وسط إجراءات أمنية مُشدّدة وحضور كثيف لطلاب جامعة الخرطوم والناشطين في مجال حقوق الإنسان، بدأت الجلسة الثانية لمُحاكمة الطالب "عاصم عمر" عضو مؤتمر الطلاب المستقلين، الذراع الطلابي لحزب المؤتمر السوداني، المُتهم بمقتل شرطي نظامي إثر الأحداث الأخيرة بجامعة الخرطوم في الأشهر الماضية، والتي أدّت إلى إغلاق الجامعة حتى الآن.. وكان الحُضُور التضامني مع الطالب كثيفاً بمشاركة 22 محامياً للدفاع عن المتهم تطوعاً، وكانت المحكمة قد سمحت بدخول عدد من الطلاب والناشطين في حُقُوق الإنسان والإعلاميين لحضور الجلسة...
لحظات صمت قبل دخول القاضي..
بدا المتهم مُتماسكاً قبل دخول القاضي مع لحظات صمت عمّت القاعة حتى تحسبها قبوراً في صمتها، بالرغم من أنّها مُمتلئة حتى جنباتها مع وجود شرطي كثيف داخل القاعة.. حتى قطع الحاجب هذا الصمت بصوته الجهور مُنادياً "محكمة"، ثم دخل القاضي في هيبة ووقار مع مُرافقيه من الشرطة بعد أن وقف الحُضُور احتراماً للعدالة، ثم قام بتسجيل أسماء مُمثلي الدفاع الذين سيقومون بالمرافعة عن المُتهم.. فاختار 22 منهم لتمثيل الدفاع عن المُتهم من قائمة قاربت الخمسين محامياً.. وأربعة مُستشارين يمثلون النيابة "هيئة الاتهام" ثُمّ سَمَحَ للحُضُور بالجلوس..
اعتراضٌ من هيئة الدفاع...
قبل أن يقوم المُتحري بتلاوة ما جاء في التحري، قام مُمثل الدفاع مُعترضاً على أنّ هيئة الاتهام المتمثلة في النيابة لم تسلم القاضي خطبة الادعاء قبل تلاوة التحري، مُعللاً اعتراضه بأنّ مثل هذه القضايا كالتي تصل عقوبتها إلى الإعدام، والتمس من هيئة الاتهام الالتزام بتقديم خطبة افتتاحية تشمل مجريات البلاغ، وهو الأمر الذي رفضه القاضي عابدين حمد ضاحي قاضي المحكمة العامة بمجمع الخرطوم شمال، مُعللاً رفضه بأن خطبة الادعاء وجودها غير إلزامي.
مسرح الجريمة.. عربة دفار تابعة للشرطة...
ذَكَر المُتحري المُساعد شرطة محمّد الهادي إبراهيم أنه إبان أحداث المظاهرات التي قام بها طلاب جامعة الخرطوم احتجاجاً على نقل بعض الكليات إلى منطقة سوبا جنوبي الخرطوم مايو الماضي، فوقعت الأحداث في الناحية الجنوبية لمول "الواحة" بالخرطوم في حوالي الساعة الرابعة عصراً، وأضاف المُتحري بأنّ مَسرح الحَادث عبَارة عن عربة دفار في شَكل قَفص تَابعة لشُرطة العمليات، حيث أبلغ الشاكي عيسى الريح شرف الدين والد الجندي شرطة حسام عيسى من شرطة العمليات، بأنّ المتهم قام بإلقاء "الملتوف" الحارق داخل عربة الشرطة ممّا أصاب رجال الشرطة بإصابات مُختلفة ومن ضمنهم ابنه الراحل الذي تمّ نقله إلى مستشفى الرباط الوطني لتلقي العلاج، وأضاف بأنّه تم تحويله إلى وحدة العناية المُكثّفة وتوفي متأثراً بإصابته بواسطة أورنيك طبي تم تقديمه كمستند اتهام.. وبعد الكشف عليه اتّضح بأنّ لديه حروقاً من الدرجة الثانية في الوجه والصدر وأعلى البطن واليدين والجانب الأيمن والأيسر من الصدر.
التقرير الطبي...
ذكر المُتحري أنّ أسباب الوفاة التي جَاءت في التقرير الطبي بعد التشريح، التسمم الدموي الناجم عن الحريق، تم تقديمه كمستند اتّهام إضافةً إلى شهادة الوفاة، وأَضَافَ المُتحري أنّه تَمّ إرسال العربة الدفار للإدارة العامة للأدلة الجنائية للفحص المعملي، حيث تَمّ العثور على بودرة بيضاء وآثار حريق، ومن خلال تلك المُستندات عدّلت النيابة الاتهام من (139) من القانون الجنائي، المُتعلقة بالأذى الجسيم إلى المادة (130) القتل العمد، كما تَمّ استجواب الشاكي على يومية التحري ليمثل أولياء الدم واستجواب شهود الإثبات وهم جُنُود شُرطة العمليات بينهم ملازم أول شرطة وهو قائد العمليات، وأشار المُتحري بعد الرصد والمُتابعة أنّه تم القبض على المُتهم عاصم عمر الملقب بـ (بوب) الذي قام بالاعتداء على رجال الشرطة بـ(الملتوف) وكان يحمل معه حقيبة بها منشورات فيها بيان جماهيري من مكتب الطلاب الشيوعيين، وبيان للجنة الشبابية لمناهضة قيام سد الشريك، إضافةً إلى ساطور داخل الحقيبة - حسب التحريات.
اعتراض الدفاع على المعروضات المذكورة...
اعترض ممثل هيئة الدفاع على المعروضات التي وردت ذكرها في يومية التحري، مُعللاً بأنّها لا تخص البلاغ ويجب استبعادها لعدم وجود أي مدلول له علاقة بالجريمة، مُضيفاً بأنّها تمّ ضبطها لاحقاً، فَرَدّ القاضي بإرجائها إلى مرحلة وزن البيِّنات، ثُمّ واصل المُتحري أقواله وسرد أقوال المتهم والذي أوضح أنّه يدرس بجامعة الخرطوم كلية العلوم الإدارية وهو ينتمي للطلاب المُستقلين، وعلم من خلال "فيسبوك" أن هنالك اعتصاماً بالجامعة فحضر إلى الجامعة، وبعد أسبوع ذهب إلى الجامعة ووجد الشرطة تطوِّق الجامعة، وأضاف المُتهم بأنّه سبق الاعتداء عليه من قبل الأمن الطلابي، ونفى رميه للشرطة بـ (الملتوف)، كَمَا تَمّ إجراء طابور شخصية لستة شهود تحت إشراف مُلازم أول بعد توفر البيانات وجّهت له النيابة تهمة تحت (130) من القانون الجنائي، التي تتعلّق بالقتل العمد.
القاضي يرفض طلب هيئة الاتهام...
رفض القاضي عابدين حمد طلب هيئة الاتهام التي طَالبت ضم بلاغ الأذى الجسيم إلى البلاغ الحالي، معللاً بأن بعض أفراد الشرطة أُصيبوا في نفس البلاغ وهو الأمر الذي رفضه القاضي، بحجة أنّ بلاغات الأذى الجسيم لم تصله، مُضيفاً أنّ البلاغ الذي يصل إلى المحكمة لا يُمكن إرجاعه إلى النيابة مَرّةً أخرى بعد أن سارت الإجراءات فيه.
الدفاع.. فرصة لمُناقشة المتحري...
طالبت هيئة الدفاع بمنحهم فُرصة يقومون بتحديد من يمثلهم في مُناقشة المُتحري، وعليه تمّ تحديد جلسة أخرى لمُناقشة المُتحري.
وأوقف عاصم في الثالث من مايو الماضي من أمام جامعة الخرطوم، وأُقتيد إلى مقر أمني قبل أن يُحال إلى قسم الشرطة التي دَوّنَت في مُواجهته بدءاً بلاغاً تحت المادة 139 (الأذى الجسيم)، ولاحقاً عَدّلَت النيابة لائحة الاتهام لـ (القتل العمد) بعد مصرع الشرطي مُتأثِّراً بإصابته.