(مسافر.. مسافر بحري بري بالسما أي شيء المهم..) تاني ما قاعد واقع يلزمك ويملي عليك خيارين أي منهما أصعب من الآخر أما أن.. وأما أن.. فتضطر إلى إتخاذ قرارك وتتحمل تبعاته.. ماذا ننتظر من أحدهم عندما يكمل صفوفه الدراسية ويعلق شهادته بإحدى جدران الحائط يلمحها ويتذكر كفاحه وسهره للحصول عليها ويرددها بنفسه (ياريت لو ما كملت ومرقت اشتغلت)، هذه نتيجة لسلسلة معاينات خاضها وخرجت أحلامه منها تجرجر أذيال الخيبة والحسرة وسلاحه الذي كان يستمد منه القوة ويحتمي به كلما ساورته ظنون بعدم الوصول لمبتغاه حاربها ذلك السلاح الذي ظل يستظل بظله أنه الأمل لقد أصدأه الزمن وتصدع فصار هشاً بعدما إستنفذ طاقته الوهمية نعم وهمية نصنعها نحن بداخلنا وندرب الخيال على عدم تقبل صدمات الواقع الذي يسلل إليها أفكار محبطة وإن كانت متواصلة في الصد عن مطالبنا فلنجأ إلى حلول تحل أرواحنا من الإرهاق الذي أصابها من التفكير ومن الأحلام التي تلاشت مع بزوغ كل فجر جديد لا يحمل أي ملمح يدل على مشارف الوصول للهدف منهم من إستسلم ورضخ وكيّف نفسه على إتخاذ بديل آخر يسد به رمق الجوع ويقتل به طموحاته لكن هناك من رفض الخضوع والإنصياع للأمر الواقع نستطيع أن نقول إنه تمرد عليه وأعلن الحرب ضدها إختار أن يهجر فكرة التقيد بأسوار تحول ما بين تحقيق مطالبه إجتازها عابراً ليحلق بأجنحته بعيداً يلتقط حبيبات رزقه في جزء آخر من تلك الرقعة الأرضية نعم فعلوا ذلك البعض إتخذ من الطرق غير المشروعة ليهاجر طمعاً في حياة رسمها وبدء طريقاً للوصول إليها ولم يستسلم.. (السياسي) غاصت للتعرف على الآراء حول تلك القضية فكانت الحصيلة هنا:
تجولت أمام الوكالات وأيضاً داخل السوق لأخذ آراء وعينات من الواقع.
* شاب يحمل جوازه بيده عندما طرحت عليه سؤالي هل فضلت الهجرة على بيع الفكرة فكره أن تبحث هنا عن تحقيق أحلامك أجابني ساخراً لماذا أنتظر هنا على الأبواب المغلقة وهنالك الكثير من الأبواب والنوافذ تفتح على مصراعيها.. مضيفاً درست هندسة مدنية وفقط أكملت فترة الخدمة الوطنية ولا أريد أن أبقى أسبوعاً هنا بعد أن (أخليت طرفي وسددت ما طلب مني) لا يوجد سبب آخر لوجودي.. وأضاف معارفي وأصدقائي منهم من جلس (على لستك أمام الدكان) يراقب المارة وينتظر من المعاينات التي لا تخلو من (الواسطات) أن ترحمه.. تركته خلفي ينتظر لم أجد مبرراً كافياً لكي أثنيه عن رأيه وأن الغربة ليست بالأمر السهل تركته وفي نفسي تأثر لكل ما نطق به لسانه ورأي آخر شاب إتخذ من أحد (المخابز) ملجأ له يقيه من لهيب الهجرة أكمل دراسته بقسم الدراسات التجارية قسم المحاسبة أجاب ضاحكاً: (أحسن من أقعد في البيت) وأضاف قائلاً: مثلي كغيري نعمل في مجالات هامشية وشهاداتنا موزعة في كل مكان وأضاف: قدمت في (اللوتري) يعني ما قاعد ساكت والشغلة دي مؤقتة رغم أن الوالدة والوالد يفضلان أن أبقى بجوارهما.. مضيفاً: مجرد ما يتم قبولي سآتي وآخذهما إلى جواري هنالك (البلد دي بقت طاردة) هكذا ختم حديثه.
وأيضاً صادفت فتاة حدثتها قليلاً عن موضوعي فأجابت مسرعة: أنا عندي خالي في الخارج وأنتظر فقط شهادتي والخدمة.. مضيفة: (لو ما كده ما بتلقيني هنا).
الخرطوم: مودة جعفر- السياسي