هاجم السودان من فوق منصة مجلس الأمن، المحكمة الجنائية الدولية، ودمغها بتدبيج الأكاذيب حيال الأوضاع في اقليم دارفور، قبل أن يدعو المجلس لنفض يده عن تقاريرها، والاستماع لمطالب اللجنة الوزارية لوزراء الخارجية الأفارقة الداعية للحد من تغول (الجنائية) في القارة الأفريقية.
وقال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمر دهب، في كلمته امام مجلس الأمن تعليقاً على التقرير رقم 23 المقدم للمجلس من مدعية الجنائية، إن الاخيرة تعمل على ممارسة اختصاصاتها بناءاً على "زعم كذوب غير رشيد عن أن النظام القضائي في السودان غير راغب وغير قادر على إمضاء العدالة".وشارك وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في اجتماع لجنة لمناهضة المحكمة الجنائية الدولية، عقد الخميس بنيويورك، من بين 7 وزراء أفارقة يمثلون اللجنة الوزارية التي كونها مجلس السلم والأمن الأفريقي لتوضيح الموقف الأفريقي من المحكمة.
واستشهد بما ورد في تقرير مشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وحكومة السودان، أقر بالجهود التي تبذلها حكومات الولايات ومدعي جرائم دارفور لمعالجة الجرائم التي ارتكبت خلال الصراع واستعادة القانون والنظام بنشر قوات إضافية من الشرطة.
وقال دهب إن مكتب الإدعاء للمحكمة لجأ الى "الكذب الصراح في تقريره المقدم امام مجلس الأمن فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية في دارفور".
وأشار إلى أن التقرير تحدث عن تدهور الأوضاع في دارفور وتردي الوضع الإنساني، وأضاف "كأنه يتسول مبرراً لاستمرار اختصاص المحكمة على السودان".
وقالت المدعية في تقريرها الذي اغضب مندوب الحكومة السودانية، إن مكتبها يواصل رصد الجرائم الحالية في دارفور، مبدية قلقها من زيادة عمليات القصف الجوي والهجمات البرية التي قالت إنها أسفرت عن مقتل 417 مدنيا وتدمير مائتي قرية.
ونوهت إلى تقارير تفيد بوقوع جرائم جنسية ضد النساء، تورط فيها قوات منحازة إلى الحكومة ومهاجمون مجهولون.
كما أشارت الى تقارير اخرى تتحدث عن أنشطة لقوات (الدعم السريع) التابعة للحكومة السودانية وتورطها في ارتكاب انتهاكات بوسط دارفور، علاوة على هجمات للقوات الحكومية والدعم السريع والجنجويد، لقرى في شرق جبل مرة، مدعومة بغارات جوية وقصف مدفعي.
وأحال مندوب السودان مجلس الى الأمن الى تقرير للفريق المشترك بين السودان والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي غطى ذات الفترة التي تحدث عنها تقرير مدعية المحكمة.
وأفاد أن الفريق المشترك أكد انخفاض النزاعات القبلية وانحسار الأعمال الإجرامية وزيادة التنسيق بين الأجهزة الأمنية والبعثة المشتركة في دارفور، لملاحقة المتورطين في الأعمال الإجرامية ضد البعثة والجهود المبذولة لحماية حقوق الإنسان في السودان.
ونبه عمر دهب الى أن قرارات مجلس الأمن والسلم الأفريقي وقرارات القمم الأفريقية المتعاقبة منذ 2008، استنكرت استهداف الجنائية للقادة الأفارقة.
وقال "الدول الأفريقية تتعرض اليوم لمشهد هو أسوأ من الاستعمار بإنكار حق المساواة السيادية على دولها وباستهداف قادتها فيما يمتنع اختصاص المحكمة عن جنسيات محددة مهما ارتكب حاملوها من جرائم.
وكان القادة الأفارقة رفضوا خلال العام 2013 قرار من المحكمة الجنائية بمثول الرئيس الكيني أوهورو كينيانا وطالبوها بتأجيل الخطوة استنادا الى النظام الأساسي لميثاق روما، لكن كينيانا قرر في وقت لاحق من العام 2014 المثول أمام المحكمة، كأول رئيس يقدم على تلك الخطوة وهو على سدة الحكم بعد أن نقل صلاحياته لنائبه.
وحققت المحكمة مع الرئيس الكيني لدوره المفترض في أعمال العنف التي تلت الانتخابات في نهاية 2007 وبداية 2008 وأسفرت عن سقوط أكثر من الف قتيل ونزوح ما يربو عن 600 ألف شخص، لكن المحكمة أسقطت الاتهامات ضده.
وأوضح المندوب السوداني لدى مجلس الأمن أن الدول الأفريقية التي استقبلت رئيس الجمهورية عمر البشير، رغم توقيعها على الجنائية، استقبلته وفاءاً لحقوقها وواجباتها كدول مستقلة وذات سيادة.
وتابع "أفريقيا التي تشاهد كيف يتم معاملة أبنائها والتمييز ضدهم لتعلم يقيناً انها بريئة من فظائع الحرب العالمية الثانية التي قادت الى انشاء المحكمة الجنائية، وأن على من يجعل الانضمام للمحكمة ركناً من سياساته الخارجية ويوفر لها معظم اموالها ويحتكر معظم وظائفها وينتقي انتقاءاً سياسياً من يشغلون ما تبقي من وظائفها ويربط ما يقدمه للدول من مساعدات تنموية ومساعدات انسانية باشتراط عضويتها للمحكمة، ان يعلم انه يضحي بمصداقية هذه المحكمة وحيادها".
وتلاحق المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني عمر البشير بحجة ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور، لكن الخرطوم ترفض الاعتراف بتفويض المحكمة وتتهمها بالعمل كاداة سياسية لاستهداف القادة الأفارقة.
وقرر قادة الاتحاد الأفريقي في وقت سابق مخاطبة مجلس الأمن الدولي لإرجاء النظر في الدعاوى المقدمة من المحكمة الجنائية ضد القادة الأفارقة سابقاً ومستقبلاً، مع الدعوة لتأجيل أي قرار ضد الزعماء الأفارقة طالما كانوا في المناصب الدستورية أو رئاسة الدول.
سودان تربيون