الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

الأهلي شندي يعود للترتيب الثالث بالدوري السوداني


عاد الأهلي شندي للترتيب الثالث بالدوري السوداني الممتاز لكرة القدم، وذلك بعد نجاحه في تحقيق الفوز الثلاثاء على ضيفه العنيد الأهلي مدني بنتيجة 2-0 في مباراة تم تقديمها عن الأسبوع الآخير لبطولة الدوري السوداني الممتاز لكرة القدم.
أحرز أهداف الأهلي شندي لاعب منتخب جنوب السودان لوال أتاك، ومحمد عوض الكريم.
وكانت المباراة تتمثل تحديا للفريقين، حيث كان الأهلي شندي بحاجة للفوز لإزاحة الخرطوم الوطني عن الترتيب الثالث الذي قد يمثل صاحبه بدوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، بينما كان الأهلي مدني بحاجة إلى نقطة واحدة لتأمين بقاءه بالدرجة الممتازة بشكل نهائي.
النتتيجة رفعت رصيد الأهلي شندي إلى 47 نقطة بفارق نقطتين عن الخرطوم الوطني الذي تراجع للترتيب الرابع، بينما تجمد رصيد الأهلي مدني في 29 نقطة.
يذكر ان الأهلي شندي تساوى في عدد نقاطه مع المريخ الذي لم يتسلم رسميا خطابي كسبه لإستئنافيه ضد كل من هلال كادُقُلي والأمل عطبرة.
كووورة

ابرز عناوين الصحف السياسية السودانية الصادرة يوم الأربعاء 23 سبتمبر 2015م


صحيفة اخبار اليوم:
وزير النفط يكشف عن اسباب تدنى انتاج البترول بالبلاد وزيادة انتاجية الجازولين والغاز
والى سنار: هناك من يقومون بتصدير العجزة والمسنين للولاية ولن نشيد دار للايواء
هطول امطار بمنى قبل ساعات من وقوف الحجاج اليوم بعرفات
وزير الخارجية يؤكد انابته للبشير فى مخاطبة الجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك
مساعد الرئيس يوجه بالاهتمام بقضايا السودانيين العاملين بالخارج والعمل على ربطهم بوطنهم
والى الخرطوم يقوم بزيارة وجولة ميدانية لمحلية أم درمان

صحيفة الرأى العام:
قرار رئاسى بالعفو عن المتمردين المشاركين فى الحوار ووقف اطلاق النار
الحكومة تعفى المائة الأوائل فى الشهادة السودانية من الرسوم الجامعية
غندور يرأس وفد السودان الى نيويورك غداً إنابة عن البشير

صحيفة التيار:
البشير يصدر مرسوماً جمهورياً بالعفو العام ووقف اطلاق النار
القضارف: ثمانية ملايين فدان حجم المساحات المزروعة
الكعبة المشرفة بحلتها الجديدة فجر عرفه
الشرطة: لن نتسامح مع اى تفلتات امنية في مباريات القمة الأفريقية
الصحة بالخرطوم ترفع درجة التأهب لطوارئ عطلة العيد

صحيفة اليوم التالي:
الصحة: ولاية الخرطوم تحفز العاملين خلال العيد وتفصل المتغيبين
الحجاج يقفون بعرفه اليوم
الشرطة توجه بضبط اى دراجات نارية من دون لوحات

صحيفة السوداني:
غندور يقود وفد السودان المشارك فى اجتماعات الأمم المتحدة
الكهرباء : الطوارئ تعمل على مدار الساعة خلال العيد
استمرار الشكاوى من ارتفاع اسعار الخراف بالاسواق
بدء توزيع الاضاحى بالاقساط للعاملين بولاية الجزيرة
استعداداً لمواجهة سوساطره الصيام يحدد موعد تدريب الهلال
المريخ يؤدى تدريبه الرئيسى للغربان غدا
جعفر: الهلال والمريخ قادران على تحقيق الطموحات 

تراجع نسبة المستثمرين الأجانب في السودان


قدّر اقتصاديون الفجوة الدولارية التي خلقها عدم التوزان في الاقتصاد السوداني، بمبالغ تتراوح بين 6 إلى 7 مليارات دولار في العام، الأمر الذي أحدث تصاعداً جنونياً في سعر الدولار مقابل العملة الوطنية، إذ سجل أعلى مستوى له الأسبوع الماضي 10.20جنيهات، بينما سجل يوم الخميس 9.950 جنيهات للدولار الواحد.
ومع انفصال جنوب السودان وانسحاب إيرادات البترول جنوباً فقدت الخزينة العامة للدولة السودانية ما نسبته 75% من العملات الصعبة التي كان يجنيها من إيرادات النفط الجنوبي، ليدخل السودان بعدها مباشرة في أزمة شح العملات الصعبة التي فشلت حتى الآن كافة جهود الحكومة في تداركها.
ومنذ انفصال الجنوب يواجه بنك السودان المركزي، صعوبة في توفير الدولار لشراء الواردات، الأمر الذي أثر سلباً على الخدمات الأساسية، وعلى السوق السوداني الذي شهد ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع ووصل في بعضها إلى 300%.
ويشتكي المستوردون من عدم توفير الحكومة للعملات الصعبة لجلب احتياجات البلاد من الأدوية ومواد أساسية أخرى، رغم قراراتها المتكررة بالتوفير، لا سيما مع تفاقم أزمة الدواء.
وعمد عدد من المستوردين إلى تقليص عملية استيراد الأدوية إلى الثلث بسبب شح الدولار، إذ يطالب المستوردون بتوفير 300 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ عجزت الحكومة عن توفيره رغم الوعود المتكررة، فسابقاً كانوا يحصلون على 750مليون دولار سنوياً.
وسجلت معدلات الاستثمار الأجنبي في السودان انخفاضاً، بعد أن كان يحتل الموقع الأول عربياً، من ناحية جذب الاستثمار الأجنبي والثاني أفريقياً، حيث قادت الأزمة العالمية، فضلاً عن انفصال الجنوب، تراجع الاستثمارات بمعدل كبير. وفي تقرير لوزارة الاستثمار قدمته للبرلمان الأسبوع الماضي، اعترفت وزارة الاستثمار بأن عدم استقرار الوضع الاقتصادي قاد لتوقف العديد من المشروعات الاستثمارية، فضلا عن تردد الراغبين في الاستثمار، بسبب نقص النقد الأجنبي لمقابلة تحويلات المستثمرين.
وقال مصدر بوزارة الاستثمار لـ "العربي الجديد" إن 50% ممن أبدوا رغبتهم في الاستثمار خلال الفترة من 2005 وحتى 2009 تراجعوا أخيراً. وأشار المصدر إلى المشاكل الأساسية التي يواجهها المستثمر الأجنبي في ما يتصل بتحويل أرباحه بالدولار فضلاً عن توفر العمل.
وأكد أن المصارف فشلت تماماً في توفير العملات الأجنبية للاستيراد، الأمر الذي قاد المستوردين للشراء من السوق الموازية "السوداء" لفتح الاعتماد. وأوضح المصدر "هذا النقص في الدولار ينسحب على أسعار السلع".
وأدت الأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزمة في البلاد إلى هروب رجال أعمال سودانيين، وضخ استثماراتهم في إثيوبيا. وسبق أن أقر وزير الاستثمار السوداني السابق مصطفى عثمان إسماعيل، بانتقال 723 مشروعاً لمستثمرين سودانيين إلى إثيوبيا، تبلغ في جملتها 928 مليون دولار.
وسجل معدل الاستثمار انخفاضاً في إجمالي الناتج المحلي من 20% في عام 2010م إلى 18% في عام 2014م، بينما انخفض معدل الاستثمار التنموي الحكومي من 3% إلى 1.5% خلال تلك الفترة؛ وهو امر يراه اقتصاديون نتاجا طبيعيا للجوء الحكومة إلى اعتماد سعر الصرف المرن.
ويقول المحلل الاقتصادي أحمد سمير لـ "العربي الجديد " إن عدم استقرار سعر الصرف يقود بشكل مباشر لفقدان الثقة من قبل المستثمرين الأجانب والوطنيين في البلاد، فضلاً عن أنه يقود إلى التضخم؛ والذي بدوره يرمى أعباء ارتفاع الأسعار على المواطن بجانب تأثيره على الاقتصاد الكلي وعلى النمو.
ورجح أن يقود تصاعد أسعار الدولار المستثمرين في السودان نحو شراء العقارات والذهب، فضلاً عن الاستثمار في الدولار نفسه، الأمر الذي ستؤدي نتائجه الحتمية إلى انكماش الاقتصاد.
ويؤكد اقتصاديون أن أزمة النقد الأجنبي التي يعاني منها السودان أثرت سلباً على مجريات الاقتصاد ككل في ما يتصل بارتفاع معدلات التضخم، والتأثير على حركة الاستثمار وتراجع حركة الاستيراد، في ظل ارتفاع أسعار الدولار وعدم توفره.
ووفقاً لإحصائيات البنك المركزي لعام 2013 بلغ استيراد السلع الغذائية في السودان ثلاثة مليارات دولار منها 800 مليون دولار قمحا وسكرا.
من جانبه استبعد الخبير الاقتصادي أحمد كمال أن تنجلي أزمة الدولار في الوقت الراهن باعتبار أنها مرتبطة بأزمة الاقتصاد الكلي، الأمر الذي رجح ان يكون فيه مزيد من هروب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، لا سيما في ظل شح العملات. وقال "يلجأ المستثمرون للسوق السوداء التي لا توفر لهم هامش ربح مجز.
وأوضح "طالما أن المستثمرين لن يستطيعوا تحويل أرباحهم عبر البنك سيفكرون في التهريب بدلاً عن الخسارة ". وأكد أن أزمة ارتفاع الدولار تؤثر على التضخم، وتقود لتآكل دخول المواطنين، وأضاف "وبالتالي تؤدي إلى مزيد من الفقر"، أما محمد عبد الله فيقول إن استقرار سعر الصرف لأية عملة يتحقق بالإنتاج لتقليل الوارد وزيادة حصيلة الصادر؛ وهو أمر رأى أنه لم يتحقق حالياً.
العربي الجديد

رواية موسم الهجرة إلى الشمال ـ الطيب صالح


عدت إلى أهلي يا سادتي بعد غيبة طويلة ، سبعة أعوام على وجه التحديد ، كنت خلالها أتعلم في أوروبا . تعلمت الكثير ، وغاب عني الكثير ، لكن تلك قصة أخرى المهم أنني عدت وبي شوق عظيم إلى أهلي في تلك القرية الصغيرة عند منحنى النيل ، سبعة أعوام وأنا أحن إليهم وأحلم بهم ، ولما جئتهم كانت لحظة عجيبة أن وجدتني حقيقة قائماً بينهم ، فرحوا بي وضجوا حولي ، ولم يمض وقت طويل حتى أحسست كأن ثلجاً يذوب في دخيلتي ، فكأنني مقرور طلعت عليه الشمس ، ذاك دفء الحياة في العشيرة ، فقدته زماناً في بلاد (( تموت من البرد حيتانها )) . تعودت أذناي أصواتهم ، وألفت عيناي أشكالهم من كثيرة ما فكرت فيهم في الغيبة ، قام بيني وبينهم شيء مثل الضباب ، أول وهلة رأيتهم . لكن الضباب راح ، واستيقظت ثاني يوم وصولي ، في فراشي الذي أعرفه في الغرفة التي تشهد جدرانها على ترهات حياتي في طفولتها ومطلع شبابها وأرخيت أذني للريح . ذاك لعمري صوت أعرفه ، له في ....

بلدنا وشوشة مرحة . صوت الريح وهي تمر بالنخل غيره وهي تمر بحقول القمح . وسمعت هديل القمري ، ونظرت خلال النافذة إلى النخلة القائمة في فناء دارنا ، فعلمت أن الحياة لا تزال بخير ، أنظر إلى جذعها القوي المعتدل ، وإلى عروقها الضاربة في الأرض ، وإلى الجريد الأخضر المنهدل فوق هامتها فأحس بالطمأنينة . أحس أنني لست ريشة في مهب الريح ، ولكني مثل تلك النخلة ، مخلوق له أصول ، له جذور له هدف .
وجاءت أمي تحمل الشاي . وفرغ أبي من صلاته وأوراده فجاء . وجاءت أختي ، وجاء أخواي ، وجلسنا نشرب الشاي ونتحدث ، شأننا منذ تفتحت عيناي على الحياة . نعم ، الحياة طيبة ، والدنيا كحالها لم تتغير .
فجأة تذكرت وجهاً رأيته بين المستقبلين لم أعرفه . سألتهم عنه ، ووصفته لهم . رجل ربعة القامة ، في نحو الخمسين أو يزيد قليلاً من شوارب الرجال في البلد . رجل وسيم .
وقال أبي : (( هذا مصطفى )) .
مصطفى من ؟ هل هو أحد المغتربين من أبناء البلد عاد ؟ وقال أبي أن مصطفى ليس من أهل البلد ، لكنه غريب جاء منذ خمسة أعوام ، اشترى مزرعة وبنى بيتاً وتزوج بنت محمود ... رجل في حاله ، لا يعلمون عنه الكثير . لا أعلم تماماً ماذا أثار فضولي ، لكنني تذكرت أنه يوم ...

وصولي كان صامتاً . كل أحد سألني وسألته . سألوني عن أوروبا . هل الناس مثلنا أم يختلفون عنا ؟ هل المعيشة غالية أم رخيصة ؟ ماذا يفعل الناس في الشتاء ؟ يقولون إن النساء سافرات يرقصن علانية مع الرجال . وسألني ود الريس : (( هل صحيح أنهم لا يتزوجون ولكن الرجل منهم يعيش مع المرأة بالحرام ؟ )) .
أسئلة كثيرة رددت عليها حسب علمي . دهشوا حين قلت لهم أن الأوروبيين ، إذا استثنينا فوارق ضئيلة ، مثلنا تماماً ، يتزوجون ويربون أولادهم حسب التقاليد والأصول ، ولهم أخلاق حسنة ، وهم عموماً قوم طيبون .
وسألني محجوب ك (( هل بينهم مزارعون ؟ )) . وقلت له : (( نعم بينهم مزارعون وبينهم كل شيء . منهم العامل والطيب والمزارع والمعلم مثلنا تماماً )) . وآثرت ألا أقول بقية ما خطر على بالي : (( مثلنا تماماً . يولدون ويموتون وفي الرحلة من المهد إلى اللحد يحلمون أحلاماً بعضها يصدق وبعضها يخيب . يخافون من المجهول ، وينشدون الحب ، ويبحثون عن الطمأنينة في الزوج والولد ز فيهم أقوياء ، وبعضهم حرمته الحياة . لكن الفروق تضيق وأغلب الضعفاء لم يعودوا ضعفاء )) . لم أقل لمحجوب هذا ، وليتني قلت ، فقد كان ذكياً . خفت ، من غروري ألا يفهم .

وقالت بنت مجذوب ضاحكة : (( خفنا أن تعود إلينا بنصرانية غلفاء )) .
لكن مصطفى لم يقل شيئاً . ظل يستمع في صمت ، يبتسم أحياناً ، ابتسامة أذكر الآن أنها كانت غامضة ، مثل شخص يحدث نفسه .
نسيت مصطفى بعد ذلك ، فقد بدأت أعيد صلتي بالناس والأشياء في القرية . كنت سعيداً تلك الأيام ، كطفل يرى وجهه في المرآة لأول مرة . وكانت أمي لي بالمرصاد ، تذكرني بمن مات ، لأذهب وأعزي ، وتذكرني بمن تزوج ، لأذهب وأهنئ . جبت البلد طولاً وعرضاً معزياً ومهنئاً . ويوماً ذهبت على مكاني الأثير ، عند جذع شجرة طلح على ضفة النهر . كم عدد الساعات التي قضيتها في طفولتي تحت تلك الشجرة ، أرمي الحجارة في النهر وأحلم ، ويشرد خيالي في الأفق البعيد . أسمع أنين السواقي على النهر ، وتصايح الناس في الحقول ، وخوار ثور أو نهيق حمال . كان الحظ يسعدني أحياناً ، فتمر الباخرة أمامي صاعدة أو نازلة . من مكاني وقامت على ضفة النيل طلمبات لضخ الماء ، كل مكنة تؤدي عمل مائة ساقية . ورأيت الضفة تتقهقر عاماً بعد عام أما لطمات الماء ، وفي جانب آخر يتقهقر الماء أمامها . وكانت تخطر في ذهني أحياناً أفكار غريبة . كنت أفكر ، وأنا أرى ....

الشاطئ يضيق في مكان ، ويتسع في مكان ، أن ذلك شأن الحياة ، تعطي بيد وتأخذ باليد الأخرى . لكن لعلني أدركت ذلك فيما بعد . أنا الآن ، على أي حال ، أدرك هذه الحكمة ، لكن بذهني فقط ، إذ أن عضلاتي تحت جلدي مرنة مطواعة وقلبي متفائل . إنني أريد أن آخذ حقي من الحياة عنوة ، أريد أن أعطي بسخاء ، أريد أن يفيض الحب من قلبي فينبع ويثمر ، ثمة آفاق كثيرة لابد أن تُزار ، ثمة ثمار يجب أن تُقطف ، كتب كثيرة تُقرأ ، وصفحات بيضاء في سجل العمر ، سأكتب فيها جملاً واضحة بخط جريء . وأنظر على النهر بدأ ماؤه يربد بالطمي ـ لابد أن الطر هطل في هضاب الحبشة ـ وإلى الرجال قاماتهم متكئة على المحاريث ، أو منحنية على المعاول . وتمتلئ عيناي بالحقول المنبسطة كراحة اليد إلى طرف الصحراء حيث تقوم البيوت . أسمع طائراً يغرد ، أو كلباً ينبع ، أو صوت فأس في الحطب ـ وأحس بالاستقرار . أحس أنني مهم ، وأنني مستمر ، ومتكامل . (( ولا ... لست أنا الحجر يلقى في الماء ، لكنني البذرة تبذر في الحقل )) . وأذهب إلى جدي ، فيحدثني عن الحياة قبل أربعين عاماً ، قبل خمسين عاماً ، لا بل ثمانين ، فيقوى إحساسي بالأمن . كنت أحب جدي ، ويبدو أنه كان يؤثرني . ولعل أحد أسباب صداقتي معه ، إنني كنت منذ صغري تشحذ خيالي حكايات الماضي ، وكان جدي يحب أن يحكي ، ولما سافرت خفت أن يموت في غيبتي . وكنت حين

يلم بي الحنين إلى أهلي ، أراه في منامي . قلت له ذلك ، فضحك وقال : (( حدثني عراف وأنا شاب ، أنني إذا جاوزت عمر النبوة "يعني الستين " فإنني سأصل المائة )) . وحسبنا عمره ، أنا وهو فوجدنا أنه بقي له نحو إثني عشر عاماً .
كان جدي يحدثني عن حاكم غاشم ، حكم ذلك الإقليم أيام الأتراك . ولست أعلم ما الذي دفع بمصطفى إلى ذهني ، لكني تذكرته بغتة ، فقلت أسأل عنه جدي ، فهو عليم بحسب كل أحد في البلد ونسبه ، بل بأحساب وأنساب مبعثرة قبلي وبحري ، أعلى النهر وأسفله ، لكن جدي هز رأسه وقال انه لا يعلم عنه سوى أنه من نواحي الخرطوم ، وأنه جاء إلى البلد منذ خمسة أعوام ، واشترى أرضاً تفرق وارثوها ، ولم تبق منهم إلا إمرأة . فأغراها الرجل بالمال واشتراها منها . ثم قبل أربعة أعوام زوجه محمود إحدى بناته . قلت لجدي : (( أي بناته ؟ )) فقال : (( أظنها حسنه )) . وهز جدي رأسه وقال : (( تلك القبيلة لا يبالون لمن يزوجون بناتهم )) . لكنه أردف ، كأنه يعتذر ، أن مصطفى طول إقامته في البلد ، لم يبدو منه شيء منفر ، وأنه يحضر صلاة الجمعة في المسجد بإنتظام ، وأنه يسارع (( بذراعه وقدحه في الأفراح والأتراح )) .. هكذا طريقة جدي في الكلام .
***
بعد هذا بيومين ، كنت وحدي أقرأ وقت القيلولة .

كانت أمي وأختي تلغطان مع بعض النسوة في أقصى البيت ، وكان أبي نائماً ، وقد خرج أخواي لشأن ما ، فخلوت بنفسي ، سمعت نحنحة خارج البيت ، فقمت ، فإذا هو مصطفى ، يحمل بطيخة كبيرة ، وزنبيلاً مملوءاً برتقالاً . ولعله رأي الدهشة على وجهي ، فقال : (( أرجو ألا أكون أيقظتك من نوم . لكنني قلت أجيئك بعينة من ثمر الحقل ، تذوقه . كذلك أحب أن أتعرف إليك . وقت الظهيرة ليس وقت زيارة . أعذرني )) .
لم يغب عني أدبه الجم ، فأهل بلدنا لا يبالون بعبارات المجاملة . يدخلون في الموضوع دفعة واحدة ، يزورونك ظهراً كان أو عصراً ، لا يهمهم أن يقدموا المعاذير . رددت الود بالود ، ثم جيء بالشاي .
دققت النظر في وجهه ، وهو مطرق . إنه رجل وسيم دون شك ، جبهته رحبة ، وحاجباه متباعدان ، يقومان أهلة فوق عينيه ، ورأسه بشعره الغزير الأسيب متناسق تماماً مع رقبته وكتفيه ، وانفه حاد منخاراه مليئان بالشعر . ولما رفع وجهه أثناء الحديث ، نظرت إلى فمه وعينيه ، فأحسست بالمزيج الغريب من القوة والضعف في وجه أقرب إلى الجمال منه إلى الوسامة . ويتحدث بهدوء ، لكن صوته واضح قاطع . حين يسكن وجهه . وحين يضحك .....

يغلب الضعف على القوة . ونظرت إلى ذراعيه ، فكانتا قويتين ، عروقها نافرة ، لكن أصابعه كانت طويلة رشيقة ، حين يصل النظر إليهما بعد تأمل الذراع واليد ، تحس بغتة كأنك انحدرت من الجبل إلى الوادي .
قلت أدعه يتحدث ، فهو لم يجيء إليَّ في حمأة القيظ ، إلا ليقول لي شيئاً . ولعله من ناحية أخرى جاء بوازع من حسن النية . لكنه قطع علي حدسي . فقال : (( لعلك الوحيد من أهل البلد ، الذي لم أسعد بالتعرف عليه من قبل )) . لماذا لا يترك هذا الأدب ، ونحن في بلد إذا غضب فيها الرجال ، قال بعضهم لبعض : يا إبن الكلب .
(( سمعت كثيراً عنك من أهلك وأصدقائك )) ـ لا غرو ، فقد كنت أعد نفسي زينة الشباب في البلد .
(( قالوا أنك نلت شهادة كبيرة ـ ماذا تسمونها ؟ الدكتوراه ؟ )) يقول لي ماذا تسمونها ؟ لم يعجبني ذلك ، فقد كنت أحسب أن الملايين العشرة في القطر كلهم سمعوا إنتصاري ، (( يقولون أنك لامع منذ صغرك )) .
(( العفو )) ـ هكذا قلت ، لكنني ، والحق يقال ، كنت تلك الأيام مزهواً بنفسي ، حسن الظن بها .
(( دكتوراه . هذا شيء كبير )) . فقلت له ، وأنا أتصنع التواضع ، إن الأمر لا يعدو أنني قضيت ثلاثة أعوام ، أنقب في حياة شاعر مغمور من شعراء .....

الانكليز . واغتظت ، لا أخفي عليكم أنني اغتظت ، حين ضحك الرجل ملء وجهه ، وقال : (( نحن هنا لا حاجة لنا بالشعر . لو أنك درست علم الزراعة أو الهندسة أو الطب ، لكان خيراً )) . انظر كيف يقول ((نحن)) ولا يشملني بها ، مع العلم بأن البلد بلدي ، وهو ـ لا أنا ـ الغريب .
لكنه ابتسم في وجهي برقة ، ولاحظت كيف طغى الضعف في وجهه على القوة ، وكيف أن عينيه في الواقع جميلتان كعيني أنثى ، وقال :
(( لكن نحن مزارعون نفكر فيما يعنينا ، إنما العلم ، مهما كان ، ضروري لرفعة الوطن )) .
صمت برهة ، فازدحمت أسئلة كثيرة في رأسي : من أين هو ؟ ولماذا استقر في هذا البلد ؟ وما هي قصته ؟ ولكنني آثرت التريث ، وأسعفني هو فقال :
(( الحياة في هذا البلد هينة خيرة . الناس طيبون عشرتهم سهلة )) .
فقلت له : (( إنهم يذكرونك بالخير . جدي يقول أنك رجل فاضل )) .
ضحك حينئذ ، ربما لأنه تذكر مقابلة له مع جدي ، وبدأ كأنه سر من قولي ، وقال :
(( جدك .. ذاك رجل . ذاك رجل .. تسعون عاماً وقامته منتصبة ، ونظره حاد ، وكل سن في فمه . يقفز فوق الحمار ....

خفيفاً ، ويمشي من بيته للمسجد في الفجر . هاه ذاك رجل )) . كان خلصاً وهو يقول هذا . ولم لا ؟ وجدي في واقع الأمر ، أعجوبة .
وخفت أن يفلت الرجل قبل أن أعلم عنه شيئاً ـ إلى هذا الحد بلغ فضولي ـ فجرى السؤال على لساني قبل أن أفكر : (( هل صحيح أنك من الخرطوم ؟ )) .
وفوجئ الرجل قليلاً وخيل لي أن ما بين عينيه قد تعكر ، لكنه بسرعة ومهارة عاد إلى هدوئه ، قال لي وهو يتعمد أن يبتسم : (( من ضواحي الخرطوم في الواقع . قل الخرطوم )) .
صمت برهة قصيرة ، وكأنه يناقش بينه وبين نفسه ، هل يصمت أم يعطيني المزيد ، ثم رأيت الطيف الساحر يحول حول عينيه ، تماماً كما رأيته أول يوم ، وقال وهو ينظر إليَّ وجهاً قبالة وجه : (( كنت في الخرطوم أعمل في التجارة . ثم لأسباب عديدة ، قررت أن أتحول للزراعة . كنت طول حياتي أشتاق للاستقرار في هذا الجزء من القطر ، لا أعلم السبب . وركبت الباخرة ، وأنا لا أعلم وجهتي . ولما رست في هذا البلد أعجبتني هيئتها . وهجس هاجس في قلبي : هذا هو المكان . وهكذا كان ، كما ترى . لم يخب ظني في البلد ولا أهله )) . ثم صمت ، وقام قائلاً أنه ذاهب للحقل ، ودعاني للعشاء في بيته بعد يومين .
ولما أوصلته للباب ، قال لي وهو يودعني ، والطيف الساحر أكثر وضوحاً حول عينيه : (( جدك يعرف السر )) .
ولم يمهلني حتى أسأله : (( أي سر يعرفه جدي ؟ جدي ......

ليست له أسرار )) . ولكنه مضى مبتعداً بخطوات نشيطة متحفزة ، رأسه يميل قليلاً إلى اليسار .
***
ذهبت للعشاء فوجدت محجوباً ، والعمدة ، وسعيد التاجر ، وأبي . تعشينا دون أن يقول مصطفى شيئاً يثير الإهتمام . كان كعادته يسمع أكثر مما يتكلم . كنت ، حين يخفت الحديث وحين أجد أنه لا يعنيني كثيراً ، أتلفت حولي كأنني أحاول أن أجد في غرف البيت وجدرانه الجواب على الأسئلة التي تدور في رأسي . لكنه كان بيتاً عادياً ، ليس أحسن ولا أسوأ من بيوت الميسورين في البلد . منقسم إلى جزأين كبقية البيوت ، جزء للنساء ، والقسم الذي فيه (( الديوان )) للرجال ورأيت إلى يمين الديوان غرفة من الطوب الأحمر ، مستطيلة الشكل ، ذات نوافذ خضراء . سقفها لم يكن مسطحاً كالعادة ولكنه كان مثلثاً كظهر الثور .
قمنا أنا ومحجوب وتركنا الباقين . وفي الطريق سألت محجوباً عن مصطفى . لم يخبرني بجديد لكنه قال : (( مصطفى رجل عميق )) .
قضيت في البلد شهرين ، كنت خلالهما سعيداً . وقد جمعتني الصدفة بمصطفى عدة مرات . مرة دعيت لحضور إجتماع لجنة المشروع الزراعي . دعاني محجوب ، رئيس اللجنة وقد كان صديقي ، نشأنا معاً منذ طفولتنا . دخلت عليهم .....

وكان مصطفى بينهم ، وكانوا يبحثون أمراً يتعلق بتوزيع الماء على الحقوق . ويبدو أن بعض الناس ، ومنهم من هو عضو في اللجنة ، كانوا يفتحون الماء في حقولهم قبل الموعد المحدد لهم . واحتد النقاش وتصايحوا بعضهم على بعض وفجأة رأيت مصطفى يهب واقفاً . هدأ اللغط واستمعوا إليه باحترام زائد . وقال مصطفى أن الخضوع للنظام في المشروع أمر مهم وإلا اختلطت الأمور وسادت الفوضى ، وأن على أعضاء اللجنة خاصة أن يكونوا قدوة لغيرهم ، فإذا خالفوا القانون عوقبوا كبقية الناس . ولما فرغ من كلامه هز أغلب أعضاء اللجنة رؤوسهم استحساناً ، وصمت من عناهم الكلام .
لم يكن ثمة أدنى شك في أن الرجل من عجينة أخرى ، وأنه أحقهم برئاسة اللجنة ، لكن ربما لأنه ليس من أهل البلد لم ينتخبوه .
***
بعد هذا بنحو أسبوع ، حدث شيء أذهلني . دعاني محجوب لمجلس شراب . وبينما نحن نسمر جاء مصطفى يكلم محجوباً في شأن من شؤون المشروع . دعاه محجوب أن يجلس فاعتذر ، ولكن محجوب حلف عليه بالطلاق . مرة أخرى لاحظت سحابة التبرم تنعقد ما بين عينيه ، ولكن جلس ، وعاد بسرعة إلى هدوئه الطبيعي . وناوله محجوب كأساً من الشراب ، فتردد برهة ثم أمسك بها ووضعها إلى جانبه .....

دون أن يشرب منها . ومرة أخرى أقسم محجوب ، فشرب مصطفى . كنت أعرف محجوباً متهوراً ، فخطر لي أن أمنعه عن مضايقة الرجل ، إذ من الواضح أنه غير راغب في الجلسة أصلاً . لكن خاطراً آخر هجس في ذهني ، فتوقفت . شرب مصطفى الكأس الأولى باشمئزاز واضح ، شربها بسرعة ، كأنها دواء مقيت . لكنه لما وصل إلى الكأس الثالثة ، أخذ يبطئ ويمص الشراب مصاً ، بلذة . حينئذ ارتخت عضلات وجهه ، وغاب التوتر في أركان فمه ، وأصبحت عيناه حالمتين ناعستين ، أكثر من ذي قبل . القوة التي تحسها في رأسه وجبهته وأنفه ، ضاعت تماماً في الضعف الذي سال ، مع الشراب ، على عينه وفمه . وشرب مصطفى كأساً رابعة ، وكأساً خامسة . لم يعد في حاجة إلى تشجيع ، لكن محجوباً كان يحلف بالطلاق على أي حال . دفن مصطفى قامته في المقعد ، ومدد رجليه . وأمسك الكأس بكلتا يديه ، وسرجت عيناه ، كما خيل لي ، في آفاق بعيدة ، ثم ، فجأة سمعته يتلو شعراً إنكليزياً ، بصوت واضح ونطق سليم . قرأ قصيدة وجدتها فيما بعد بين قصائد عن الحرب العالمية الأولى :
(( هؤلاء نساء فلاندرز ينتظرن الضائعين ،
ينتظرن الضائعين الذين أبداً لن يغادروا الميناء ،
ينتظرن الضائعين الذين أبداً لن يجيء بهم القطار ،

إلى أحضان هؤلاء النسوة ، ذوات الوجوه الميتة ،
ينتظرن الضائعين ،
الذين يرقدون موتى في الخندق والحاجز والطين في ظلام الليل .
هذه محطة تشارنغ كروس . الساعة جاوزت الواحدة .
ثمة ضوء ضئيل
ثمة ألم عظيم )) .
وبعد ذلك تأوه ، وهو لا يزال ممسكاً بالكأس بين يديه وعيناه سارحتان ، في آفاق داخل نفسه .
أقول لكم ، لو أن عفريتاً انشقت عنه الأرض فجأة ، ووقف أمامي ، عيناه تقدحان اللهب ، لما ذعرت أكثر مما ذعرت . وخامرني ، بغتة ، شعور فظيع ، شيء مثل الكابوس ، كأننا نحن الرجال المجتمعين في تلك الغرفة ، لم نكن حقيقة ، إنما وهماً من الأوهام . وقفزت ، ووقفت فوق الرجل ، وصحت فيه : (( ما هذا الذي تقول ؟ ما هذا الذي تقول ؟ )) نظر إلي نظرة جامدة ، لا أدري كيف أصفها ، لكن لعلها كانت خليطاً من الاحتقار والضيق . ودفعني بعنف بيده ، ثم هب واقفاً ، وخرج من الغرفة في خطوات ثابتة ، مرفوع الرأس ، كأنه شيء ميكانيكي . كان محجوب مشغول يضحك مع بقية من في المجلس ، فلم ينتبه لما حدث .
ذهبت إليه ثاني يوم في حقله ، فوجدته مكباً يحفر الأرض حول شجرة ليمون . كان مرتدياً سروالاً من الكاكي قصيراً ...

متسخاً ، وقميصاً من الدبلان يصل إلى ركبتيه ، وعلى وجهه بقع من الطين . حياني بأدبه الجم كعادته وقال لي : (( بعض فروع هذه الشجرة تثمر ليموناً ، وبعضها يثمر برتقالاً )) . فقلت له بالإنجليزي ، عمداً : (( شيء مدهش )) . فنظر إلي مستغرباً وقال : (( ماذا ؟ )) فأعدت الجملة . ضحك وقال لي : (( هل أنستك إقامتك الطويلة في إنجلترا العربي ، أم تحسب أننا خواجات ؟ )) قلت له : (( لكنك ليلة أمس قرأت الشعر اللغة الإنجليزية )) .
غاظني صمته . فقلت له : (( من الواضح أنك شخص آخر غير ما تزعم . من الخير أن تقول لي الحقيقة )) . لم يبد عليه أي تأثر بالتهديد الذي ضمنته كلامي ، ومضى يحفر حول الشجرة . ولما فرغ من حفره ، قال وهو ينفض الطين عن يديه دون أن ينظر إلي : (( لا أدري ما ذا قلت وماذا فعلت في الليلة الماضية . السكران لا يؤاخذ على كلامه . إذا كنت قلت شيئاً ، فهو كخترفة النائم ، أو هذيان المحموم . ليست له قيمة . أنا هو هذه الشخص الذي أمامك ، كما يعرفه كل أحد في البلد . لست خلاف ذلك ، وليس عندي شيء أخفيه )) .
ذهبت إلى البيت ، ورأسي يضج بالأفكار . أنا واثق أن وراء (( مصطفى )) قصة ، أو شيئاً لا يود أن يبوح به . هل خانتني أذناي ليلة البارحة ؟ الشعر الإنجليزي الذي قرأه ،

كان حقيقة . لم أكن سكران ، ولم أكن نائماً ، وصورته وهو جالس في ذلك المقعد ، ممداً رجليه ، ممسكاً بالكأس بكلتا يديه ، صورة واضحة لا مراء فيها . هل أحدث أبي ؟ هل أقول لمحجوب ؟ لعل الرجل قتل أحداً في مكان ما وفر من السجن ؟ لعله ... لكن أية أسرار في هذا البلد ؟ لعله فقد ذاكرته ؟ يقال أن بعض الناس يصابون (( بالامنيزيا )) إثر حادث . وأخيراً قررت أن أمهله يومين أو ثلاثة ، فإذا لم يأتني بالحقيقة ، كان لي معه شأن آخر .
لم يطل انتظاري ، فقد جاءني مصطفى عشية ذلك اليوم . وجد أبي وأخوي أيضاً ، فقال أنه يريد أن يحدثني على إنفراد . قمت معه ، فقال لي : (( هل تحضر إلى بيتي مساء غد ؟ أريد أن أتحدث إليك )) . ولما عدت سألني أبي : (( ماذا يريد مصطفى ؟ )) فقلت له أنه يريد أن أفسر له عقداً بملكية أرض له في الخرطوم .
رحت إليه عند المغيب ، فوجدته وحده ، أمامه آنية شاي . عرض علي الشاي فأبيت ، فقد كنت في الحقيقة أتعجل سماع القصة . لابد أنه قرر أن يقول الحقيقة . أعطاني سيجارة فقبلتها .
تفرست في وجهه وهو ينفث الدخان ببطء ، فبدأ هادئاً قوياً . أبعدت الفكرة ، وأنا أنظر في وجهه ، أن يكون قاتلاً . إستعمال العنف يترك أثراً في الوجه لا تخطئه العين .
يتبع

بعد رفع الخرطوم دعمها عن القمح… هل تتكرر احتجاجات العام الماضي التي حركتها أزمة الوقود؟



الخرطوم – الأناضول:
يرى مراقبون في إعلان الحكومة السودانية رفع الدعم كليًا عن سلعة القمح أنه قد يُفضي إلى خفض عجز الموازنة، لكنه يضعها أيضًا في مواجهة احتجاجات شعبية محتملة تماثل تلك، التي واجهتها عندما رفعت الدعم عن الوقود عام 2013.
وكان دعم الحكومة لسلعة القمح يتمثل في تخصيصها لسعر صرف منخفض للدولار للشركات العاملة في استيراد هذه السلعة، حيث تخصص لها 4 جنيهات مقابل الدولار، بينما سعر الصرف الرسمي 6 جنيهات للدولار.
لكن أمس الأول قررت وزارة المالية تحريك سعر الصرف المخصص لواردات القمح، من 4 جنيهات مقابل الدولار، إلى 6 جنيهات، ما يعني أنها رفعت الدعم كلياً عن هذه السلعة الاستراتيجية.
ويعتبر القرار استكمالًا لقرار الحكومة في يوليو/تموز الماضي، عندما رفعت الدعم جزئيًا بتحريك سعر الصرف الخاص بواردات القمح من 2.9 جنيه إلى 4 جنيهات مقابل الدولار الواحد، بالتزامن مع قرار تحرير استيراد القمح الذي كانت تحتكره ثلاث شركات فقط.
ويستهلك السودان نحو مليوني طن من القمح، يتراوح حجم المنتج منه محليًا بين 12 و17 في المئة، بينما تستورد المتبقي من الخارج، بتكلفة تعادل مليار دولار سنويًا، بحسب إحصاءات رسمية.
وقال محمد الناير، أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم ان هناك عاملين وراء قرار الحكومة رفع الدعم، الأول هو “الانخفاض في السعر العالمي للقمح، وهو ما يقلل العبء على المستهلك من جراء رفع الدعم”.
والعامل الثاني وفقًا للنايرهو قرار الحكومة “فك احتكار استيراد القمح، ما وفر لها عروضًا أفضل للاستيراد، عندما فتحت العطاءات الشهر الماضي، وتقدمت لها 28 شركة بدلًا من 3 فقط كانت تحتكر استيراد السلعة”.
وفي وقت تعاني فيه الحكومة عجزًا بنحو مليار دولار في الموازنة العامة، التي تعادل نحو 4 مليار دولار، بحسب وزارة المالية، لا يرى أستاذ الاقتصاد أن يكون هناك أثرًا كبيرًا في العجز الخاص بميزان المدفوعات الخارجية.
وفيما رجّح أن تنخفض المدفوعات الخاصة بتوريد القمح “من مليار دولار إلى حدود 900 أو 950 مليون دولار”، رأى الناير أن “الأثر الكبير سيكون في الميزان الداخلي، جراء الفارق الذي صنعه تحريك سعر الصرف”.
في المقابل يرى آخرون أن قرار الحكومة من شأنه تأليب الشارع عليها مجددًا، مثلما حدث عندما رفعت الدعم عن الوقود قبل عامين.
واندلعت في السودان في سبتمبر/أيلول 2013 أقوى احتجاجات شعبية ضد حكومة الرئيس عمر البشير، منذ وصوله للسلطة في 1989، خلفت عشرات القتلى. واندلعت الاحتجاجات آنذاك ردًا على خطة تقشف حكومية، شملت إلى جانب رفع الدعم عن الوقود، زيادة الضرائب، وتعويم العملة الوطنية لإنقاذ اقتصاد البلاد الذي بدأ في التدهور عندما انفصل جنوب السودان عام 2011، مستحوذًا على 75 % من حقول النفط كانت تمثل 50 في المئة من الإيرادات العامة ونحو 80 في المئة من مصادر العملة الصعبة.
لكن وزير المالية السوداني، بدر الدين محمود، قال في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه قرار الأمس انه “إيجابي للخروج من الدعم بصورة كلية دون الضغط على المواطن للاستفادة من انخفاض أسعار القمح عالميًا”، ورأى أن من فوائده أيضًا “إزالة التشوهات، ومعالجة دعم الأسعار”.
وردا على ذلك يقول حاج حمد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، أن حديث الوزير عن عدم تأثر المواطنيين “ليس علميًا، طالما أن هناك فجوة كبيرة في العملة الصعبة”.
ويُرجع حمد قرار الحكومة إلى “اكتشافها أن الشركات التي كانت تحتكر استيراد القمح تجني أرباحًا طائلة بالاستفادة من فرق سعر الصرف المخصص لها، ومع ذلك تصل السلعة إلى المستهلك بما يعادل السعر العالمي”.
ورجح أستاذ العلوم السياسية أن يؤدي قرار الحكومة إلى احتجاجات شعبية مماثلة لتلك التي اندلعت عندما رفعت الحكومة الدعم عن الوقود، قبل عامين، لكنه رهن نجاحها بمدى قدرة أحزاب المعارضة على تجاوز أخطائها التي صاحبت الاحتجاجات السابقة. وتابع حمد “مع تردي الوضع المعيشي، فإن الانتفاضة باتت خيارًا قريبًا، لكن السؤال هل المعارضة جاهزة لتنظيمها؟”.
ويًعتقد على نطاق واسع في الشارع السوداني، أن من أسباب فشل احتجاجات 2013 ضعف فصائل المعارضة، وعجزها عن قيادة وتنظيم الاحتجاجات التي حركتها بالأساس تنظيمات شبابية مناهضة لحكومة البشير.

هذا الدماغ ليس للاستعباد!


هاشم كرار

العقمُ، أشكال وألوان، لكن أسوأ أشكاله وأنواعه، عقم الدماغ!
الفكرة، بنت المخ، لكن مخ بعض الناس، عقيم.. هم بلا فكرة.. بلا أفكار، وفاقد الشيء- بالضرورة - لا يعطيه.
«أفلا يتفكرون»؟
تلك وردت كثيراً في الكتاب المبين، لكنهم.. يظلون في عقم المخ، بلا فكرة، ولا تفكير، ولا تفكر، وبالتالي بلا إيقان!
في التفكر، حزمة ضوء، والذين لا يتفكرون، يظلون إلى يوم الدين، يتخبطون في ظلم أنفسهم، وظلم الناس.. والناس كانوا، منذ أن كان أولهم، لأنفسهم يظلمون!
لا حزمة ضوء.. وظلام العقل هو أشد  «الظلامات» حلكة وسواد.
العقلُ المظلم، سهلُ الإنقياد.. وأسوأ أنواع الانقياد أن يقودك شخص ما، من أذنى دماغك، يقودك أنى شاء، ومتى شاء، وكيفما شاء.. لكن تيقن، إنه لن يقودك إلا إلى هواه هو..  وما  أظلم هوى من يقود الأخرين من أدمغتهم!
العبودية، ليست في اللون..
لا استعباد- بالمعنى المباشر- والناس قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
العبودية- في الأصل- في عدم القدرة على أن تقول لا.. وبالطبع كل من يسلم عقله للأخر، لن يستطيع أن يقول لا.. وبالتالي، سيبقى عبدا، إلى ماشاء صاحب المشيئة!
كما الفكرة، الحرية حالة عقلية..
لا تدع غيرك، يسيطر على هذه الحالة.. لا تدعه يسيطر على عقلك، والعقل هو أعظم تكريم لك، من خالق العقول طراً.
احتفي ياصاح، بدماغك، صانع الأفكار.. والأفكار لهي- دون أدنى شك- أعظم صناعة في التاريخ البشري، كله.
اصنع أفكارك بنفسك، وارفع رأسك بين العالمين، ولسان حالك يقول: «في هذ الرأس لو تعلمون ياناس، فكرة.. أفكار.. هذا الرأس ياناس، غير قابل على الإستعباد والإستغفال، بأية حال من الأحوال»!
قل ما تقل، بلسان حالك، وأمضي  بفكرتك.. أفكارك، ولا تألو على شيء قبيح!

عيد أضحى مبارك و«الرقراق» تصدر خلال عطلة عيد الأضحى المبارك



بمناسبة عيد الأضحى المبارك، تتقدم «الرقراق»إلى كافة السودانيين داخل وخارج البلد، والأمتين العربية والإسلامية بأحر التهاني القلبية بالعيد، وأن يعود على الجميع باليُمن والخير والبركات.

وتعلن أنها ستصدر كالمعتاد خلال عطلة العيد لتبقي القارئ على علم بالأحداث المحلية والعربية والدولية.

وكل عام والجميع بخير.