيث سمحت للمثقفين والأدباء والشعراء باتخاذ الساحات العامة مسرحا لعرض إنتاجهم الأدبي أمام الجمهور، الذي عبر عن تفاعله مع هذه الحركة الثقافية.
ويجتمع متذوقو الأدب في حلقات للاستماع إلى قراءات شعرية تتنوع ما بين اللغة العربية الفصحى والعامية السودانية، يلقيها شعراء لا يجدون حرجا في قراءة قصائد لشعراء آخرين.
وتقع ساحة “أتنيه” التي انطلقت منها مبادرة الحركة الشعرية، على مقربة من القصر الجمهوري في الخرطوم، لتحل مكان المعرض المفتوح “مفروش” لتبادل وبيع الكتب الذي منعت إقامته السلطات قبل الحصول على ترخيص.
واحتشد المئات من الشعراء ومحبي الشعر في هذه الساحة لإخراج مكنونهم الأدبي، إضافة إلى نخب وشباب يسعون لتبادل الأفكار ومناقشة الهم الثقافي وطرح آراء لدعم مبادرة “الحركة الشعرية”.
وأعرب الشاعر مأمون التلب عن اعتقاده بأن “المستقبل يعتمد على تفاعل الشعراء والناس، بمعنى أن لا يقين في محتوى الأشكال التي ستخرجها الحركة والأساليب التي ستنتهجها والمواد التي ستستخدم”.
وأضاف التلب، أنه أنشأ رفقة زملاء له من الشعراء، مجموعة مفتوحة على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك، وأطلق عليها إسم “الحركة الشعرية-قيادة جماعية أفقية”، مشيرا إلى أن “فكرة القيادة الجماعية بسيطة تشابه إلى حد كبير الطريقة التي تعمل بها الشبكة العنكبوتية”.
وقال إنه “لا وجود لقيادة فردية أو جمعية عمومة أو لجنة تنفيذية”، مبينا أن الأمر يتوقف على بساطة الفكرة وفاعليتها وبساطتها تكمن دائما في القدرة على تنفيذها من دون تكاليف مادية باهظة.
وتحولت “الحركة الشعرية” من مبادرة فردية إلى جماعية، بعد أن فقد المثقفون والمهتمون مساحات نشاطهم الثقافي من جراء إغلاق السلطات في وقت سابق اتحاد الكتاب السودانيين ومركز الدراسات السودانية.
إرم

مصر ترفض "تدخل" قطر "غير المقبول" في شؤونها الداخلية



انتقدت السلطات المصرية عرضا لوزير الخارجية القطري خالد العطية بالوساطة بين حكومة القاهرة وجماعة الإخوان المسلمين بوصفه "غير مقبول".
وقال أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن مصر ترفض "كافة أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية"، حسبما أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.
وأضاف المتحدث أن تصريحات العطية "غير مقبولة"، وأنها "تفتئت على أحكام القضاء المصري وقرارات الحكومة المصرية وإقرار جموع الشعب المصري بأن تنظيم الإخوان تنظيم إرهابي".
جاء هذا بعدما أوردت تقارير إعلامية أن وزير الخارجية القطري عرض الوساطة بين حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي.
وكانت قطر من الداعمين لمصر أثناء حكم مرسي الذي استمر عاما واحدا فقط.
لكن العلاقات بين الجانبين تدهورت بعدما عزله الجيش، بقيادة السيسي الذي كان وزيرا للدفاع آنذاك، في يوليو/ تموز 2013 إثر احتجاجات حاشدة ضد حكمه.
وعقب عزل مرسي، أدرجت السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين ضمن قائمة المنظمات "الإرهابية".
BBC

لاجئون في كاليه الفرنسية جاءوا من أرتيريا وأثيوبيا والسودان ومصر والعراق وسوريا: الطريق الصعب إلى الحلم البريطاني



