الخميس، 2 يوليو 2015

مصادر: السودان يرفض مطالب مصرية في اجتماعات «الوطنية لسد النهضة»

كشفت مصادر مطلعة بملف سد النهضة الإثيوبي ، أن اجتماعات اللجنة الوطنية في يومها الثاني، الخميس، شهدت مناقشات حول عدد من النقاط الخلافية العالقة، من بينها رفض الجانب السوداني لمطالب أعضاء الوفد المصري، بضرورة إنهاء الدراسات الفنية في أسرع وقت، وتعويض ما تم هدره خلال الأشهر الماضية، وحسب ما هو متفق عليه بين زعماء الدول الـ 3 خلال اتفاقية المبادئ الموقعة في مارس الماضي بالعاصمة السودانية الخرطوم، وخارطة الطريق التي تم وضعها في اغسطس الماضي، واتفق خلالها الوزراء على إنهاء الدراسات خلال العام الجاري
وقالت المصادر، إن رئيس الوفد السودانى الدكتور سيف حمد وزير المياه السوداني الأسبق اعترض على المطلب المصري معللا ذلك بضرورة إنهاء الدراسات بدقة عالية دون النظر إلى عامل الوقت، مبرراً ذلك بأنه لا يجب إنهاء الدراسات وفق ما كان متفقا عليه في خارطة الطريق في أغسطس الماضي، ومن الضروري أن يتم الانتهاء منها خلال 11 شهرًا.


وبحسب المصادر شهدت الاجتماعات اعتراضًا من الجانب الإثيوبي على مطالب مصرية، بأن يتم التوقيع على عقد عمل المكتب الاستشاري في القاهرة باعتبارها رئيس الدورة الحالية للمفاوضات، حيث طالب الوفد الإثيوبي أن يتم التوقيع على الإتفاق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.


يأتى ذلك فيما توقعت المصادر أن تشهد فعاليات ختام الإجتماعات الجمعة، الإتفاق على خطة العمل المشتركة للمكتب الفرنسي والهولندي، بينما يتولى المكتب الفرنسي «بي ار ال»، باعتباره المكتب الرئيسي، إعداد التقرير الفني النهائي الخاص بنتائج الدراسات الهيدروليكية والبيئة والاجتماعية والاقتصادية.


ومن ناحية أخرى أشار المهندس أحمد بهاء رئيس قطاع مياه النيل، ورئيس الوفد المصري في اللجنه الثلاثية إلى أن الاجتماعات ناقشت التفاصيل الفنية للعرض المعدل «المشترك» والمقدم من المكتب الاستشاري الفرنسي «بي ار ال»، والمكتب الهولندي «دلتارس»، والذي يحدد مهام كل مكتب تنفيذ الدراسات المطلوبه، وخطة عملهما وفقا للإطارالزمني المتفق عليه«11 شهر»، للإنتهاء من الدراسات المطلوبه للمكتبين وفقا لقرار وزراء المياه بالدول الـ 3 في ابريل 2014 وذلك منذ بدء التعاقد.


أضاف «بهاء»، أنه من المقرر أن تقوم الشركتان الفرنسية، والهولندية بتنفيذ الدراسات المتعلقة بهيدروليكا النيل الأزرق خلف سد النهضة الاثيوبي بالإضافة إلى الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمشروع، مشيراً إلى أن الدراسات تحدد قواعد التشغيل الأول للخزان تمهيدا للملء الأول لبحيرة سد النهضة‏، وأن المكتب القانوني والمالي «كوربت»، الإنجليزي، سوف يكون همزة الوصل بين خبراء الدول الـ 3 والمكتبين الاستشاريين من حيث يتولى كافة الشؤون الإدارية والماليه التي يحتاجها المكتبين من الخبراء الوطنيين وايضا تحصيل تكلفة إجراء الدراسات لصالح المكتبين.
المصري اليوم

جهاز الأمن يُصادر عدد صحيفة (الجوهرة الرياضية) و صحيفة (أخبار اليوم) تفصل الصحفي (محمد الحلو)



صادر جهاز الأمن عدد (الخميس 2 يونيو2015) من صحيفة (الجوهرة الرياضية) بعد الطباعة في (مطبعة القوات المُسلَّحة)، بدون إبداء أي أسباب.
وبحسب مصادر صحفية، فإن قرار المصادرة جاء على خلفية مادة صحفية للكاتب الصحفي(محمد عبد الماجد) انتقد فيها نشاط جهاز الأمن في الوسط الرياضي.
وفصلت صحيفة (أخبار اليوم) يوم (الأربعاء 1 يوليو 2015) الصحفي (محمد محمود الحلو) من العمل.
وجاء في حيثيات قرار الفصل: (...استغناء عن الخدمات في إطار السياسة التحريرية للصحيفة...).
وسبق ذلك الفصل، قرار إدارة (أخبار اليوم) إيقاف (الحلو) من العمل بالصحيفة إبتداءاً من يوم (الاثنين 22 يونيو 2015).
وشغل (الحلو) وظيفة مدير مكتب الصحيفة في (جنوب السودان)، ورئيس القسم السياسي بالصحيفة، ومحرر فيها. 
وفي تصريحه لـ (جهر) قال (الحلو): لا أستبعد وجود ضُغوط من قبل (السلطات) على (الصحيفة) كي تفصلني.
وأضاف: ظلت أتعرَّض لمضايقات واستهداف متكرر، ففي العام الماضي تقدمت (الصحيفة) بخطاب لـ(مكتب العمل) طالبة منه فصلي، غير أن (مكتب العمل) رفض – وقتها- حيثيات (طلب الفصل)، وأعادني للعمل بـ(الصحيفة).



تؤكد (جهر) على تضامنها مع الصحفي (الحلو)، ومع غيره من الصحفيين/ات ، في قضاياهم/ن العادلة، ونشاطهم/ن الداعم لحرية العمل الصحفي، ومؤازرة (جهر) لهم/ن في تبعات تلك المواقف، ومن بينها: المضايقة، الفصل التعسفى، التشريد من (العمل)، (الاستدعاء، التحقيق، الاعتقال، السجن) الأمني...الخ، وهي ثمن للوصول إلى واقع صحفي معافى بديلاً لـ(أمنجة) الصحف وقياداتها التحريرية، لتحقيق نظام حكم ديمقراطي، ووطن يسع الجميع.
تناشد (جهر) كافة المهتمِّين/آت (الأفراد/ الجماعات/ المؤسسات) بقضايا رصد وتوثيق الانتهاكات بالتواصل مع (جهر) عبر مختلف الطرق المُتاحة، والبريد الإليكتروني لـ (جهر) : (sudanjhr@gmail.com )
صحفيون لحقوق الإنسان (جهر) 
(الخميس 2 يوليو 2015) 

ضابط شرطة يعتدي على طبيبة بالضرب في حلفا


اعتدى ضابط في الشرطة على طبيبة مناوبة بمستشفى وادي حلفا شمالي البلاد، على خلفية نقاش حاد دار بين الشرطي والطبيبة، بعد تعثر عملية ولادة لزوجة ضابط الشرطة، ودونت الطبيبة بلاغاً ضد ضابط الشرطة بقسم شرطة وادي حلفا.
ونقل شهود لـ"الطريق الإلكترونية"، أن نقاشاً حاداً دار بين ضابط الشرطة والطبيبة بعد تعثر ولادة زوجته في ساعة متأخرة من ليل الأحد الماضي، قبل أن يباغت الشرطي الطبيبة بصفعة على وجهها، ما أدى إلى توترات داخل المشفى وتوقف الطاقم الطبي عن العمل.
واضطر الضابط إلى نقل زوجته بواسطة سيارة الإسعاف إلى مستشفى دنقلا في وقت متأخر من الليل.

