جاء تعديل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي السودانية مؤخرا لسعر صرف الدولار لاستيراد القمح وتوريده، من 4 إلى 6 جنيهات، بمثابة خطوة جديدة، اعتبرها مراقبون، ترفع عبئا آخر عن كاهل الحكومة.
وبحسب تصريحات وزير المالية السوداني، بدر الدين محمود فإن القرار "يساعد على إزالة التشوهات ومعالجة دعم الأسعار"، بعدما اتخذت الخطوة وفقا لنتائج العطاء الأخير لاستيراد القمح والدقيق، ولاتجاه الأسعار العالمية صوب التراجع.
ووصف وزير المالية الخطوة بالإيجابية، مشددا على "أنها تهدف إلى الخروج عن الدعم بصورة كلية، دون الضغط على المواطن للاستفادة من انخفاض أسعار القمح عالمياً".
وظلت الحكومة السودانية توفر الدولار لشراء وارادات القمح للمطاحن الكبرى في البلاد بسعر 2.9 جنيه مقابل الدولار حتى يونيو الماضي، وهو سعر صرف العملة السودانية مقابل الدولار خلال فترة الوفرة المالية التي عرفها السودان بعد تصديره للنفط، قبل أن يفقد نحو 70% من عائداته إثر انفصال الجنوب، حيث تتركز معظم حقول النفط، وما تبع ذلك من انخفاض عائدات السودان من احتياط النقد الأجنبي، وتدهور سعر صرف عملته.
غير أن الحكومة آثرت تكبد تكاليف كبيرة بالاستمرار في دعم سلعة استراتيجية ومؤثرة بمعيشة الناس، مثل القمح والدقيق، عوضا عن رفع الدعم، عنها تجنبا لاندلاع احتجاجات شعبية مثل تلك التي احتدمت في سبتمبر 2013 بعد قرار الحكومة رفع الدعم عن الوقود .
خطوات تمهيدية
ومهدت الحكومة السودانية لقرارها برفع الدعم عن القمح والدقيق من خلال رفعها لسعر صرف دولار استيراد القمح في يونيو الماضي من 2.9 جنيه إلى 4 جنيهات.
وعقب ذلك، جاء قرار فك احتكار استيراد السلعة التي كانت تهمين على سوقها بصورة كبيرة شركة مطاحن "سيقا"، التي أشارت تقديرات الى أنها كانت تحوز على 70% من سوق القمح والدقيق في البلاد، فيما تتوزع النسبة المتبقية على شركات مطاحن (ويتا) و(سين) ومطاحن أخرى أقل إنتاجا، وقد لاقى هذا القرار معارضة كبيرة من شركة سيقا قبل أن ترضخ له.
وعبر جهاز المخزون الاستراتيجي، الذى يتولى تأمين حاجة البلاد من الحبوب، طرحت الحكومة السودانية عطاء استيراد 500 ألف طن قمح و300 ألف طن دقيق، وجرى فرز نتائج العطاء الأسبوع قبل الماضي، إذ فازت شركة سين باستيراد 300 ألف طن من القمح، تلتها شركة سيقاف بـ200 ألف طن من القمح ، فيما فازت شركتا مطاحن سيقا وسيقاف بعطاء استيراد الدقيق، إذ حصلت الأولى على حق استيراد 200 طن دقيق، فيما نالت الثانية حق استيراد 100 طن.
سلة غذاء لا تسد جوعها
وطبقا لإحصاءات المنظمة العربية للتنمية الزراعية، يستورد السودان 62% من حاجته من القمح، التي تقدر بمليوني طن سنويا، تتكلف نحو مليار ونصف مليار دولار، فيما بلغ إنتاجه المحلى من القمح العام الماضي 473 ألف طن، وفق تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
مواطنون يخشون التداعيات
وتباينت أراء المواطنين السودانيين بشأن القرار، إذ قال محمد على أحمد لـ"سكاى نيوز عربية" إن على الدولة حماية المستهلك بتثبيت سعر ووزن الخبز، باعتباره سلعة استراتيجية، معتبرا أن أي زيادة ستؤثر على محدودي الدخل، وستكون عبئاً كبيرا تضاف إلى فاتورته الشهرية التي تضم أساسيات منها الماء والكهرباء والسكر والخبز.
بينما قال خالد محمد أحمد حسن، صاحب مخبز، إن الخطوة لن تؤثر على سعر الخبز، ما دامت المطاحن قبلت بالسعر وفق عطاء حددته بنفسها.
أما اتحاد المخابز السوداني، فقال إن سعر دولار القمح أصبح 6 جنيهات، من الناحية العملية، بعد فرز العطاءات وإجراء الحسابات الخاصة بالاستيراد، مشيراً إلى أن هذا الأمر لن يؤثر على أسعار القمح أو الدقيق، وبالتالي لن يؤثر على أسعار الخبز، وأوضح أن سعر جوال الدقيق زنة 50 كيلو للمطاحن يبلغ 116 جنيها، وللمخابز بحوالي 125 جنيها.
وأكد أهمية تنفيذ الخطة التي وضعتها الدولة للتوسع في زراعة القمح بهدف الاكتفاء الذاتي.