الجمعة، 31 يوليو 2015

أصحاب الحرف والمهن الصغيرة يجأرون بالشكوى


انقطاع وتذبذب الكهرباء أفقدنا الثقة وأثر على الإنتاج
الخرطوم: مظفر إسماعيل
أصحاب الحرف والمهن الصغيرة التي تعتمد مباشرة على توفر التيار الكهربائي جأروا بالشكوي من عدم توفر الكهرباء وتذبذبها مما أفقدهم الكثير من الألتزامات السابقة واللاحقة كما أنهم أشاروا إلى المعاناة الكبيرة التي ألقت على عاتقهم مسؤوليات كبيرة أفقدتهم أيضاً الثقة فيمن يتعاملون معهم من أصحاب المغالق أو من يشترون منهم بالجملة سواء كانت أخشاباً أو حديداً أو بوهيات أو كل ما يتصل بعمليات الحدادة أو النجارة بالإضافة إلى أن هذا الأمر ألقى بتبعاته على المسؤولية الاجتماعية للأفراد لاعتبارات أنهم يعتمدون على دخلهم برزق اليوم باليوم وليس لديهم دخول أخرى مؤكدين أن البعض اتجه الى شراء بعض المولدات التي لم تستطع الإيفاء بالضغط المناسب لعملهم كما أن الاتجاه الى إيجار المولدات أيضاً فشل خلال تجربته.
ويقول عدد من الحرفيين التقتهم "الصيحة" إنهم عرضوا مشاكلهم هذه على مسؤولي الكهرباء إلا أن الاستجابة لم تكن بالقدر المطلوب.
التقينا بصاحب ورشة طلاء سيارات صلاح يعقوب الذي يشكو من انقطاع التيار الكهربائي الذي لازمهم منذ الأربعة أشهر الماضية، مشيرًا إلى أن انقطاع التيار أجبر بعض أصحاب الورش لإغلاق ورشهم، ويقول: من الصعب شراء مولدات كهربائية، وايضًا يقول إن الورشة ليست لديها السيولة الكافية لشراء المولدات لأن ماكينة الطلاء تعمل بنظام ثلاثة خطوط كهربائية وهذا النوع من المولدات يبلغ سعره 130 ألف جنيه وهي تكلفة كبيرة جدًا على صاحب الورشة وأشار الى أنه توجد مولدات للإيجار ولكنها لا تولد الطاقة الكافية لثلاثة خطوط كهربائية, وبعض المولدات التي يتم إيجارها تؤدي لحرق الماكينات، وأضاف أن الورشة تستهلك 7 كيلو من الكهرباء في الساعة.
وتحدث لنا ربيع سراج صاحب ورشة للأثاثات الخشبية عن انقطاع التيار الكهربائي قائلاً إن الانقطاع كان أسبوعاً كاملاً قبل شهر رمضان وأصبح الانقطاع لفترات متباعدة وغالباً يكون انقطاع التيار في الفترة الصباحية حتى الفترة المسائية، وعند رجوع التيار يكون وقت العمل قد انتهى ومعظم العمال يكونوا قد خرجوا من العمل، وأضاف ربيع أن انقطاع التيار الكهربائي أيضاً أدى لمشاكل بين الورشة وبعض الزبائن لعدم قدرتهم على تسليم العمل في وقته, كاشفًا أن هنالك بعضاً من أصحاب الورش رفعت عليهم قضايا لعدم تسليمهم العمل في الوقت المناسب مشيراً إلى أنهم استلموا نصف المبلغ مسبقًا من الزبائن وتصرفوا فيه وصعب عليهم تسليم العمل وعدم القدرة على رد المبلغ الذي تم استلامه, وقال إنهم لا يستطيعون شراء مولدات كهربائية لأنها غالية الثمن مشيراً الى أنه بعد طول معاناة امتدت لأكثر من 3 شهور تجمع أصحاب الورش بالسوق الشعبي أم درمان وقاموا بزيارة لمدير هيئة الكهرباء بأم درمان وقدموا كل شكاواهم ومقترحاتهم للحد من هذه المشكلة التي أدت الى قطع أرزاق كثير من العمال لأن دخلهم باليوم مشيرًا الى أن مدير الكهرباء وعد بحل المشكلة وأصبح انقطاع التيار يوماً بعد يوم أيضًا له اثر على أصحاب الورش والعمال موضحاً أن انقطاع التيار الكهربائي يؤثر في الإنتاج وأن لديهم التزامات بتسليم عملهم في وقت محدد وتمنى ربيع سراج من الهيئة العامة للكهرباء توفير التيار الكهربائي لأن انقطاعه يسبب ضرراً كثيراً للمواطنين، وفي جولة للصيحة بالمنطقة الصناعية بام درمان التقينا بعوض حمد صاحب ورشة تصنيع خشبية وهو أيضا يشكو من انقطاع التيار الكهربائي الذي أثر على عملية التصنيع في الورشة وأشار الى أن لديه كمية هائلة من خام الخشب داخل الورشة لم تتم صناعته نسبه لانقطاع التيار الكهربائي المتواصل موضحاً أنه كانت لديه 15 ماكينة تعمل في التصنيع والآن مع الانقطاع المتواصل حاليًا تعمل 5 ماكينات فقط كما قال إن إيجار الورشة يبلغ 4 آلاف جنيه وأيضاً بالورشة 10 عمال يتقاضون 100 جنيه للعامل يومياً وبعد هذه الانقطاعات تقلص عدد العمال لأن الإنتاج أصبح قليلاً وأيضًا على الورشة التزامات كثيرة, موضحًا أن هنالك عدداً كبيراً من العمال تخلف عن السفر الى أولادهم لقضاء عطلة عيد الفطر ويقول إن أغلب أصحاب الورش اضطروا لقفل ورشهم.
ويتحدث لنا مبارك آدم عامل بورشة حدادة قائلاً إنهم يعانون منذ 4 شهور من انقطاع التيار الكهربائي ويقول باعتبارنا اصحاب انتاج يومي وطبيعة عملنا تحتاج الى وجود التيار الكهربائي في كل وقت بمعنى على مدار 24 ساعة ضروري جدا لأن كل إنتاجنا قائم بارتباط مع الزبائن بزمن معين أو مدة محددة، لذلك فإن كل وقت يمر والتيار الكهربائي قاطع فهذا يشكل لنا هاجساً كبيراً في عملية الإنتاج لأن المعدات التي نحتاج لها تعمل بالتيار الكهربائي لذلك قطوعات الكهرباء قد عطلت علينا عملنا, مؤكدًا أن هنالك بعض الزبائن قد تركوا الاتفاق الذي كان معنا بسبب التأخير في التسليم, وأضاف أن نسبة الاقبال تقلصت على الورش من قبل الزبائن بسبب الانقطاع الكهربائى المتكرر وأكد أن شراء المولدات يرجع لصاحب الورشة ومدى إمكانياته المادية لارتفاع أسعار المولدات.
الصيحة

التايمز: مهزلة في فرنسا بعد السماح للسعوديين بفرض أفكارهم على الريفيرا


انتقادات للسماح للملك السعودي "بفعل ما يشاء" على الريفيرا الفرنسية ونظرة على تراجع نسبة الانجاب في إيران وحض مواطنيها على إنجاب مزيد من الأطفال، إضافة الى تقرير يسلط الضوء على المقاتلين البريطانيين، من أهم موضوعات الصحف البريطانية.
وجاءت افتتاحية صحيفة التايمز تحت عنوان "المهزلة الفرنسية". وقالت الصحيفة إنه " لا ينبغي للعائلة المالكة السعودية أن يكون لها قول في اختيار جنس ضباط الشرطة الذين يعملون على حمايتهم في فرنسا".
وانتقدت الصحيفة السماح للملك السعودي بمنع الشرطيات الفرنسيات من المشاركة في تأمين الحماية له خلال تمضية إجارته الصيفيه على الريفيرا الفرنسية. ورأت الصحيفة أنه لا يمكن للعائلة المالكة جلب طريقة تفكيرها إلى أوروبا.
وأضافت الصحيفة أن تصرف الفرنسيين تجاه العائلة السعودية المالكة، أمر مخز للغاية، إذ انهم وافقوا على منع المصطافين من ممارسة رياضة السباحة بالقرب من منزله، إضافة إلى الموافقة السريعة على بناء مصعد يصل المنزل بالشاطيء.
وقالت الصحيفة إنه من المستحيل أن يتوقع المرء الحصول على بعض الخصوصية في الريفيرا الفرنسية في آب/أغسطس.
وسلطت الصحيفة الضوء على التصريحات الفرنسية التي قالت إن "السماح للملك السعودي بفعل ما يريد، هو أقل شيء يمكن تقديمه له، لأنه حليف هام في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية".
ورأت الصحيفة أن حجة الفرنسيين "واهية".
وختمت الصحيفة بالقول إنه " في أوروبا، النساء والرجال متساوون امام القانون، وإن كان هذا الأمر يزعج الملك السعودي، فله كامل الحرية بالذهاب إلى مكان يعجبه أكثر ، ألا وهي السعودية".
BBC

سفير مصر بالسودان: اتصالات على أعلى مستوى للإفراج عن الصيادين المحتجزين



أكد سفير مصر في السودان أسامة شلتوت، أن اتصالات وجهودا تبذل على أعلى مستوى بين مصر والسودان للإفراج قريبا عن الصيادين المصريين المعتقلين في السودان بتهمة إختراق المياه الإقليمية بدون تصريح، بعد إعادة اعتقالهم ومحاكمتهم رغم حصوله على البراءة.

وقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط: إننا "نثق في نزاهة القضاء السودانى، ونثق في حصولهم على البراءة مثلما حدث في المرة الأولى"، مشيرا إلى أن "الصيادين المصريين كانوا متجهين للصيد في الشواطىء الإريترية ولديهم تصاريح بذلك ولم يكن هدفهم الصيد في المياه السودانية".

وأضاف شلتوت أن "السفارة المصرية في السودان تبذل منذ اليوم الأول أقصى الجهود بالتنسيق مع القنصلية العامة في بورسودان والاستعانة بمحامية سودانية والمستشار القانونى للسفارة لمتابعة جميع درجات التقاضى والاطمئنان على الصيادين وأحوالهم الصحية وتوفر الرعاية لهم والتواصل مع ذويهم في مصر"،..وتابع إنه جرى معاودة المحاكمة رغم حصولهم على البراءة.

من جهة ثانية، أوضح السفير شلتوت أن العلاقات بين البلدين شهدت تطورا ملحوظا منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مهام منصبة، حيث زار السودان في أول جولة له خارج مصر، واتفق مع أخيه الرئيس عمر البشير على مواجهة التحديات المشتركة وتعزيز ودعم الشراكة والتعاون بين البلدين، وأعقبها زيارة البشير لمصر، لافتا إلى الاتفاق على رفع مستوى رئاسة اللجنة المشتركة إلى المستوى الرئاسى وقد التقى الزعيمان 8 مرات حتى الآن خلال أقل من عام وهو مايعطى دفعة قوية للعلاقات التاريخية بين البلدين.

وكشف أن إجمالى الاستثمارات المصرية في السودان بلغت نحو 11 مليار دولار منذ عام 2000 حتى الآن في شتى المجالات ون مصر تحتل المرتبة الرابعة من حيث حجم الاستثمارات في الشقيقة السودان.

وأوضح أن مجالات الاستثمار تتركز على الاتصالات والتصنيع وخاصة صناعة الأدوية حيث يوجد خمس شركات أدوية تعمل بالسودان بهدف توطين صناعة الدواء لتوفير احتياجات السوق والتصدير للدول المجاورة كما أن هناك بعض المزارع للقطاع الخاص، مشيرا إلى أن نسبة الاستثمارات الزراعية مازالت ضئيلة رغم ما يتمتع به السودان من مساحات شاسعة صالحة للزراعة، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية تولى اهتماما كبيرا بزيادة الاستثمارات الزراعية في السودان وتصب الزيارات المتكررة لوزيرى الزراعة والرى إلى الخرطوم في هذا الجانب.

ونوه بافتتاح المنافذ البرية بين البلدين التي تأتى في إطار اتفاقية الحريات الاربع لتنقل المواطنين والسلع ورءوس الأموال وهى "العمل والانتنقل ولاقامة والتملك"وكذلك في إطار تعزيز التعاون والتبادل التجارى بين الدول العربية والأفريقية، من خلال المناطق الحرة بين البلدين التي تفتح المجال لمنتجات كل منهما بالنفاذ على الدول المجاورة للطرف الثانى.

وتابع: أن اتفاقية الحريات الأربع بين البلدين تفتح الباب واسعا أمام المواطنين في الجانبين والعمالة المصرية للعمل هناك، مشيرا إلى أن عدد العمال المصريين يبلغ نحو مائتى ألف عامل يعملون في مختلف المهن والتخصصات. 

وشدد على أن هناك تعاونا وتنسيقا كاملا بين البلدين لضبط الحدود ومواجهة عمليات التهريب سواء للبشر أو الأسلحة والمخدرات كما تقف البلدان موقفا مشتركا حازما في مواجهة الإرهاب.

يذكر أن الرئيس عمر البشير سوف يزور مصر خلال أيام لحضور الاحتفال العالمى لافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة والالتقاء مع الرئيس السيسى لتبادل وجهات النظر حول سبل دعم وتعزيز العلاقات الأخوية وحل القضايا العالقة.

البوابة

مصادر: بنك السودان المركزي يخفض الدعم لمشتريات القمح المستورد




رفع بنك السودان المركزي سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني الذي تشترى به واردات القمح وهو ما يؤدي في الواقع إلى خفض الدعم لمشتريات القمح المستورد.
وقال مسئول بشركة سين للغلال المملوكة للدولة لوكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا" يوم الأربعاء إنه من المنتظر أن يرفع قرار الحكومة أسعار القمح بنحو 35 في المئة مضيفا أن الدعم الكبير الذي تدفعه الحكومة لواردات القمح أدى إلى نقص تلك السلعة الأساسية في السوق.
وأكد مصدر مصرفي وتاجر قمح سوداني هذا التغيير قائلين إن البنك المركزي بعث بوثيقة إلى الأطراف المعنية تنص على أن سعر الصرف سيتغير من 2.9 جنيه سوداني للدولار إلى أربعة جنيهات لواردات القمح.
وقال العاقب عبد الرحيم وكيل سين إن مبالغ ضخمة من الجنيهات تذهب إلى دعم القمح ولا يستفيد منها المواطن بل يستفيد منها منتجو القمح في الدول الموردة.

البوابة

السودان.. عطش بأرض النيلين



قليلون فقط ربما لا يعرفون أن العاصمة السودانية الخرطوم يقسِمها نهر النيل ورافده إلى ثلاثة مدن هي الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان. قليلون أيضا لا يعرفون أن تلك المدن يعاني سكانها العطش هذه الأيام رغم أن مياه الشرب في السودان ليست جوفية أو بحاجة لسدود تحبس مياه الأمطار حتى ينعم الناس بجرعة ماء.

يعطش السودانيون صيفا ويغرقون في مياه الأمطار خريفا.. مفارقة تختزل فشلا حكوميا لا يحتاج الى دليل، فموارد البلد الطبيعية لا تجد من يديرها ولا يبدو أن المواطن السوداني ينتظر شيئا غير ما تجود به الطبيعة.

في أطراف العاصمة الخرطوم تنتشر تجارة المياه الصالحة للشرب بشكل كبير، هناك أيضا أفسحت السيارات الطريق لعربات تجرها الدواب تعمل في نقل الماء بين الأبار والمنازل فالصورة تعيد السودانيين الى ما قبل الثورة الصناعية.

الحكومة .. قصص الوعود السراب

قبل سنوات انتصب الرئيس السوداني عمر البشير يوم افتتاح سد مروي شمال السودان ليبث للداخل والخارج بشرى أن زمن الظلام والعطش قد انتهى، فالمشروع سوف ينهي مشاكل الملايين مع انقطاع التيار الكهربائي والإمداد المائي، وأن تعرفة الكهرباء في القطاع السكني سيتم تخفيضها. الآن وبعد كل تلك السنوات لم يتغير شيء بل أن الحكومة تمسك بخطط جديدة لرفع تعرفة الكهرباء تنتظر فقط اللحظة المناسبة لطرحها خصوصا  وأن "الماء والنور" هذه الأيام باتا حلما يستدعي الحصول عليهما التظاهر في الشارع والكتابة في الحوائط والأسافير بمختلف منصاتها.
الشخصية السودانية تخلت عن تحفظها المعهود على وقع الضغوطات المعيشية اليومية، التي ايقظت فيه حس السخرية والانتقاد الصامت في بعض الأحيان. وهي حالة يقول الواقع في دول الربيع العربي أنها سبقت احتشاد التونسيين والمصريين واللبيين والسوريين واليمنيين في الشوارع والميادين العامة لمطالبة انظمتهم بالرحيل. فما الذي يجعل السودان استثناءا مادام الجوع واحد؟. 
سكاي نيوز

الصادق المهدي يغادر مربع الصبر



طارق الشيخ
نادراً جداً أن تجد السياسي السوداني البارز رئيس حزب الأمة، الصادق المهدي، غاضباً أو خارجاً عن طوره، فهو مهذب طويل البال جميل الكلام. هو رجل أمدرماني أصيل، يحمل الأجمل من صفات الأمدرماني من شهامة واستقامة وتهذيب وتواضع. في أمدرمان، يختلط السودان بكل أعراقه المختلفة وإثنياته في تحابّ جميل. مرّة كانت زوجة الصادق المهدي سارة، وهي جبلت على تحمل الرزايا، وتحملت مثله سمات أهل أمدرمان من صبر وسماحة، في أمسية في الدوحة، وقالت لمشاركة في مؤتمر زارتها: "الصادق رجل عجيب.. لا أتخيل كيف يمد يده مصافحاً الجماعة ديل، بعد كل الأذى الذي ألحقوه به وبأولاده". و"الجماعة ديل" لفظة عبقرية من قاموس العزل وحصار الشعب الانقلابيين من أنصار الإخوان المسلمين منذ لحظة الانقلاب الأولى عام 1989. فيقول أحدنا "الجماعة ديل.." قاصداً أنصار الجبهة الإسلامية الحاكمة، بمسماها الجديد "حزب المؤتمر الوطني". وهو تعبير عميق أصبح ثقافة تميز بينهم ونحن. قالت السيدة سارة تلك العبارة، وسط حصار من الاستغراب المحبب، كيف يضع الصادق يده على يد من آذوه، وكما وصفهم هو، ولا أحد غيره. وحكى لي التجاني الطيب، وكان رفيق السجن عقب انقلاب عمر البشير وبعد ليلة عصيبة، أن الصادق المهدي سمع في تلك الليلة الكثير من البذاءات والسباب والانحطاط والاستخفاف به، والأذى في نفسه، ولم يسلم منه حتى أنجاله وأسرته. 
خطبة عيد الفطر المعتادة للصادق المهدي هذه السنة كانت غير عادية. ليست جريئة كما اعتاد الناس عليها فحسب، بل خارجة عن سياق الصبر الجميل، والأمل الذي عُرف به الرجل. شيء لافت فعلاً، فقد صدرت فيها إشارتان تعبران عن حالة من ضيق شديد بلغه تجاه الحكومة، وما وصلت إليه السودان من أوضاع متردية على جميع الصعد. فقد كان نجله عبد الرحمن مستشار الرئيس البشير يصل إلى القاهرة، وسط زفة من جوقة إعلاميي الحزب الحاكم، أنه سيعيد والده إلى الوطن ودائرة الحوار الوطني. فخرجت إشارة الصادق، هذه المرة وعلى غير العادة، قوية، "وناشفة" كما يقال، فهو ليس فقط يرفض لعبة الحكومة التي باتت مملة للغاية، بل زاد عليها أنه خرج عن لغته المهذبة، ليدعو، في خطبته يوم الجمعة (يوم العيد)، القوى السودانية الرافضة نظام الخرطوم إلى "توظيف ملاحقة الجنائية الدولية الرئيس، عمر البشير، في تحقيق خيارها الأول بالانتفاضة الشعبية، وصولاً لإسقاط النظام، أو قبول الحكومة بمطالب الشعب المشروعة". وكان حديثه هذا لافتاً، على الرغم من أنه لم يحظ بنصيب من الضوء، ربما لمصادفته احتفالات عيد الفطر. 

قال المهدي في خطاب وجهه للأمة السودانية بمناسبة عيد الفطر "إن مسألة اعتقال البشير من محكمة لاهاي مسألة وقت. هذا إذا لم يقرر مجلس الأمن اعتقاله"، وأضاف "هذا يجعلنا، كقوى المستقبل الوطني، أمام خيارين. الأول، أن نعتبر الملاحقة لقيادة النظام رافعاً، يدعم جهادنا المدني لعزل النظام في سبيل تحقيق الانتفاضة السلمية التي تراكمت عوامل مولدها. والثاني، استجابة النظام لمطالب الشعب المشروعة للاتفاق على معادلة توفق بين الاستقرار والمساءلة وبين العدالة الاستباقية والعقابية، عن طريق المحكمة الهجين، أو أساليب العدالة الانتقالية الأخرى". ومعروف عن المهدي حسن اختياره كلماته، وهذه المرة الأولى التي يكون فيها على هذا القدر من الوضوح، مخاطباً الحكم بقيادة عمر البشير "حكمتم البلاد 26 عاماً بالقهر، وأنتم الآن في أضعف حالتكم، وتواجهون إخفاقات في إدارة الأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية". 
ضرب المهدي على الوتر الذي يزيد من درجة التوتر عند الرئيس عمر البشير نفسه، وهو وتر المحكمة الجنائية الدولية، فاختياره توقيت وصول نجله إليه في القاهرة، وهي على الأرجح زيارة تصب في اطار الجمعة العائلية في أيام العيد، وإطلاق هذه الرسالة القوية والموقف الواضح يدلل على أنه ليس فقط غادر محطة الصبر والتحمل، بل إنه قد فقد كل أمل في الابتعاد عن دائرة الصدام التي طالما عمل على تجنبها دوماً، ضمن ما أسماه النضال المدني السلمي. وبكلماته هذه، ربما أراد الصادق استباق الشائعات التي أخذت دوائر الحكومة تبثها أن الحكومة على اتصال مع الصادق المهدي للعودة، واستئناف الحوار الذي توقف عملياً من اللحظة التي اختارت الأجهزة الأمنية فيها اعتقاله وإهانته، وهو الذي كان الأكثر حماسة وتقبلاً لفكرة الحوار، من دون كل القيادات السياسية الأخرى المعارضة. 
يغلق الصادق المهدي بهذا الموقف الأبواب أمام فكرة الحوار على طريقة الحكومة المراوغة، ويفتح احتمالات المواجهة والتصعيد. 
والأرجح أن الحكومة سوف تستمر في نهجها الذي يهوم في ضروب من الوهم والخيال الخائب. والمهم، هنا، كيف سيمضي الصادق المهدي في هذه المواجهة التي اختارها في توقيتٍ يواجه فيه الحكم أوقاتاً صعبة وعصيبة. 


طارق الشيخ
 كاتب وصحفي سوداني، دكتوراة من جامعة صوفيا، نشر مقالات وموضوعات صجفية عديدة في الصحافة العربية، يعمل في صحيفة الراية القطرية، عمل سابقاً رئيس تحرير ل "الميدان" الرياضي السودانية. 


العربي الجديد

جبهة لإجهاض زيادات أسعار تنوي الحكومة السودانية فرضها




أعلنت قوى "نداء السودان" التي تضم المعارضة السودانية السلمية والمسلحة، حالة التعبئة العامة وسط القوى المدنية والسياسية لمقاومة الزيادات في أسعار السلع والخدمات، التي شرعت الحكومة السودانية في دراستها، تمهيداً لإقرارها من قبل البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وبدأ حراك واسع داخل الأوساط السودانية، لإجهاض الزيادات التي كشفت عنها الجهات المختصة في الخرطوم برفع تعريفتي الكهرباء والماء، ولوّحت أحزاب مشاركة في الحكومة الحالية، بينها الاتحادي الأصل، بزعامة محمد عثمان الميرغني، بالانسحاب من الحكومة حال التمسك بإقرارها باعتبار أن فيها إرهاقا للمواطن السوداني.

ويرى مراقبون أن الزيادة في حال إقرارها، من شأنها أن تقود إلى احتجاجات شعبية بالنظر إلى الاحتجاجات التي أحدثها قرار الحكومة في سبتمبر/ أيلول 2013 بزيادة أسعار المحروقات، وما أسفر عنه من تداعيات، بعدما تسبب في مقتل وجرح نحو سبعمائة شخص بالرصاص الحي. ولا يتوقع محللون أن يرفض البرلمان الزيادات، باعتبار أن الأغلبية الساحقة فيه لعضوية المؤتمر الوطني، التي تلتزم بقرار الحزب بينما المقاعد الأخرى يشغلها حلفاء الحكومة.


وقالت قوى "نداء السودان" التي تضم أحزاب تحالف المعارضة، وبينهم "الحزب الشيوعي" فضلا عن الحركات المسلحة الدارفورية والحركة الشعبية قطاع الشمال، في بيان تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، إن "الحكومة عادة ما تلجأ في أزماتها الاقتصادية للخيارات التي ترهق المواطن بدلا من اللجوء للخيارات الجادة والمتمثلة في إيقاف الحرب المنتشرة بأطراف البلاد"، مشيرة إلى أن الحرب تكلف خزينة الدولة أربعة ملايين دولار يوميا.

وأضاف البيان "لكنها تركن لتحمل المواطن ثمن حروبها وفسادها وفشلها بسبب سياساتها التي قادت لإفقاره"، وتنبأت القوى باستمرار أزمة الخدمات والأزمة الاقتصادية وسياسات الحرب في ظل النظام الحالي، وتابعت قائلة: "إذ نعلن عن التعبئة العامة ندعو كافة القوى المدنية والسياسية لحراك جماهيري مقاوم لزيادة أسعار السلع والخدمات، فالنظام ضعيف ومعزول وقوة الشعب السوداني في وحدته والتفافه حول قضاياه الرئيسية". 

وأعلنت تلك القوى رفضها القاطع لاتجاه الحكومة لزيادة سعر صرف الدولار الجمركي لاستيراد القمح من 2.9 إلى 4 جنيهات، وأكدت أن الخطوة من شأنها أن تمثل عبئا إضافيا على المواطن.

وبدأت الحكومة الأسبوع الماضي دراسة زيادة اقترحتها وزارة الكهرباء والموارد المائية برفع تعريفتي الكهرباء والمياه بنسبة 100 في المئة لضمان استقرار خدمات الإمداد، لكن الرئيس السوداني عمر البشير وجه في الاجتماع بمرعاة الشرائح الضعيفة وعدّها "خطا أحمر".

وجاءت المقترحات بعد موجة قطوعات واسعة للكهرباء والمياه شهدتها البلاد أدّت إلى تظاهرات سلمية في بعض المناطق ونفذت بعدها شركة الكهرباء برمجة قطوعات شملت جميع أنحاء الخرطوم، لمواجهة النقص في إنتاج الكهرباء بينما لا تزال الأزمة قائمة حيث تشكو مناطق سودانية من انقطاع المياه لأكثر من شهر.


العربي الجديد