كاليه (شمال فرنسا) ـ «القدس العربي»:
 يبدو أن أحداً على جانبي الحدود بين فرنسا وبريطانيا، وربما في العالم، لا يريد سماع اسم كاليه، مدينة العبور الفرنسية بين البلدين. هناك حيث يتكوّم اللاجئون، بما يمثله هؤلاء من كوارث وأزمات استعصت على العالم، وساهم العالم بصناعتها، وبما يمثله هؤلاء أيضاً من مشاهد بؤس في طريق مدينة هادئة لا تلوي على أكثر من سبعين ألفاً من السكان.
كزائر للمدينة يمكنك أن تميز بين ثلاثة مشاهد، مستويات لها، أولها الميناء، الأسوار العالية، والشاحنات الكبيرة العابرة، وثانيها بيوت المدينة الوادعة المؤلفة في الغالب مما لا يزيد على الطابقين، وبواجهات من القرميد، بما يجعلها مدينة وردية أخرى من بين المدن الفرنسية، وفي المســتوى الثالث مدينة وطرقات أخرى، تلك التي يحوم فيها المـــهـاجرون، أولــئــك الـــذين جاءوا من المناطق الأكثر بؤســاً حـــول العالم، للوصول إلى ضفته الآمنة؛ بريطانيا.
ستجدهم يحومون في طرقات خاصة، على السكك الحديد، في الغابة البعيدة، على أسوار الميناء يتحيّنون اللحظة المناسبة للوثوب إلى داخل الميناء. الكتلة الكبيرة منهم ستجدها في الغابة في مخيم حمل اسم «الجانغل»، وهو خيام عشوائية متناثرة زرعها اللاجئون بأنفسهم، وتوزعت في تجمعات صغيرة حسب الجنسيات.
لن يحتاج المرء إلى السؤال عن الطريق، عند سكة حديد مهملة لمحت شاباً، عرفت أنه ذاهب إلى المخيم. اسمه خالد، من اثيوبيا، كان عائداً لتوه من كنيسة في المدينة. قال إنه سمع عن توزيع ثياب فيها، وها قد عاد خائباً.
كان لدينا، خالد الأثيوبي وأنا، من الطريق ما يكفي ليسرد لي قصة سنوات، منذ جاء أول مرة على طائرة سودانية إلى دمشق، ليقضي بضعة أيام في السيدة زينب، يتابع بعدها قاصداً الهروب عبر الحدود التركية. هناك سيلقي عليه القبض حراس الحدود السوريون. سبعة شهور في السجن، ثم يعاد إلى بلده. إلى أن يعيد الكرّة ثانية قبل ثلاث سنوات حين يسافر عبر السودان، إلى ليبيا، ومنها عبر البحر إلى أوروبا.
دكان صغيرة هو كل ما يلوي عليه خالد في بلده، تناوب عليه هو وأمه بعد أن سجن أبوه، الذي ما زال سجيناً منذ خمس سنوات لأسباب سياسية، على ما يقول الابن، قبل أن يضيف «حتى أنا سجنت وأطلق سراحي مقابل مبلغ كبير».
خالد (27 عاماً) ينتمي إلى جماعة أورومو المغضوب عليها، وصل إلى هنا منذ عشرين يوماً مع امرأة أرتيرية تزوجها في السودان، وباتت الآن حاملاً، أما لماذا المخاطرة من جديد والسفر من هنا فيجيب خالد بعربية مكسرة تعلمها في السودان وليبيا «هنا ما في شغل».
قبل أن نصل المخيم سنلتقي شاباً مصرياً عائداً منه. باسم، من المنوفية، أعلن لنا توقفه عن المحاولة المستمرة منذ أسبوع، وهو راجع إلى باريس التي يقيم فيها منذ سبعة شهور. هو أساساً جاء ليجرب حظه على مدار أسبوع، هو إجازته من عمله. باسم يعمل بالأسود، مثله مثل عشرات المصريين المقيمين في فرنسا بصورة غير شرعية، ما يعرضهم بالتالي لابتزاز أصحاب العمل، وهؤلاء غالباً من أبناء جلدتهم، المصريين أو العرب.

اللجوء إلى لغة أخرى

على مدخل المخيم ستجد مجموعة خيام للأثيوبيين، خيام فردية صغيرة، غالباً ما حشر فيها اثنان أو ثلاثة. ميزة خيام الأثيوبيين، وهم لا يتعدون المئة شخص كما قال خالد، من بين تجمعات المخيم أنها احتوت على نساء إلى جانب الشبان، أخوات أو زوجات. فبسبب من قسوة العبور يفضل الناس الهروب بمفردهم أولاً، إلا من عليه أن يشتري طرقاً خاصة من مهربين يتقاضون مبالغ كبيرة مقابل تأمينهم عبر شاحنات باتفاق مع سائقيها. لعلنا نتذكر حكاية شبان زجّهم المهربون في خزان الشوكولا، وكان عليهم قضاء الطريق غارقين في لزوجة كادت تقتلهم.
أتركُ خالد وأمضي في طريق ترابي بين الأشجار، يقود إلى خيام الأفغان. لا يستطيع هؤلاء إخفاء أنفسهم، «شارعهم» يبدأ بالعلم الأفغاني فوق إحدى الخيام، ثم إن ملابسهم لا تخفى، بعضهم مصرّ على ارتدائها حتى أثناء الهروب. يبدو أن هؤلاء بسبب أزمتهم المستديمة بنوا لنفسهم وضعاً أدوَم قليلاً من الآخرين، أو أن أبناء جلدتهم من ذوي الإقامة الفرنسية جاءوا يعتاشون فوق خيامهم فأقاموا بعض الدكاكين الصغيرة في خيام، لبيع البضائع الضرورية واليومية.
العبارات وأسماء المدن السودانية المكتوبة على جدران الخيم، في نوستالجيا مبكرة للبلاد، تشي بما يؤكده الجميع، أن أبناء السودان هم النسبة الأكبر بين لاجئي كاليه، وقد جاءوا من مختلف أماكن النزاع فيها كما قال لي أحدهم، دارفور والنيل الأزرق وسواها.
ليس صعباً فهم الأسباب الكثيرة لمغادرتهم السودان، سوى الحرب والفقر يظل الناس يحلمون أن يرفعوا صوتهم. قال شاب سوداني «جئت أصوّت في الانتخابات الأخيرة فوجدت أن أحداً ما صوّت باسمي». لكن السؤال الأكبر يظل لماذا بريطانيا وليس فرنسا وقد وصلوا إليها؟ حين سألت حسن عبدالله (شاب من الخرطوم) هذا السؤال قال من دون أن يخفي حس الدعابة في عبارته «نحن استعمرتْنا من قَبْلُ بريطانيا، ولذلك نحبها كثيراً».
في كاليه ستسمع تقريباً الأجوبة نفسها حول سبب اختيار بريطانيا؛ كأن الشبان اجتمعوا وأقروا قائمة ثابتة للأجوبة. غالباً سيقولون لك إن أحداً من ذويهم سبقهم إلى هناك. أو أنهم يطمحون إلى امتلاك الانكليزية فهم لا يقوون على دراسة غيرها. إلى جانب أسباب الحياة والعمل، حيث يعتقد معظم هؤلاء أن شروط العمل والإقامة هناك أحسن منها في فرنسا وباقي الدول الأوروبية. لكن الأهم من ذلك كله هو أن البعض، كالمصريين والسودانيين، متأكد من رفض طلبه للجوء في فرنسا. سوداني قال لي لو كنا متأكدين من قبول طلباتنا في فرنسا أو ألمانيا لما ترددنا في البقاء في إحداهما. 
الشبان في النهاية قليلو الخبرة، ويمكن أن تلمس لديهم بعض الأوهام، التي تبالغ في رسم صورة «الحلم البريطاني». لكن هذا لا يعني أبداً الاستخفاف بأحلام دفعوا في سبيلها أموالهم وحياتهم، بعضهم خرج من بلده على هذا الأمل. اللغة وحدها بالنسبة لكثير منهم حلم، كأنما يحلمون باللجوء إلى لغة أخرى، لا إلى أرض أخرى وحسب.

سوريو كاليه

لا تختلف أسباب سوريي كاليه، بخصوص التوجه إلى بريطانيا، عن أسباب رفاق الرحلة من سودانيين وأرتيريين وأثيوبيين ومصريين وعراقيين، ولو أن أسباب رحيلهم عن بلدهم كانت الأكثر وحشية. بعضهم كان قانعاً أن يبقى على تخوم البلاد في انتظار العودة. قال لي رياض، وهو طالب هندسة الكترون من حلب، إنه ترك حلب حين تحولت جامعته إلى ثكنة عسكرية. سافر إلى تركيا، وهناك عمل في مطعم، اكتسب مكانة فيه، كما قال، وتعلم اللغة التركية. مكانته تلك تطلبت أوراقاً ثبوتية جديدة وهو ما دفع به إلى الهجرة من جديد.
لا ندري أي مفارقة تلك التي جعلتهم ينضوون في الخيمة الكبيرة التي كتب عليها بخط كبير «أفغانستان»، فيما لا يسكنها غير السوريين. لا يزيد عدد السوريين عن ستين إلى سبعين لاجئاً، جزء منهم هنا، في المخيم الكبير في الغابة، إلى جانب مجموعتين صغيرتين في وسط المدينة، واحدة افترشت رصيفاً معظمها من مدنية درعا، والثانية افترشت رصيفاً من دون خيام على جدار الكنيسة تحت إحدى شرفاتها.
عند السوريين هناك حقيقة قد تصدم الكثيرين، هنا سيجتمع إلى جانب ضحايا النظام مؤيدون له، وآخرون غير مهتمين البتة بما يحدث، لا مع ولا ضد. حين سألتهم هل يؤدي ذلك إلى نقاشات ساخنة ومشاكل بينكم، أجمعوا على أن أحداً لا يفكر إلا بشيء واحد، هو الخروج من عنق الزجاجة العسير هذا. ذلك يعني حقيقة مؤسفة أيضاً؛ صحيح أن اللاجئين السوريين هم دليل أكيد على فداحة ما ارتكب النظام ضد شعبه، ولكن يبدو أننا يجب أن نسلّم بأن عدداً كبيراً منهم، قد بات خارج الصراع، ما دام مشغولاً برعبه اليومي الخاص.
السوريون، على قلّتهم، حاضرون بكثافة في كاليه، فكثير من رفاق الرحلة في جعبتهم رواية جاهزة لسردها أمام الأجهزة المختصة، المصريون والعراقيون قالوها صراحة إنهم ينوون تقديم أنفسهم في بريطانيا كسوريين. سوريون قالوا لي إن هناك إيرانيين في المخيم يقولون إنهم سوريون وسيطلبون اللجوء على هذا الأساس.

البسكليتاتي البريطاني

هنا، في هذا المخيم الكبير، وتقدر الإحصاءات التي ذكرتْها عدة صحف أنه بلغ ازدحاماً غير مسبوق، إذ وصل إلى حوالي ثلاثة آلاف لاجئ، وهو ثلاثة أضعاف الرقم المعتاد، ستجد أن أركان مجتمع صغير بدأت بالتكون، ولو أن الإقامة تطول أكثر لن يكون من المستبعد أن تقوم مدينة للاجئين في خاصرة كاليه. فهذه واحدة من الخيام باتت مسجداً أخذ اسم أبي بكر الصديق، وغير بعيد عنها بنيت خيمة أكبر معتنى بها أكثر على أنها كنيسة المخيم.
الطرقات الترابية بدأت تتشكل وترتسم في الغابة. الخطى تعرف وتقتفي آثار من سبقوها؛ هذا طريق إلى صنابير المياه، هناك حيث يغسل الشبان والنسوة القليلات ثيابهم، وحيث سيتشكل سيل الماء الآسن طبعاً. وهذا طريق إلى المسجد، وآخر إلى مركز يفتح كل يوم لساعتين من أجل الاستحمام وشحن أجهزة الموبايل وزيارة غير ذي فائدة كبيرة للطبيب.
وهنا طريق أيضاً إلى البسكليتاتي البريطاني تيم. وهو جاء المخيم مع كارافان خاص به. رَهَنَ نفسه «بسكليتاتياً» في خدمة اللاجئين، لا يكتفي بإصلاح دراجاتهم، بل ويدرب البعض ويمكّنهم من تصليح دراجات زملائهم. يبدو تيم وكأنه قد نذر نفسه لفكرة الحرية، واقتحام الحدود. هل أجمل من اختراع الدراجة نفسه كتعبير عن الفردية والحرية والتخطّي؟ حين سألت تيم إن كان بريطانياً، قال «نعم، للأسف أحمل جواز سفر بريطانياً، لكنني مواطن عالمي، وأتمنى لو كنت بلا جنسية».
أما ذاك الطريق اليومي إلى خارج المخيم فهو الأطول. مساءً سيمشي الشبان مسافة ساعتين من الزمن إلى أن يصلوا مكاناً يستطيعون التسلل منه إلى القطار بعد قص سياجين متتالين والقفز عن ثالث قبل الوثبة الأخيرة على قطار البضائع العابر بسرعة. غالباً سيقضي الشبان هناك الليل كله، لاقتناص قطار وراء آخر.
هناك طريق آخر إلى قلب الميناء، حيث يتسلل الشبان إن نجحوا في القفز ليتمددوا متعلّقين أسفل شاحنة كبيرة تتهيأ إلى دخول العبّارة، بعدها عليهم أن يتعرضوا لاختبار وحيد هو أن تتشممهم الكلاب، لتخرجهم من تحت السيارة. قال أحد الشبان متهكماً «لم يشمني الكلب، لقد شمتني المرأة الشرطية، فأخرجتني».
يعود الشبان صباحاً إلى مخيمهم، القليل من رفاقهم ربما يكون قد نجح في العبور الأخير، يعود الباقون لتفحص الجراح. لن تجدَ يدَ لاجئ حاول العبور ولو لمرة واحدة من دون أن يكون الحلم البريطاني قد ترك آثاراً على يديه، إلى حد أن البعض فقد إصبعاً من يده، أو تحطمت رجلاه. يستطيع المرء أن يتخيل أي نوع من الأحلام العظيمة يرتسم في رؤوس هؤلاء الشبان، أية أحلام تستحق كل هذه الجراح.


راشد عيسى