من أجمل العبارات التي سمعتها آخر الأسبوع الماضي، هي قول أحد المتحدثين في ملتقى الحوار المجتمعي الخاص بمنسوبي المنظمات الوطنية، والذي نظمه ظهر الخميس الماضي المجلس السوداني للجمعيات الطوعية (اسكوفا)، بقاعة اتحاد أصحاب العمل. المتحدث قال في معرض تساؤلاته عن هل رئاسة الجمهورية في تعهداتها بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟ ثم مضى الى القول بأن الشعب السوداني وقطاعاته الحية يملكون الخيار الغالب والكلمة الفصل، وستطبق مخرجات الحوار الوطني حتى وإن تم الغدر بها والاستجابة لتخرصات ودعاوى تسفيه مخرجات الحوار. وقال إن الشعب يملك خياره البديل حينما يتم الكفر بمخرجات الحوار، ولا يمكن أن يرضى بالمزيد من الخراب وتضييع الموارد وإهلاك الحرث والنسل.
وحسب الدعوة التي وجهها الأمين العام للمجلس إبراهيم محمد الحسن الشهير بـ(اسكوفا)، فقد تداعى الى قاعة اتحاد أصحاب العمل مدراء العديد من المنظمات الناشطة في الساحة مثل المنظمة السودانية لحماية البيئة، والمنظمة السودانية للشفافية، ومكافحة الفساد، ومنظمة أصدقاء السلام والتنمية، ومؤسسة الشرق الخيرية، وشبكة منظمات شرق السودان، ومنظمة الزبير الخيرية، والمنظمة الإفريقية للتنمية، وغيرها من المنظمات التي لبت دعوة (اسكوفا)، ودار حوار كثيف أفرغ فيه الحضور الهواء الساخن من الصدور وأبانوا رؤيتهم حول قضايا الساعة وما ينبغي أن يرفع من توصيات للسيد رئيس الجمهورية عبر مندوبه الذي جاء الى الملتقى خصيصاً لهذا الغرض، وتناول الحضور تحديات عملية الحوار الوطني الجارية والتي شارفت على نهاياتها، حيث طالبوا بتنفيذ مطلوبات الشعب وإلغاء مطلوبات الفئة الباغية التي ماتزال مساعيها جارية لإجهاض ثمرات الحوار الوطني بمختلف الأساليب الملتوية، ظناً منهم أن الشعب السوداني بلا خيارات أو أن قيادة الدولة إنما تطلق الكلام على عواهنه حينما تعهدت بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وهي مخرجات بدت ملامحها تتضح من خلال تصريحات أبناء السودان العاكفين على إخراج الثمرة النهائية المطلوبة بعد نقاشات مستفيضة حول كيفية إقرار دستور دائم يرتضيه جميع السودانيين وتوسيع قاعدة مشاركة الشعب في السلطة وطرق إيقاف النزاعات الأهلية المسلحة وطرائق تضييق الخناق على غول الفساد ومحاربة الانتهازية الطفيلية التي انسربت داخل مؤسسات الحكم وتخللتها نهباً وإفساداً وتخريباً.
إن كثرة التصريحات المناهضة لمطلوبات الإصلاح وتحقيق تطلعات وأشواق الجماهير والقوى الحية المؤمنة بالحوار، تجيء كفرفرة مذبوح او كردة فعل طبيعية من القوى الظلامية التي أدمنت تهميش الجماهير والتلاعب منفردة بإمكانيات البلد وإيصالها الى مرحلة حصاد الهشيم، ولقد قُضيَ الأمر بالنسبة لهم وانتهت اللعبة، ولذلك هم يخافون من عملية انفتاح الشعب على السلطة ومشاركته بكل أطيافه فيها لأن هذا يعني كنس القوى الظلامية التي نصَّبت نفسها عبر تزوير إرادة الجماهير وممارسة الفساد بكل إشكاله والإثراء على حساب افقار الأغلبية الساحقة من أبناء البلد، وهم يخافون إعادة الميزان الى وضعه الطبيعي حيث لن يتولى أصحاب الولاء ولا المتخلفون في الأرض المواقع التنفيذية، وإنما أصحاب الخبرة حينما يتم إقرار منهجية تكافؤ الفرص وإلغاء دجل التمكين، هذه واحدة وقس على ذلك كل شيء ومحفل ومؤسسة وموضوع.
إن القوى الظلامية الرافضة لعملية الانفتاح الكبير، إنما أدمنت في ظل استحكام الفساد وغياب دولة القانون نهب موارد البلد باسم المخصصات والجهويات والعشائر وجميع أنواع وأشكال وأنماط التجاوزات، ولذلك ترتفع أصواتهم كلما اقتربت مرحلة الحسم الكبير، باعتبار أنها مرحلة تعني بالنسبة لهم (القيامة الصغرى)، هذا عدا أنه يوم تقوم الساعة سيتعين عليهم اختبار معاني ودلالات الوعد القرآني «بئس الورد المورود».
محمد كامل عبد الرحمن
الانتباهة