أحمد هارون يزور دولة قطر في إطار نفير نهضة ولاية شمال كردفان


الابيض (سونا) -

يزور مولانا أحمد محمد هارون والي ولاية شمال كردفان دولة قطر على رأس وفد رفيع يضم قيادات من أبناء الولاية من المركز والولاية يلتقي خلالها أبناء كردفان بدولة قطر كما سيشارك الوفد في ليلة الوفاء لكردفان العطاء التي تقيمها لجنة نفير نهضة الولاية بدولة قطر يوم غد الجمعة بفندق رمادا بالدوحة .
كما يناقش الوفد مع الجالية وأبناء الولاية قضايا الصحة والتعليم والمياه وطريق بارا جبرة الشيخ امدرمان.

البشير: «نتحدى أي زول يقول في مسؤول أخد عمولة» .. لا وجود لفساد رأسي أو فساد ممنهج،


الخرطوم: أسامه عبد الماجد :

أدار رئيس المؤتمر الوطني، رئيس الجمهورية المشير عمر البشير لقاءً مغلقاً وساخناً استمر زهاء الساعتين مع نحو (650) شاباً وشابة من قيادات المؤتمر الوطني من جميع أنحاء البلاد بينهم (184) شاباً يمثلون رؤساء الحزب بمحليات البلاد البالغة (188) محلية. وأجاب الرئيس في اللقاء المغلق مساء أمس الأول والذي جاء على هامش الملتقى الشبابي لأمناء شباب الوطني بشفافيه على الأسئلة التي طرحها الشباب دون تحفط من ضمنها مطالبتهم للبشير بالاهتمام بمعاش الناس واستفسروه عن ما يثار عن الفساد وقضايا التعليم وملف الصحة وعمل السودانيات بالخارج.

في الوقت الذي دافع البشير عن تجربه الإنقاذ وقال «البعض يقول ليك خلي ناس الإنقاذ يرجعونا محل قالوا أنقذونا». وشدد على تغير الحال بالتوسع في التعليم واستخراج النفط وزيادة ميزانية الدولة، وأعلن عن نفير جودة التعليم وسمى العام المقبل عام السلام وذلك بحسم التمرد بالتي هي أحسن أو أخشن»، وقطع بعدم وجود فساد رأسي أو فساد ممنهج، واستدل بعدد الطرق والمشروعات الضخمة التي تم إنشاؤها، وأضاف «أتحدى أي زول يقول في مسؤول أخد عمولة»، وأشار إلى وقوع ما أسماها بالأخطاء المالية التي يمارسها البعض، وكشف الرئيس عن إنزاله لموجهات صارمة لولاة الولايات بتشكيل حكومات تنزل للمواطن وتعيش معه وتعبر عن قضاياه، ودعا شباب حزبه بالرجوع إلى الأحياء، وقال «ما تكون كل اهتماماتكم سياسية وفيها تطلع للمناصب»، وأشار إلى الدور الكبير الذي يمكن أن يقوم به الشباب في فك الحصار علي البلاد بإعمال الانتاج، وزاد «الشباب هم المرهم الذي نداوي به الجروح». وكان أمين الشباب بالوطني بله يوسف حث الشباب على إدارة حوار مباشر مع الرئيس، وقال إن الشباب لهم دور كبير في تنزيل وثيقة الإصلاح.

آخر لحظة

ناشر "إيلاف": مجلس الصحافة أوقف الصحيفة بإخطار شفاهي


قال ناشر صحيفة "إيلاف" الإقتصادية خالد التجاني إن أمر إيقاف صحيفته الاسبوعية صدر من مجلس الصحافة والمطبوعات شفاهة وليس من جهاز الأمن والمخابرات.
JPEG - 6.1 كيلوبايت
د. خالد التجاني ناشر صحيفة "إيلاف"
واعتاد جهاز الأمن السوداني على مصادرة الصحف من المطابع بدون إبداء أسباب، لكنه يقول إن الصحف تتجاوز الخطوط الحمراء بنشر أخبار تؤثر على الأمن القومي للبلاد.
وأبلغت الدار الطابعة مندوب الصحيفة فجر يوم الأربعاء بتلقيها خطاباً رسمياً بعدم طباعة الصحيفة إلى حين إشعار آخر، من دون إبداء أية أسباب".
وأكد التجاني لـ "سودان تربيون" أن خطاب الإيقاف صدر من مجلس الصحافة للمطبعة مباشرة، بدون أن تتلقى الصحيفة أي حيثيات مكتوبة بأسباب الإيقاف.
وأوضح ناشر الصحيفة أن الأمين العام لمجلس الصحافة أبلغة شفاهة بأن الصحيفة لم تستوفي بعض الشروط الإدارية، مع اعترافه بأن 90% بالمائة من الصحف لديها نفس وضعية "إيلاف"، وتابع "لم يكن لديه تفسير مقنع لماذا تم اتخاذ إجراء ضد (إيلاف) وحدها... لقد وعد بمراجعة القرار".
ونفى التجاني أن تكون صحيفة "إيلاف" تعاني من أية مشاكل مالية مع مجلس الصحافة، مؤكدا أن المطلوبات الإدارية العشرة نفذت "إيلاف" 8 منها.
وقال إنه أبلغ رئيس اتحاد الصحافيين الصادق الرزيقي بهذه الوقائع فور تلقي الصحيفة إخطار بالإيقاف من المطبعة.
وعرف الدكتور خالد التجاني، وهو من الإسلاميين، بانتقاداته القاسية للحكومة خاصة فيما يلي السياسات الإقتصادية.

صراع بين اتجاهات التنمية

سمير سعيفان
  • يعكس كلٌ من مفهوم "التنمية الاقتصادية" و"التنمية البشرية" صراعًا بين اتجاهين اقتصاديين سياسيين؛ فالأوّل يركّز على إنتاج الثروة، وليس على توزيعها، ويعدّ انعكاسها على المجتمع بعمومه منتجًا ثانويًا، أمّا المفهوم الآخر فيهتم بمدى انعكاس التنمية الاقتصادية على المجتمع ككلّ، ومدى تقدّم العدالة الاجتماعية إلى جانب النموّ الاقتصادي.
    تقاس "التنمية الاقتصادية" عادةً بعددٍ من المؤشرات الرقمية، مثل: معدل نموّ الناتج المحلي السنوي، ومتوسط حصة الفرد الواحد منه، ومعدلات الادخار والاستثمار نسبةً للدخل القومي، ومؤشر تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد أو الصادر، ومستوى المديونية المحلية والخارجية نسبة للناتج المحلي، وعجز أو فائض الميزان التجاري وميزان المدفوعات، واحتياطيات الدولة من العملات الصعبة، وغيرها من مؤشرات رقمية تقيس نموّ الاقتصاد وسلامة الوضع المالي للاقتصاد.
    في المقابل، يهتم مؤشر التنمية البشرية بانعكاس التنمية الاقتصادية على المجتمع؛ فإلى جانب مؤشرات التنمية الاقتصادية، يهتم مفهوم التنمية البشرية بكيفية استخدام المجتمع نموّه الاقتصادي، فيدخل مؤشرات عديدة تقيس وصول منافع التنمية الاقتصادية إلى أوسع شرائح المجتمع، فهو يقيس مؤشرات التعليم والصحة وتزويد المنازل بالكهرباء والمياه النظيفة والصرف الصحي وتجهيزات البيت والمطبخ وتوافرها لأوسع قطاعات المجتمع، ويقيس أيضًا المساواة والفوارق في الدخل والفوارق بين استهلاك الطبقات الفقيرة والفئات الغنية وحصص شرائح المجتمع من الدخل، إضافةً إلى مؤشرات اجتماعية أخرى تتعلق بقياس الفوارق بين الجنسين، ومؤشرات تمكين المرأة وتعليمها ومشاركتها في قوة العمل، ومساواتها في الأجر، ومشاركتها في إدارة المجتمع ومؤسساته، وغيرها من مؤشرات تقيس شكل اتساع انعكاس التنمية الاقتصادية على المجتمع، ومداه.
    يصرّ أنصار التنمية الاقتصادية على أنّ أيّ تدخّل في السوق هو اعتداء على الملكية من جهة، ويضرّ بالقدرة الاقتصادية التنموية. وهم يرون أنّ التنمية البشرية هي نتاج طبيعي وتابع للتنمية الاقتصادية، والأوّل يتحقق بتحقيق الثاني دون حاجةٍ إلى تدخّل أو توجيه من الدولة، ويرون أنّ مثل هذا التدخّل ضار. فزيادة الادخار والاستثمار برأيهم تعني خلق فرص عمل جديدة ودخول أفضل، وإنتاج المزيد من السلع والخدمات، والمزيد من الضرائب للخزينة العامة، على الرغم من المعدلات الضريبية المنخفضة لأنّ قاعدتها ستكون أوسع مع توسّع الاستثمار، واتساع القاعدة الضريبية مع معدلات ضريبية منخفضة أفضل من ضرائب عالية وقاعدة ضريبية ضيقة، فالحصيلة في الحالة الأولى ستكون أعلى، والسوق الحرة هي ذاتية التنظيم عبر يدها الخفية. وكلّ هذا يعني زيادة الرفاه للجميع، وإن تفاوتت مستوياته، فهذا من طبيعة الأشياء. ولا يعدّ انعكاس التنمية على المجتمع أولوية بل هو تابع ثانوي وتحصيل حاصل. وتتبنى مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأونكتاد وغيرها من مؤسسات شبيهة وكذلك معاهد وجامعات ومراكز بحوث ومنظمات قطاع الأعمال، التوجّه الليبرالي وجهة نظر التنمية الاقتصادية. وتصدر مؤسسات دولية عديدة مثل هذه التقارير؛ مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وغيرها.
    بينما لا يؤمن أنصار التنمية البشرية باليد الخفية للسوق، ويعتقدون بضرورة تدخّل الدولة في السوق الحرة لتصحيح عيوبها، وبخاصة عيوب توزيع الدخل. ويؤيدون سياسات تعرف بإعادة توزيع الدخل، وهذا اقتطاع ممّن حصل على الكثير عبر سياسات ضريبية مرتفعة وسياسات إنفاق وتسعير، واستخدامها تمويل شبكة ضمان اجتماعي تدعم الفئات الهشة والضعيفة، وتموّل أيضًا الإنفاق على الخدمات الأساسية والضرورية لجعلها في متناول الجميع وبخاصة التعليم والصحة. وقد أصبحت منظمات الأمم المتحدة تميل أكثر لتبنّي مفهوم التنمية البشرية. ويصدر برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة تقريرًا سنويًا عن التنمية البشرية. وهو جدير بالاهتمام ولا تخلو قراءته من المتعة. ويسير في هذا الاتجاه قوى مجتمعية وأحزاب ومراكز بحث ذات توجّه اجتماعي تنحاز أكثر إلى العدالة الاجتماعية.
    تكمن الأهمية العملية التطبيقية لهذا التفريق بين التنميتين في كون كلٍ من المفهومين يؤثّر في السياسات المالية والضريبية والتجارية وسوق العمل وغيرها من السياسات، ويوجّهها نحو مصالح محددة مختلفة، بل ومتعارضة. وهو يتجلى صراعًا بين عولمة بلا قلب مقابل عولمة إنسانية، وبين رأس المال مقابل العمل، وبين الإنتاج لزيادة الربح مقابل الإنتاج من أجل تلبية احتياجات البشر، وبين السوق الحرة بصورة مطلقة مقابل سوق حرة منظمة (رأسمالية منظمة).
    بالنسبة إلى الحكومات وصانعي سياساتها، فهم من جهة في حاجة إلى تشجيع الاستثمار والمستثمرين في عالم مفتوح، ومهتمون بتحقيق مؤشرات تنمية اقتصادية جيدة لأنّها الأساس للتنمية البشرية، وعليه، يندفعون لصوغ تشريعات وقواعد لمصلحة رأس المال ومبدأ تعظيم الربح وتقديم كلّ التسهيلات للمستثمرين وأرباب العمل، وضمان عدم إرهاق قطاع الأعمال بأيّ أعباء، وخفض معدلات الضريبة على الأرباح وتعويضها بضريبة المبيعات والقيمة المضافة التي تفرض على المستهلكين بدلًا من المنتجين، وإضعاف النقابات، وإضعاف منظمات المجتمع المدني وتقليص قدرتها على الاحتجاج، والسيطرة على وسائل الإعلام، وتوجيه المؤسسات الأكاديمية للترويج لهذه المفاهيم. ولكنّهم من جهة أخرى مهتمون بالاستقرار، ما يعني الاهتمام بالتنمية البشرية وتبنّي مفاهيمها. وهذا يعني فرض ضرائب تصاعدية أعلى على الأرباح وقيود على حرية السوق وتدخل لتصحيح مساراتها، والحفاظ على نقابات قوية وعلى قدرة عالية للمجتمع المدني على الاحتجاج، وحماية المشتغلين من التسريح التعسفي، وغيرها.
    إنّ تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية مسألة في غاية الأهمية والدقة؛ فمن جهة، لا بدّ من الاهتمام بالتنمية البشرية، ولكن المبالغة في الاهتمام بها بأكثر من حدود معيّنة تقضم القدرة على التنمية الاقتصادية وتكبحها، ما يقلّص المتاح للتنمية البشرية. وإهمال التنمية البشرية ومنح الحقوق كافة لرأس المال، إنّما يعني تدهور سوية الحياة ومستوى المعيشة، ويُضعف تأهيل قوة العمل والقدرة الإبداعية للمجتمع، ويهدد في النهاية بانفجار المجتمع.
    غير أنّ خيار الحكومات ليس خيارًا تقنيًا صرفًا، فهي تقع تحت ضغوط أنصار هذين الاتجاهين؛ فرأس المال ومؤسساته الاقتصادية والتجارية ووسائط إعلامه وأحزابه ومعاهده الأكاديمية يضغط بكلّ ما لديه من قوى لدفع الحكومة باتجاه الاقتصار على تبنّي مفاهيم التنمية الاقتصادية ومؤشراتها. ومن جهة أخرى، تضغط مصالح قوة العمل والنقابات والأحزاب الاجتماعية واليسارية باتجاه سياسات تخدم التنمية البشرية. والحكومة في حاجة إلى كسب قطاع الأعمال، وهي في حاجة إلى كسب الشارع. والتوفيق ليس بالأمر السهل وتوازن السياسات أمر دونه عوائق.
    لعلّ أحد دروس الربيع العربي أنّ انتشار السياسة الليبرالية عبر العالم، بعد وصول تاتشر لرئاسة بريطانيا (1979) وريغن لرئاسة أميركا (1980)، ثم بعد سقوط المعسكر الشرقي المنافس (1990)، وتقليص شبكة الضمان الاجتماعي في كثير من بلداننا تأثُّرًا بهذه السياسات، ساهم بوصفه أحد العوامل، في تراكم الغضب وقيام ثورات الربيع العربي التي فتحت أبواب جهنّم، ولا نعلم أين ستنتهي.
    • سمير سعيفان
      ​باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو اقتصادي سوري، له خبرة عملية ممتدة في قطاع المقاولات وخدمات النفط. أدار مكتبه الخاص في دمشق في مجال الاستشارات الاقتصادية والاستثمارية لقطاع الأعمال الخاص وللحكومة السورية. شغل موقع رئيس جميعة مستشاري الإدارة في سورية في الفترة 2005-. 2009. عضو في مركز الدراسات السورية في جامعة سانت أندروز في إسكتلندا. له العديد من المقالات والدراسات المنشورة، وعدد من الكتب في قضايا الاقتصاد.

    • المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات