صدقت السفارة المصرية في الخرطوم في تصريحها لجريدة (الرأي العام)، بـان (العلاقات مع السودان) مش لعبة.
-1 وبهذا التصريح تكون السفارة المصرية في الخرطوم قد سبقت وزارة الخارجية في القاهرة التي أبطأت في الرد على التوضيح الذي طلبته منها سفارتنا في القاهرة حول أسباب الاعتقالات الممنهجة لمئات السودانيين في القاهرة، ويمكن القول إن إبطاء الخارجية المصرية في الرد على سفارتنا، هو ما دفع البرلمان السوداني لاستدعاء وزير الخارجية لمساءلته حول أوضاع السودانيين بمصر
-2 وهو أيضاً الذي دفع مقرر لجنة (الحريات الأربع) الدكتور إبراهيم دقش، للمطالبة بتجميد الاتفاق بشأنها.
-3 كما أدى إلى مطالبة الرئيس البشير بالتدخل شخصياً لحسم مضايقات السودانيين في مصر
-4 لن ننزلق إلى ما انزلق إليه الإعلام القاهري
والمؤكد أن وزارة الخارجية المصرية – وهي الجهة الرسمية المعنية التي خاطبتها سفارتنا في القاهرة- لاتجهل، مدى القلق الذي يشعر به السودانيون عموماً، وذوو المعتقلين خصوصاً، فالجميع قلقون جداً على مصائر المعتقلين، ويتلهفون لمعرفة الأسباب التي دفعت السلطات المصرية لهذه الإجراءات العدائية، والتي صعدتها الصحف ووسائل الإعلام في القاهرة ضد السودان، حكومته وشعبه بكتابات وكلام من البذاءة بمكان، نربأ بألسنتنا وبأقلامنا وبأخلاقنا الإنسانية والمهنية ترفعاً لاعجزاً، من أن ننزلق لمثلها، بل أرى كـ(صحافي وكاتب، وربما كثيرون مثلي) ندعو لعدم تعجل (ردود الأفعال الغاضبة) بما قد يمس العلاقات بأضرار تطال العلاقات الثنائية رغم خصوصيتها أسرياً واجتماعياً، وسياسياً وتجارياً وأمنياً، قد نحتاج لوقت طويل لتجاوز آثارها السلبية على الصعيدين الرسمي والشعبي، لأننا نعتقد – ما يعتقد إخواننا في السفارة المصرية بالخرطوم -أن(العلاقات مع مصر « مش لعبة»)، تماماً مثلما قالوا:(إن العلاقات مع السودان «مش لعبة»).
لابد من توضيح خطوط حمراء لثوابت كل جانب
ومقولتنا، وكذلك مقولة السفارة المصرية بالخرطوم عن علاقات بلدينا، تقتضيان من صناع القرارات السياسية في القاهرة(بيان رؤية إعلامية وصحافية مصرية للسودان)، تضع (الخطوط الحمراء) تحت الثوابت التاريخية والحديثة المعاصرة التي اقتضتها سنة التطور الحضاري، الفكري والثقافي الديني والوضعي، الذي عليه كل جانب، بما يحفظ للدولتين تعاونهما في السراء والضراء، وتقاسمهما «الحلو والمر»، دون تعدٍ من أحدهما على حقوق الآخر السيادية، والوطنية والإنسانية، مع التلاحم بمواجهة التحديات التي تهدد حقوق الآخر وأمنه وسلامته، أو يمس استقلالة، أوكرامة أهله. فالإساءات التي بدرت من الصحف ووسائل الإعلام في القاهرة ضد السودان رئيساً وحكومةً وشعباً، تدل على أمرين، أحلاهما مر:
الأول: تشجيع حكومي لتلك الإساءات الصحافية والإعلامية لدوافع تتعلق بأهداف سياسية تعارضت معها سياسة سودانية، أو يريد منها صناع القرار السياسي في القاهرة (ضغطاً ساسياً وإعلامياً ممنهجاً على الحكومة السودانية).
الثاني: أن الصحافيين والإعلاميين الذين هم الآن يقودون حالياً العمل الإعلامي والصحافي في مصر، غلَّبوا (الأيدلوجيا) التي يؤمنون بها لخدم توجه أيدلوجي رسمي، أو يريدونه أن يكون رسمياً حتى لو لم يكن معبراً عن ثقافة الأغلبية المصرية، وتعارض تعارضاً بيناً مع التوجه الفكري السوداني الحالي الذي يمكن القول بأنه يمثل توجه الأغلبية السودانية، أو أنهم يرفضون التوجه الفكري الحضاري للسودان، ولم يحتملوه في السودان الجار الذي مازالوا ينظرون، أو -كما أعرف الكثير عن جيل أغلبهم- أنهم (يجهلون) السودان جهلاً لا يليق بمن هم في مقدمة المهنيين الصحافيين والإعلاميين، فمن بين جيلهم من التقيتهم بدار نقابتهم بشارع عبدالخالق ثروت في يناير 1978وسألوني: ( هل الحيوانات المفترسة تعيش بينكم في المدن)؟. وكانوا جادين في السؤال إلى حد أن (شهقت) بعض الصحافيات من الرعب الذي انتابهن من إجابتي عن السؤال ساخراً بـ(نعم)! وذلك السؤال يفضح مدى تغييب المناهج الدراسية في مراحل التعليم العام، وربما التعليم العالي أيضاً لأي (معلومات عن السودان) تدرس للطلبة والطالبات، عدا أن السودان كان محكوماً من مصر ومن الإنجليز، وأن نظرة الساسة المصريين في القرن الماضي للسودان كـ(حديقة خلفية) مازالت هي نظرة بعضهم من المشاركين في صنع القرارالسياسي وغيره عن السودان اليوم!. إن العلاقات السودانية المصرية، لن يساء إليها من جانبنا، فنحن أدق تقديراً لها، ووعياً بفوائدها لكلينا، وحرصاً عليها ما دام أشقاؤنا في الشمال يبادلوننا التقدير، والوعي والحرض، عليها لتظل بعيدة عن التقلبات السياسية والفكرية والتجاذبات الخارجية من جانب ذوي الأطماع والمصالح المتقاطعة مع مصالحنا المتبادلة .
الطيب شبشة
الانتباهة