الخميس، 14 أبريل 2016

بعد تيران وصنافير...هل يتكرّر السيناريو بحلايب وشلاتين مع السودان؟


لا تتوقف مطالبات السودان، على المستويين الرسمي والشعبي، لمصر بتسليم منطقة مثلث حلايب وشلاتين (جنوب مصر) له، على مدار سنوات طويلة، في المقابل، لم يتوقف الرفض المصري لهذا الطلب. وبين الحين والآخر، تتصاعد دعوات السودان لضم حلايب وشلاتين، على اعتبار وجود امتدادات عائلية داخل الأراضي السودانية. وتجددت تلك المطالبات غير الرسمية عقب توقيع مصر لاتفاقية ترسيم الحدود، التي بموجبها تنتقل تبعية جزيرتَي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.

وقال وزير الخارجية السوداني، إبراهيم الغندور، إنّ قضية حلايب وشلاتين ربما تأخذ مساراً جديداً، مرجحاً أن يتم التفاوض حولها مباشرة، أو اللجوء للتحكيم الدولي. وأضاف الغندور، قبل يومين، في تصريحات صحافية، أن العلاقات بين مصر والسودان، أكبر من أن تكون رهينة لأية قضية، معتبراً أنّ "حلايب وشلاتين قضية وطنية سودانية نعمل على حلّها بالتراضي".
وطالب السودان، بشكل شبه رسمي، بضمّ حلايب وشلاتين، خلال اجتماعات مفاوضات سد النهضة الثلاثية (مصر، والسودان، وإثيوبيا)، في الخرطوم، أخيراً، مقابل دعم ومساندة مصر في موقفها ضد إثيوبيا. وفي وقت سابق، كشفت مصادر سودانية مطلعة لـ"العربي الجديد" عن تفاصيل المفاوضات التي اشترطت فيها الخرطوم، اعتبار منطقة مثلث حلايب وشلاتين أرضاً سودانية، خلال طرح التقارير الفنية المتعلقة بالتأثيرات المتوقعة لبناء سد النهضة على دولتَي مصر والسودان. وأوضحت المصادر أن السودان طرح خريطة تشمل مثلث حلايب وشلاتين كأراضٍ سودانية، وهو ما رفضه الجانب المصري، مقرراً إنهاء تلك الجولة من النقاشات حينها. وبعيداً عن الموقف القانوني من تبعية حلايب وشلاتين، يبقى أن الأمور تظل في إطار العلاقات بين الدولتَين وتخضع لتقديرات سياسية، خصوصاً أنّ هناك خرائط منذ عهد الدول العثمانية تؤكد أن جزيرتَي تيران وصنافير مصرية، بحسب مراقبين. بيْد أن بعض المراقبين ذهبوا إلى أن حلايب وشلاتين جزء لا يتجزأ من التراب المصري، ولا يوجد للسودان حق فيها، بخلاف الجزيرتَين التي عليها نزاع ووجود بعض الوثائق والخرائط التي تؤكد التبعية للسعودية. في هذا السياق، يقول الدبلوماسي السابق، السفير إبراهيم يسري، لـ"العربي الجديد" إن واقعة الجزيرتَين ليست الأولى في التنازل عن الحقوق والتراب المصري، سبقها التنازل عن حقول الغاز في منطقة شرق المتوسط، وعدم رفع قضايا دولية ضد إسرائيل التي تسيطر على حقلَين للغاز، والثالث استولت عليه قبرص، من دون حتى الرغبة من مصر للتحقق من صحة موقف الدولتَين.

أمّا التنازل الثاني فكان في حقوق مصر بمياه النيل، بحسب هذا الدبلوماسي، وتوقيع إعلان المبادئ مع إثيوبيا، وهو اعتبار ضمني بأحقية بناء سد النهضة، وليس من حق أي رئيس التنازل عن أي حقوق مصرية تتعلق بالسيادة ووحدة الدولة. ويشدد يسري على أن التنازل عن تيران وصنافير يعتبر التنازل الثالث، من دون استبعاد وجود تنازل رابع يتعلق بالسماح للسودان بضم حلايب وشلاتين، ولكن وفقاً للتقديرات السياسية والمواءمات بين الدولتَين.
ويلفت إلى أن النظام المصري الحالي يمكن أن يُقْدم على أية خطوة بناءً على المعطيات السابقة، وإنْ كانت العلاقات مع السودان لا تدفع بقوة لناحية التنازل عن حلايب وشلاتين، لكن بوجود ضغوط يمكن حدوث الأمر. ويؤكد الدبلوماسي المصري، أن حلايب وشلاتين أراض مصرية خالصة، لوجود اتفاق على ترسيم الحدود بين مصر والسودان، بخط 12 وهو عرضي، ويدفع باتجاه أنها أراضٍ مصرية.
من جانبه، يتفق خبير في القانون الدولي حول أن حلايب وشلاتين مصرية وليست سودانية، ويختلف الوضع بالنسبة للجزيرتَين. ويقول خبير القانون الدولي لـ"العربي الجديد" إن "تيران وصنافير عليهما نزاع، ويوجد حتى خرائط تحددها للسعودية وأخرى لمصر، وبالتالي فاتفاقية ترسيم الحدود حسمت الموقف". ويضيف أن الجزيرتَين سعوديتان بحسب وثائق وخرائط عدة. وبالنسبة للخرائط التي تتحدث عن أنها مصرية، فهي تؤخذ في الاعتبار لكن تاريخها قديم للغاية، ويعود للقرن قبل الماضي، وفقاً للخبير. أما بالنسبة لحلايب وشلاتين، فيشدد على أنها أراضٍ مصرية بكل المقاييس والقواعد التي تحكم ترسيم الحدود، ولا مجال للحديث عن التنازل عنها. بينما يذهب الخبير السياسي، محمد عز إلى أن أزمة تيران وصنافير تتعلق بوجود إرادة سياسية للنظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي. ويتساءل عز، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن ماهية السبب الذي لم تتنازل من خلاله مصر عن الجزيرتين في وقت سابق، وبات الآن هناك اعتراف بأنهما سعوديتان. ويقول إن الإرادة السياسية للدولة المصرية إذا لم يكن لديها نية للتنازل، فكان يمكن أن تتحجج بوثائق وخرائط كثيرة، لكنها لم تفعل. 
وفي ما يخصّ مطالبات السودان بضم حلايب وشلاتين، فإن مصر ليس لديها إرادة للأمر، وبالتالي فالقرار المصري هو رفض الطلب السوداني، لعدم وجود مصالح مشتركة لدرجة العلاقات السعودية، بحسب عزّ. ويشدد على أن السيسي يحتاج للسعودية في الحصول على أموال لمحاولة القفز على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، وربما تم التنازل عن الجزيرتَين مقابل دعم مالي كبير، وتوقيع اتفاقيات ثنائية، والوعود بزيادة الاستثمارات السعودية. أما بالنسبة للسودان فهي تعتبر دولة أفقر من مصر، على حدّ تعبير الخبير.
على صعيد متصل، انتهت لجنة برلمانية مصرية من توصياتها بشأن زيارة منطقتَي حلايب وشلاتين ضمن وفود مجلس النواب الميدانية للمناطق الحدودية، الشهر الماضي. وتضمنت توصيات اللجنة أربعة عشر قطاعاً، من أهمها التعليم، والصحة، ومياه الشرب، والكهرباء، على أن يناقش تقرير اللجنة خلال جلسات الأسبوع المقبل، عقب الانتهاء من مناقشة برنامج الحكومة، وأخذ الرأي النهائي بشأن منح الثقة لها.
وتضمن تقرير اللجنة خمسة محاور. جاء الأول تحت عنوان "نظرة عامة على منطقة حلايب وشلاتين وأبو رماد". والثاني يتعلق ببرنامج اللجنة خلال فترة الزيارة. والثالث عمّا تم إنجازه، والرابع عن أهم المشاكل التي تعاني منها حلايب وشلاتين، والخامس شمل توصيات اللجنة. وأوصى تقرير اللجنة بإنشاء منفذ حدودي في منطقة سوهين الحدودية مع دولة السودان، على خط عرض 22 شمالاً لتسهيل حركة التبادل التجاري بين البلدين، وتحويل قرية أبو رماد إلى مدينة نظراً لأنها أقدم من مدينة حلايب، وذات كثافة سكانية كبيرة.
كما أوصى بضرورة إنشاء شبكة مياه لقرية أدلديت، وحفر آبار جوفية خاصة بالتجمعات السكنية، والبدوية التابعة لحلايب وشلاتين، وإنشاء سدود وخزانات أرضية للاستفادة من مياه الأمطار. وأوصت اللجنة بالعمل على توفير التيار الكهربائي لأهالي المنطقتين على مدار اليوم، واستكمال إنشاء أبراج الضغط العالي، واتخاذ التدابير اللازمة لتأمينها، ومد شبكة الهواتف الأرضية، وربطها بشبكة الإنترنت لتقديم الخدمات للمواطنين، وتقوية شبكة المحمول لكثرة شكاوى الأهالي من سوء الخدمة.
وأوصت اللجنة بإصدار مجلس الوزراء قراراً بتقنين وضع اليد على أراضي الدولة، وإنشاء وحدة مرور بمدينة شلاتين، ووحدة مطافئ في السوق التجاري، ووحدة للتأمينات والمعاشات، وإنشاء ميناء أبو رماد، والانتهاء من إنشاء ميناء عيذاب بحلايب. كما أوصت بإنشاء عدد كاف من مراكز الشباب لخدمة أبناء المنطقتين، وزيادة حصص المواد التموينية، والدقيق لأهالي المدينة حلايب وشلاتين لمواجهة الزيادة السكانية، وبناء 300 مركب صيد مجهز لتوفير فرص عمل للشباب بقروض ميسرة، وتوفير الوقود الكافي لتشغيل مراكب الصيد، وسرعة فتح باب التراخيص الجديدة، وملاحقة عمليات الصيد الجائر المخالف للقانون. 
العربي الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق