الأحد، 27 مارس 2016

المواطن الصحافي يكذب أيضا

وهذه واحدة من الظواهر البشرية العجيبة التي لم تشهدها الأرض من قبل. كائنٌ جديدٌ ملتبسٌ انتقل من مرحلة المظلومية المعلوماتية، إلى خانة المعلومة المتاحة المتوفرة مجانا، فصار ظالما لا يوقفهُ ضميرٌ ولا حياء ولا عهد كتابة، وهو خارج تماما عن ثقل أيّ قانون أو ميثاق مهنة. هو الآن شريك في صنع الخبر، وصارت تلفزيونات كثيرة تلجأ إليه وتستعين به وتبثّ مشغولاته المكتوبة والمصورة.
هو يصنع فضاءه الخاص ببيته بعد أنْ وفّر له الفتى مارك أبو الفيسبوك، خدمةً مجانية يبدو أنها ستظلّ كذلك، لأنّ مارك ابن أبي مارك يجني من هذا البث الإلكتروني العظيم، ملايين دسمة من الدولارات التي هي من كدّ الآخرين حتما، لكن الأرباح لا توزّع عليهم في أخير السنة. كان ما يسمى الآن المواطن الصحافي، كثير الشكوى والشك والتذمر من صدقية وسائط الإعلام الضخمة التي غزتْ الفضاء وتمددت بشكل غير مسبوق حتى أصبحت أعظم عملية تدويخ وتخريب أفسدت مخّ البشر وغبّشت أعينهم ورؤاهم، وعندما امتلك هذا الشريك الجديد وسيلته الخاصة، صار يكذب ويبلبل ويضلل بغير حساب وحسيب.
من أدواره الملتبسة، هو قيامه بالاعتراض والفضح واقتراح الحلول، وهذه أمور حسنة، لكنه وساعة اشتغاله على ترتيب وتركيب ونشر صراخه الذي يبدو حقا، فإنه يقع في مطب الهوى الخاص والخلفية الثقافية والدينية والمهنية، أو حتى في منطقة الرشوة، إذ ولدت على هامش هذا الفعل المجاني الكبير، ظاهرة تشكيل غرف وجيوش إلكترونية، هدفها التشويش والتسقيط وأيضا تلميع وجوه الحرامية والخائنين والقتلة، والمساهمة الفعالة في نشر الفوضى وسكب الزيت فوق نيران الجنون والموت الذي يضرب مغارب الديار ومشارقها وقلبها.
حتى الآن لا توجد قوة قانونية مؤطرة بمقدورها سحل المواطن الصحافي الخاص إلى قفص العدالة، لأن صفحته على الفيسبوك ومشتقاته العجيبة، غالبا ما تكون باسم وصورة ومعلومة مزورة مستعارة لا تؤدي إلى الفاعل الحقيقي، فهو يشتمك ويؤذيك ويقتلك وبلادك قتلا يبدو إلكترونياً، لكنه سيتحول بعد قليل من الدهر إلى مقتل معنوي موجع، وعندما تهيء ما تيسر من سلاح ردع تحت يمينك وشمالك، ستكتشف أنك تقاتل شبحاً إنْ تمكنتَ منه بالمصادفة وحسن الحظ، نطّ عليك من مكانٍ ثانٍ وثالثٍ وعاشرٍ، ما دامت وسائله متاحة ومجانية، والأقنعة التي يلبسها ستظل دائماً خارج عين القانون العادل.
علي السوداني
العرب

'المركوب' السوداني حذاء الوجاهة وعلاج القدمين


المركوب” حذاء سوداني مميز أضحى مع مرور الأيام علامة سودانية مسجلة، منذ مئات السنين، ومر عبر تاريخه الطويل بمراحل تطور عديدة، وبلغ مرحلة أضحى فيها المركوب المصنوع من جلد النمر والفهد من بين أبرز علامات الثراء والوجاهة، لكنه يشهد اليوم مراحل أفوله بسبب الدخلاء على صناعته والأحذية المصنعة التي غزت الأسواق.

الخرطوم - يُطلق على الحذاء السوداني التقليدي اسم “مركوب”، ويجمع على صيغة “مراكيب”. وهو حذاء رجالي يصنع من جلود الحيوانات. وبدأت الأحذية بمركوب يدعى “كلودو”، وهنالك حذاء يدعى “أبوأضينة”، ثم المركوب التقليدي الذي استمر حتى الآن.
وتعتبر صناعة “المراكيب” من أقدم وأعرق الصناعات اليدوية فى السودان، وتتميز بها مناطق عدة وتعتبر دارفور من أشهر هذه المناطق، فالمركوب “الفاشري” من أشهر وأجود الأنواع وارتبط بمدينة الفاشر، وكذلك مركوب “الجنينة” وتتميز مدينة الأبيض كذلك بهذه الصناعة، ويعتبر سوق المراكيب (زريبة العيش سابقا) من أشهر الأسواق بالمدينة.
ويقول أحمد ود الحنان صاحب محل للتحف والهدايا وصناعة الجلود، إن المركوب السوداني يصنع من عدة جلود، مثل جلد الأصلة وجلد الضأن وجلد البقر والتيس والورل والكوبرا وجلد “كديس الخلاء”، إضافة إلى جلد الفهد، والغالي جدا جلد النمر، وهناك بعض الجلود دخلت في صناعة الأحذية كفرو جلد الأرنب والتيس الجبلي خصوصا في الأحذية النسائية.
ويتألف المركوب السوداني يدوي الصنع من الأرضية، وهي أسفل الحذاء، وتصنع من جلد البقر، وتدبغ وتمسح بالقطران، ثم تأتي مرحلة صناعة الجزء العلوي منه وعادة ما يصنع من جلد التيس، وهو أغلى من جلد الماعز، ويتمتع بالقوة وتصنع منه أيضاً الجوانب الداخلية من الحذاء، ثم تأتي مرحلة الخياطة، وتكون يدوية باستخدام خيوط القطن، وتدعى هذه المرحلة بـ”التبريش”.
وتتنوع “المراكيب”، منها مركوب “الجزيرة أبا”، الذي يرجع إلى فترة الثورة المهدية، وهو صنع في منطقة الجزيرة أبا، وسط السودان، ويمتاز بأن فردتي الحذاء تصلحان لأن تلبسا سواء بالقدم اليمنى أو اليسرى، وهي صفة فرضها الواقع القتالي في تلك الحقبة لكسب الوقت أثناء الحرب، ويتميز باللون الأحمر الفاتح.

ويقول ود الحنان إن المركوب السوداني تطور بفضل الدباغة الحديثة في صناعة الجلود، ولكنه مازال يحتفظ بتصنيعه اليدوي.
أما مركوب “جلد البقر”، فيمتاز بالمتانة والجمال، وتبدأ صناعته بدباغة الجلد، ويبطن بجلد الماعز؛ لأنه خفيف، ثم مرحلة أسفل الحذاء ثم مرحلة “النباتة”، وهي الخياطة بخيوط القطن الطبيعي، ثم تأتي مرحلة الرسبة، وهي مرحلة الصنفرة من أجل ضمان نعومة أرضية الحذاء. ويعتبر الحذاء المصنوع من جلد الأصلة التي تأتي من نيجيريا وجنوب السودان الأغلى سعرا والأعلى جودة، وهو يصنع بالمراحل السابقة نفسها، إلا أنه يلمع بحجر لإزالة الشوائب ثم يمسح بالليمون لإكسابه اللمعان وتسمى هذه المرحلة “الزقل”.
ويحظر في السودان صناعة أحذية من جلد النمر خوفا من انقراضه، غير أنها مفضلة لجمالها ومتانتها، حيث يعيش الحذاء المصنوع من جلد النمر لمدة 20-30 عاما ثم يقلب مرة أخرى ويجدد.وهو يرمز في الذاكرة الشعبية السودانية للمركز الاجتماعي الرفيع لمن يرتديه خاصة من الأثرياء ووجهاء المجتمع.
ويرتدي معظم أهل السودان المركوب لا سيما في الأعياد لارتباطه بالزي الوطني السوداني “الجلباب والعمامة”، حيث يرتديه الرجل والشاب والطفل صباح كل عيد. أما العريس، فيرتدي الحذاء المصنوع من جلد النمر لتميزه عن بقية أقرانه وأفراد أسرته.
ويبدي بخيت صانع المراكيب الكثير من الأسى والتحسر على أفول نجم مهنته المفضلة التي كانت ذات يوم صناعة عزيزة الطلب وبالغة الأهمية. ويقول “الآن أصبحت هذه الصناعة تفتقر للخيال والإبداع بسبب الذين امتهنوها من أجل أكل عيشهم فقط، ولم يعد يهمهم التجويد ولا سمعة المهنة، ولهذا تجدهم يقللون المواد التي تصنع منها المراكيب ويغشونها”.
ويضيف بخيت سببا آخر لتدني وانحسار مكانة المراكيب “الأحذية الجاهزة التي انتشرت في الآونة الأخيرة أدت إلى انحسار الطلب على المراكيب التي صار الإقبال عليها لا يتعدى مناطق محددة من بينها كردفان ودارفور وبعض مواطني العاصمة”.
العرب

"أسرار الكوشة" في السودان


في البدء تهكمنا، ثم تبيَّن لنا أننا نعمل على أمر في غاية الأهمية. ذلك عندما أبقانا نقيب صنّاع العرائس الأوروبيين ديتر بروني طوال ستة أيام في مايو/ أيار 1991، في ورشة عمل لصناعة الدمى من النفايات من تنظيم "معهد غوته" في العاصمة السودانية الخرطوم.أفكار تتولد في كلّ لحظة، ومع المبادرات يخرج المولود إلى الحياة مشهراً ابتسامة بدلاً من الصرخة الأولى.لا سرّ في مهرجان "أسرار الكوشة" الذي نظّم أخيراً في العاصمة السودانية الخرطوم، إلاّ أنه جاء في زمن يشكو فيه الجميع من تراكم النفايات. و"الكوشة" كلمة سودانية أصيلة تعني مكبّ النفايات. وقد تكونت الفكرة في رحم مبادرة شبابية تضم متطوعين من فئات مختلفة من الشباب المهتمين بالشأن البيئي، إلى جانب عدد من الجمعيات والمشاريع التي تعمل في مجال إعادة تدوير النفايات وحماية البيئة، وعلى رأسها مشروع "فندورا" المهتم بفنون إعادة التدوير واستخدام الفن والأعمال اليدوية فيه، وتوظيف ذلك في رفع الوعي البيئي وحماية البيئة والمناخ في ظل التغير المناخي في العالم.بما أنّ البيئة مسؤولية الجميع، فقد أكدت رئيسة المهرجان ميسون مطر أنّ المنظمين يسعون إلى رفع الوعي، والإعلاء من شأن المسؤولية الاجتماعية تجاه قضايا البيئة. من ذلك التخلص السليم من النفايات، بدلاً من تعليق المسؤولية بكاملها على الجهات الصناعية المنتجة للنسبة الأكبر للنفايات، أو الجهات الحكومية المناط بها جمع النفايات والتخلص منها. 
أما الهدف الثاني من المهرجان، فهو لمّ شمل من يعملون في مجال تدوير النفايات والتكسب منها. فبعضهم يعمل على إطارات السيارات المستعملة التي يعدّ التخلص منها معضلة، فلا الحرق ولا الدفن يجدي معها، خصوصاً أنها تدوم لأعوام بالمتانة نفسها. يصنع هؤلاء أثاثاً منزلياً منها، وقطع غيار سيارات، وأواني للشتول الصغيرة. وبعض آخر يلونها ويستخدمها في تسوير الميادين العامة في الأحياء.يشكل الهوس الكبير بالتدوير لدى كثيرين نقطة انطلاق لمثل هذه المبادرات. وقد ساهم المهرجان في تلاقي الأفكار. كما أثمرت نقاشات ورش العمل المصاحبة عن مزيد من أفكار التصنيع والتسويق. فقد نظمت ورشتان إحداهما للنساء، والثانية للأطفال، حول التصنيع باعتماد المواد الكرتونية. هدفت الورشتان إلى غرس الهمّ البيئي فيهم.من جهتهم، رأى الخبراء وأهل الاختصاص في المهرجان والمبادرات بشكل عام خروجاً بالمواد المستخدمة من خانة "النفايات" إلى خانة "المادة الخام" ذات الفائدة الجمالية والاقتصادية. 
محمد أحمد الفيلابي
العربي الجديد

عطر الأمهات

في الأسبوع الماضي، وفي المناسبة التي اصطلح أن تكون عيدا سنويا للأم، امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي، وغيرها من قنوات الاتصال، بالصور التي تجمع المحتفلين بأمهاتهم، في مناسبات عدة، وبلا مناسبات أيضا، وقد كتب تحتها كل ما يمكن أن يشرف الأمهات، من تضحية، وحنان متدفق، وتشجيع على الإبداع، وعشرات الصفات الأخرى التي ربما كانت حقيقية بالفعل، وربما تخيلها البعض، مشاركة منه في هذا اليوم المشهود الذي لا ينبغي أن يمر بلا مشاركة من أحد.

من الذين شاركوا في هذا الزخم، مبدعون في مجال الكتابة، تحدث أغلبهم عن أمه التي كانت تشتري له الأوراق والأقلام، مقتطعة سعرها من مصروف البيت، وذلك كي يكتب، الشعر والقصص، وربما تسترت له عند والده حين كان يسأل عن غيابه عن البيت، بأنه يقرأ دروسه مع أحد أصدقائه، بينما الشاعر التلميذ موجود في أمسية شعرية، يقرأ فيها أشعارا كتبها لحبيبته، أو تلاحما مع تشي جيفارا، والقائد العمالي ليش فاليسا. ايضا حكى البعض عن أمه التي كانت قارئة أعماله الأولى، وشاركته النصح والتصحيح، حتى أضحى كاتبا له اسم وخصوصية. وهكذا أدوار كبرى للأمهات، ربما عرفنها وقمن بها حقا، وربما تم ابتكارها لهن بينما معظمهن لا يعرفن عن الكتابة والقراءة شيئا.
دور الأم في مجتمعاتنا، خاصة في جيلنا والأجيال التي سبقتنا، وبعض التي أتت بعدنا، كان إيجابيا بلا شك، بمعنى أن الأم كانت هي العنصر الأقرب للطفل من أبيه، المتوفرة دائما في وقت الصحة والمرض، التي ترضع وتطعم وتنظف، وتوقظ للمدرسة في الصباح الباكر، وتنتظر الولد حتى يعود، وتحس بالقلق الحقيقي، حين يتأخر أحد أو يمرض، ولا تعود لهدوئها حتى يعود الغائب، وينقشع المرض، ونادر جدا أن تكون عينا تراقب نصوص الولد الذي أصيب بلوثة الكتابة، وكتب نصوصا، أو تكون قارئة أولى يتوفر لديها النصح والإرشاد والارتقاء بالنصوص، وحتى وقت قريب، كان تعليم المرأة في الوطن العربي، ضعيفا ومحدودا جدا، وبالتالي خرجت معظم أمهاتنا بلا تعليم، سوى الذي اكتسبنه متأخرا جدا، من فصول تعليم الكبار، وكانت أيضا قليلة ومحدودة الإمكانيات، ولا تعطي ثقافة يمكن أن تشرِّح بها أم نصا شعريا أو قصصيا أو روائيا، وحتى لو أصبح ابنها مشهورا، فهي لا تعرف شهرته وحجمها، وتتعامل معه بوصفه الابن الذي أنجبته ذات يوم وشاركت في تربيته، ثم ذهب بعيدا وحقق شهرة، تخصه ولا تخصها في شيء.
أيضا لو أصبح أحد الأبناء مسؤولا في وظيفة، هي أيضا وظيفة تهمه، وربما تهم أشخاصا آخرين، وليس لها قيمة كبيرة عند الأم.
أذكر في بداية ثمانينيات القرن الماضي، أن السلطات الحكومية في السودان، كانت تجمع العاطلين عن العمل، والنازحين من الأقاليم إلى العاصمة بلا وظائف محددة، أو لممارسة وظائف هامشية، تاركين الزراعة والرعي، تجمعهم، وتحشرهم في حافلات ضخمة، وتذهب بهم إلى المدن والأرياف التي تحتاج للأيدي العاملة، وحدثت بالطبع كثير من التجاوزات، حين حشر طلاب في المدارس، وموظفون حكوميون، في حافلات كهذه، ورحلوا إلى أماكن لا يعرفونها أبدا. كانت إحدى قريباتي أما أصيبت بالقلق من أن يكون ابنها المقيم في العاصمة، قد رحل مع أولئك، وجاءت إلى بيتنا تبكي وتطلب من والدي أن يسأل عن ابنها ويتأكد من أن مكروها لم يحدث له، وقد حاول والدي أن يطمئنها بأن ابنها ليس شخصا عاديا، ولن يحدث له شيء لكنها لم تقتنع، حتى تم إخبار الإبن الذي كان وكيلا لإحدى الوزارات بخوف أمه ووسواسها الكبير، في زمن كان الهاتف فيه ترفا والوصول لأحد في بلدة أخرى، شبه مستحيل، وليجيء بنفسه، وتطمئن عليه. هذه الأم لم تكن غير عادية أبدا، لكنها الأم الحقيقية التي لا تعرف معنى الوزارة، ووكيلها، المحمي بحكم وظيفته، وربما كان مشاركا في إصدار قرار ترحيل أولئك الفقراء، وتفهم فقط أن ثمة ضررا يصيب الناس في العاصمة، ويمكن أن يصاب ابنها به. وفي بداية الثمانينيات أيضا وحين أنشئت ما سميت بمحاكم العدالة الناجزة، لمحاكمة الناس في الشوارع، بعقوبات كالجلد والصلب، وقطع اليد،، كانت ثمة أم من جيراننا لا تستطيع النوم قلقا على ابن لها تتخيله يجلد أو تقطع يده، بالرغم من ابنها كان قاضيا في تلك المحاكم بالذات، لكن وسواس الأم الطبيعي أو الجيني لا بد أن ينضح القلق.
حين كنت في المرحلة الإعدادية، في مدينة الأبيض، في غرب السودان، حيث عمل والدي فترة، وظهرت علي جرثومة كتابة الشعر لأول مرة، وأنا أركب دراجتي في طريقي للمدرسة، بقصيدة من العامية، تحولت لأغنية بعد ذلك، ثم بدأت أكتب غيرها وغيرها، وأختلط بالشعراء والمغنين، أمنحهم قصائدي، كنت خائفا من أبي، خائفا أن يعرف بقصة الشعر تلك، ويمنعني من كتابته، وكان الآباء في تلك الفترة وربما إلى الآن يطمحون في التعليم الأكاديمي لأبنائهم، بعيدا عن الإبداع الذي لا يمنح حياة كريمة في بلادنا العربية. أخبرت أمي بكتاباتي وأنني شاعر يتغني بقصائده المطربون، فلم تبتهج ولم تغضب أيضا، لكن ثمة قلق أصابها، وسألتني في صوت شبه باك: ألن تصبح طبيبا كما يحلم والدك؟
قلت لها: هذا لن يمنعني من أن أصبح طبيبا، فلم تقتنع ولم تسألني مرة أخرى أبدا. كان ثمة هاجس قد سيطر عليها، أنني سأرحل بعيدا بعد أن أصبحت كاتبا، كما رحل أخوها الكاتب من قبل.
بالنسبة للذكريات مع الأم، فلا أعتقد أنها كلها ذكريات طيبة، فبعض الذكريات قد تبدو قاتمة، خاصة إن تعلق الأمر بالحب والزواج من امرأة لن ترضى عنها الأم غالبا، لكن لا بأس من البحث عن الذكريات الطيبة، وإدراجها كمحرك للجمال الأمومي والعطف الغالب، في يوم مناسبة عيد الأم.
هناك كثير من النصوص الروائية تعرضت لمسيرة الأمهات، بعضها قدسهن كأمهات لا ينبغي أن يذكرن إلا بمسألة الأمومة المنزهة من كل شيء، وبعضها أدرجهن أمهات صعبات المراس، وشديدات السيطرة، وهذا يحدث بالفعل، فليس كل الشخصيات الإنسانية بما فيها شخصية الأم، بعيدة عن تفاعلات الدنيا العادية، أي بعيدة عن السخط، والشدة في أحيان كثيرة. وتحضرني الآن قصة «النمر الأبيض» للهندي أرافيندا أديجا، التي حصلت على جائزة مان بوكر البريطانية، منذ سنوات عدة. تلك الرواية التي أعتبرها إحدى روايات المعرفة، التي تخبرنا الكثير عن مجتمع الهند ومعتقداته وعاداته المقدسة، ونهر جانجا الملوث الذي يعتقد بأن ماءه يشفي من الأمراض كلها.
داخل تلك الرواية الملحمية، توجد أم، لكنها لا توصف باللين، والحنان أبدا، ولكن بواقعية السلوك في بيئة يسيطر عليها الفقر والهلع في إمكانية عدم العثور على لقمة لتأكلها كل تلك الأفواه الجائعة. الأم هناك في رواية أديجا سلطة كبرى، تنظم أدوار الشر للأبناء الذين ينبغي أن يكونوا شريرين وملحين في الشر ليعيشوا، تنظم العمل للذين يمكن أن يعملوا وتوزع اللؤم الشرس لزوجات أبنائها. إنها أم أيضا، ويحق أن يحتفل قومها بمناسبة عيدها السنوي، كأي أم، لكن هناك أدوار أخرى غير دور العطف والحنان، والوقوف في وجه الأب إن حاول أن يستخدم القسوة تجاه أحد.
في النهاية، أشجع عيد الأم كثيرا. وأشجع أن يكون ثمة يوم للأب، يتحدث فيه الأبناء عن تشجيعه للإبداع، سواء حقيقة أو خيالا، وأن نبتكر يوما للجار أيضا، لأن الجار اللصيق جزء من منظومة الحياة، وربما يكون قريبا أكثر من الأهل كلهم.
هذه المناسبات وإن ضخمنا محتوياتها ليست ضارة أبدا، على العكس تشجع على المحبة.

أمير تاج السر
القدس العربي

6 مليارات دولار استثمارات إماراتية في السودان

أكد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد أن الإمارات تعتبر ثاني أكبر مستثمر في السودان خليجياً، إذ سجلت الاستثمارات الإماراتية في السودان ما قيمته 6 مليارات دولار، وذلك خلال لقائه بديوان عام الوزارة في أبوظبي محمد أمين عبدالله الكارب سفير جمهورية السودان لدى الدولة، وبحضور مها محمد البدوي المستشار الاقتصادي بالسفارة السودانية وطارق المرزوقي مدير إدارة الاتصال الحكومي بوزارة الاقتصاد، وبحث الجانبان خلال اللقاء سبل تعزيز وتطوير آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدولتين.
وتم خلال اللقاء بحث العلاقات المتميزة بين الجانبين في شتى المجالات الاقتصادية وسبل تعزيزها مع التأكيد على أهمية تطوير التعاون القائم خلال الفترة المقبلة في عدد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي، والذي يتصدر أولويات الدولة ضمن جهودها في تحقيق الأمن الغذائي.
وأكد المنصوري على عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، ونوه إلى أن العلاقات في تطور ملحوظ ومستمر. وقال معاليه إن الإمارات سباقة في دعم المشاريع الكبرى في السودان، وأكد أن هناك شراكة ورغبة حقيقية مشتركة لدى الجانبين في تعزيز الاستثمار المشترك لما فيه خير ومصلحة للبلدين الشقيقين.
دعم
واستعرض قصص نجاح بارزة لشركات إماراتية استثمرت في السودان، مؤكدا دعمهم لتوجهات المستثمرين الإماراتيين في جمهورية السودان الشقيقة. وفي الوقت ذاته أكد أن الشركات والمستثمرين السودانيين موضع ترحيب في الدولة داعياً إياهم إلى تعزيز استثماراتهم في أسواق الإمارات.
وأوضح المنصوري أنه وعلى الرغم من أن الإمارات تعتبر الشريك التجاري الأول بالنسبة للسودان في الوطن العربي إلا انه لا تزال هناك مساحة كبيرة لمضاعفة التجارة بين البلدين، والتي وصلت بحسب الإحصائيات المدرجة لدى الوزارة إلى مليار وخمسمائة مليون دولار في تسعة أشهر من عام 2015، وأشار إلى أن السودان وبحسب إحصاءات وزارة الاقتصاد لعام 2014، احتلت السودان المرتبة (22) بالنسبة لأهمية الدول المصدرة لدولة الإمارات بقيمة 1909.9 ملايين دولار و بوزن نسبى 1 % من حجم واردات. كما جاءت السودان في المرتبة (37) بالنسبة لأهمية الدول المستوردة من دولة الإمارات بقيمة 203.7 ملايين دولار وبوزن نسبى 0.6% من حجم صادرات الدولة. أما بالنسبة لأهمية الدول المعاد التصدير إليها من دولة الإمارات فجاءت السودان في المرتبة (36) بقيمة 308.5 ملايين دولار وبوزن نسبى 0.5% من حجم إعادة الصادرات للدولة.
21 مليار دولار
وقال المنصوري إن هناك 40 علامة تجارية وثلاث وكالات تجارية واثنتين من الشركات التجارية السودانية المسجلة لدى وزارة الاقتصاد بحسب إحصائيات الوزارة المسجلة لعام 2012/‏‏2014.
وأشار إلى أن الإمارات تعتبر ثاني أكبر مستثمر في السودان خليجياً، حيث سجلت الاستثمارات الإماراتية في السودان ما قيمته 6 مليارات دولار، فيما تأتي السعودية في المرتبة الأولى بإجمالي استثمارات 10 مليارات دولار، يليها دولة الكويت بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجمالي الاستثمارات الخليجية في السودان إلى 21 مليار دولار.
إشادة
بدوره أشاد محمد أمين عبدالله الكارب سفير الجمهورية السودانية لدى الدولة، بمتانة العلاقات السودانية الإماراتية على مختلف الأصعدة، وبمواقف الإمارات الأخوية المشرفة قيادة وشعبا تجاه بلاده وباقي الدول العربية في جميع الظروف في السراء والضراء.
وأكد على الأهمية الكبيرة التي توليها حكومة بلاده للاستثمارات العربية وعلى رأسها الإماراتية داعياً الشركات والمستثمرين الإماراتيين إلى مضاعفة استثماراتهم في السودان وتحدث عن المقومات الكبيرة التي تمتلكها بلاده، حيث قال إن السودان يمتلك ثروات طبيعية كبيرة بما فيها المعادن والأحجار الكريمة مما يفتح باب الاستثمار في قطاع التعدين، إلى جانب امتلاك السودان للأراضي الزراعية الخصبة، مضيفاً بأن السودان قادر على أن يكون السلة الغذائية للعالم العربي، كما أشار إلى الفرص الاستثمارية الواعدة في بلاده، وقال إن هناك فرصاً استثمارية ذات جدوى عالية في السودان في قطاعات الزراعة والإنتاج الحيواني والقطاع العقاري إلى جانب قطاع البنية التحتية وتوليد الكهرباء، مؤكدا على أن حكومة بلاده قامت بجهود حثيثة لجعل السودان وجهة جاذبة للاستثمار والمستثمرين من العالم.
مشاركة
وكشف الكارب عن مشاركة وفد رفيع المستوى من السودان في ملتقى الاستثمار السنوي في دبي والذي تنظمه وزارة الاقتصاد خلال الفترة 11-13 إبريل 2016. وقال: إن ملتقى الاستثمار السنوي الملتقى والذي ينطلق في دورته السادسة هذا العام تحت شعار «أوجه الاستثمار الأجنبي الجديدة، السمات البارزة وأفضل الممارسات» يشكل منصة مثالية للترويج لفرص الاستثمار الواعدة في السودان في كافة القطاعات وعلى رأسها القطاع الزراعي، وكذلك تسليط الضوء على التجارب الاستثمارية الناجحة لشركات إماراتية في السودان، مضيفا أن الملتقى تحول اليوم إلى منصة فريدة تجمع المستثمرين من كافة أنحاء العالم لرصد فرص الاستثمار المجزية في أسواق العالم.
من جانبه شدد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد على ضرورة وضع قائمة يحدد فيه الوفد السوداني المشارك في أعمال ملتقى الاستثمار السنوي هذا العام القطاعات الاستثمارية المُستهدفة في السودان، والتي يسعى إلى جذب المستثمرين إليها، ومن ثم عرضها على المستثمرين الإماراتيين خلال اجتماعات ولقاءات الملتقى داعياً إلى ضرورة التركيز على قطاع السياحة باعتباره من القطاعات الواعدة في السودان، مشيرا إلى ضرورة الترويج والاهتمام بالبنية التحتية وتشجيع السياحة العائلية. داعياً المشاركين في ملتقى الاستثمار السنوي للاستفادة من المشاركة القيمة في أعمال الملتقى والقيام بزيارات ميدانية وإجراء اللقاءات للاطلاع على التجربة الإماراتية الفريدة.
وفي ختام اللقاء أكد المنصوري أن السودان يمتلك العديد من المقومات والموارد التي تؤهله لأن يكون سلة الغذاء العربي، منوهاً إلى ضرورة توحيد الجهود والترويج لفرص الاستثمار الواعدة في السودان وخاصة في قطاع الزراعة والمنتجات والصناعات الغذائية، وشدد معاليه على ضرورة توفير البيئة الآمنة للمستثمرين لتشجيعهم على الاستثمار ولتعزيز استثماراتهم في السودان.
تعاون
رحب معالي وزير الاقتصاد بالتعاون البناء القائم بين وزارة الاقتصاد والسفارة السودانية لدى الدولة، مشيدا بحرص السفارة السودانية على حضور ورش العمل الاقتصادية والمؤتمرات التخصصية التي تنظمها وزارة الاقتصاد، في إطار جهودها الرامية إلى تطوير السياسات والتشريعات الاقتصادية، وفق أفضل المعايير الدولية لخلق اقتصاد تنافسي معرفي، وزيادة جاذبية الدولة كوجهة للاستثمارات من مختلف وجهات العالم.
وتعتبر الإمارات أهم شريك تجاري للسودان تليها السعودية، الهند، مصر، ماكاو، ماليزيا. ويقدر إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للسودان بنحو 167.4 مليار دولار (الزراعة 28.9%، الصناعة 20.4%، الخدمات 50.7%). ويصل معدل التضخم في السودان إلى 18.2%، والبطالة 13.6 %، والدين الخارجي 48.17%.
البيان

التعتيم على قتلى جنوب السودان كارثة إنسانية


ما من شك بأن معدل الوفيات قد ارتفع بشكل هائل في جنوب السودان منذ اندلاع الحرب في ديسمبر 2013، حيث تم تهجير أكثر من مليوني سوداني جنوبي.
وهناك عدد من العائلات التي خسرت أولادها لأسباب عادية، تقع أحياناً خارج نطاق الصراع، حيث موارد الطعام نادرة بسبب الحرب الأهلية. وإن كانت معدلات الوفيات قد ارتفعت بنسبة 25 في المئة بسبب الحرب، فهذا يعني أن أكثر من 25 ألف شخص آخرين من المدنيين يموتون سنوياً، أو 50 ألفاً منهم على امتداد عامين، بسبب القتال.
إننا لا نعلم كيف نقيم هذه الأرقام بالشكل المناسب، وقد لا نعرف مطلقاً، لكن من المعتقد أن عدد القتلى المدنيين في جنوب السودان خلال العام أو العامين الماضيين لا يقل هولاً عن أعداد القتلى في سوريا، بل قد يتخطاها ربما.
وإنه لمن المعيب أنه في الآونة الأخيرة بلغ تمويل المساعدات الإنسانية لجنوب السودان من الأمم المتحدة ثلاثة في المئة فقط من المبلغ المطلوب. وقال زيد رعد الحسين، أحد مسؤولي حقوق الإنسان الأمميين في هذا الإطار: «إنها واحدة من الحالات الإنسانية الأكثر فظاعة في العالم، إلا أن رادارات الأمم المتحدة لم تكشفها».
المصدر: بقلم: نيكولاس كريستوف
البيان

السبت، 26 مارس 2016

التفاف وتعامد القمر حول الكعبة اليوم الساعة 2:25 صباحا”

اشاعة  “استجاب الدعاء عند التفاف وتعامد القمر حول الكعبة اليوم الساعة 2:25 صباحا”

تتكرر كل سنة اشاعة كاذبة نصها حرفياً : " الليلة الساعة 2:25 صباحا سيلتف القمر حول الكعبة والسماء سيكون لونها بحري، هذه اللحظة لحظة قبول وهذه اللحظة تأتي مرة كل 100 ألف سنة. ويستجيب الدعاء من ساعتها حتى طلوع الفجر"

والاشاعة تم فيها مزج الطابع الديني والفلكي والذي ادى الى انتشارها بشكل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي والواتساب وهنا خمس نقاط توضح كذب الرسالة المتداولة:

1- مصطلح " التفاف القمر حول الكعبة " غير صحيح و يوحي بدوران القمر في دائرة مركزها الكعبة والصحيح  ان القمر يتحرك في السماء من الأفق الشرقي ومن ثم مرتفعاً ويعود ليغرب في الغرب.

2 - احد اهم مخاطر هذه الاشاعة هو الاستهزاء بالدين مع جملة " استجابة الدعاء حتى طلوع الفجر" وهو مالم يرد في اي نص ديني لا في القرأن ولا في السنة كما ذكر الشيخ والدكتور نبيل علي العوضي.

3- ناشر الاشاعة اتخذ من جملة " تكرر الحادثة مرة كل مئة الف سنة" طريقة لابهار المتلقي للرسالة بمعلومة خاطئة وبلا مصدر.

4- وصف السماء باللون البحري ليس له معنى إن كانت السماء سوداء غالبا الساعة الثانية صباحا وبالاضافة ان درجة لونها ليس لها اي اهمية تذكر 

5- إن وصلتك تلك الرسالة لا تقم بأعادة نشرها وقم بتنبيه ناشرها لان اغلبهم اعادو نشرها بحسن نيّة.