الجمعة، 24 يوليو 2015

بيان من الجبهة السودانية للتغيير حول حملات الترهيب والتضييق والجلد



حريات
الجبهة السودانية للتغيير تدين حملات الترهيب والتضييق والاعتقالات وعقوبة الجلد ضد الأخوة والأخوات المسيحيين
ظللنا في الجبهة السودانية للتغيير، نتابع باهتمام شديد وقلق بالغ، ما يحدث لإخوات الوطن اللائي ينتمين إلى الديانة المسيحية من اعتداءات وترهيب وتخويف وتضييق واعتقالات في مخطط ممنهج، وحملة عدائية منظمة تهدف لضرب وحدة التماسك الاجتماعي، وخلق الفتنة الدينية بين أبناء الوطن الواحد، لدفع البلاد نحو مزيد من التجزئة والانقسام على أساس ديني.
تمثلت الوقائع في الآتي: في يوم 25/يونيو/2015 بعد خروج الفتيات من الكنيسة بعد أداء صلاتهن، تفاجأن بسيارة شرطة النظام العام وهي تعترض طريقهن، وطلب العساكر منهن الصعود إلى سيارة الشرطة دون ذكر لأي أسباب أو مسوغ قانوني يقتضي ذلك، وفي قسم الشرطة تعرضن إلى إذلال مهين، وحاط لكرامتهن وآدميتهن تمثل ذلك في العبارات الجارحة التي تخطت كل أدب وذوق وحس إنساني سوي، وتم أمرهن بخلع ملابسهن أمام مرأي من رجال الشرطة وإرتداء ملابس أخرى تناسب ذوق زبانية النظام العام، وبعد ذلك تم فتح بلاغات في مواجهتن بمواد مختلفة من ضمنها المادة 152 المعيبة، وتم تقديمهن إلى المحاكمة أمام قاضي النظام العام، وما زالت المحاكمات الجائرة مستمرة بحقهن. وفي حادثة تجاوزت كل الأعراف والتقاليد القضائية الراسخة المستمدة من صحيح القانون قام القاضي بإدانة إحدى الفتيات بسبب الملابس التي أتت بها إلى المحكمة دون أن تتاح لها فرصة الدفاع عن نفسها أمام المحكمة الأمر الذي مثل انتهاك صريح لحق المتهمة في المحاكمة العادلة وخرق فاضح لكل المبادىء القانونية التي تمنع القاضي من الحكم بناءا على علمه الشخصي.
بالرغم من أن بعض الفتيات حظين بالتمثيل القانوني تطوعا من بعض المحامين الوطنيين الشرفاء في الدفاع عنهن، إلا أن تعسف قاضي النظام العام وظلمه البين للمتهمات وذلك برفضه الغير مبرر لسماع قضية دفاعهن، وفي المقابل تم إعطاء الفرصة كاملة للإتهام. أضف إلى ذلك جنوح قاضي محكمة الموضوع إلى تغليظ الغرامات المالية، وذلك لرفع نسبته التي تعود عليه بالنفع بصفته ال شخصية، الأمر الذي يقدح في نزاهة القاضي ويجعل منه خصما ذا مصلحة مباشرة في الدعوى التي أمامه، وهذا ما تم بالفعل في هذه المحاكمات، مما وضع الفتيات أمام خيارات صعبة، إما دفع الغرامة التي تفوق مقدرتهن المالية، وإما تحمل إهانة الجلد أو الذهاب إلى السجن.
إن السياسة العدائية تجاه الأخوات المسيحيات بصفة خاصة والمرأة السودانية بصفة عامة التي ظل يمارسها النظام المتمثلة في سياسة غض الطرف والتساهل، بل والتواطؤ مع حملات ما يسمى بالنظام العام الجائرة، ودعاة التعصب الديني جاءت نتائجها منطقية، ونهاياتها متسقة لما قبلها من سياسات ظل يمارسها نظام الجبهة الإسلامية القومية منذ حروبه الجهادية في جنوب السودان وجبال النوبة وجبال الإنقسنا، التي ارتفعت فيها رايات الشعارات العنصرية، والكراهية الدينية ضد الإخوة المسيحيين، وضد وجودهم كأفراد وتجمعات وكيانات.
وجاء حديث “الدغمسة” الذي لا يقبل أي تأويل بمدينة القضارف في ديسمبر/ 2010، الذي أعلن فيه رئيس النظام عدم اعترافه بالتعدد الديني والثقافي بعد انفصال جنوب السودان، الذي يعد سكانه من أكبر الكتل المسيحية بالسودان، مما أوجد المرجعية السياسية والحماية القانونية لدعاة التعصب والهوس الديني وإعطاء الضوء الأخضر لشرطة ومحاكم النظام العام لإذلال المرأة بواسطة قانون النظام العام الذي تنطلق مرجعيته من التعصب والهوس وإزداء المرأة كإنسان لها حقوق مرعية تكفلها كل القوانين والدساتير المحلية والأعراف والمواثيق الدولية.
إن هذا النظام المتأسلم وفي سبيل احتفاظه بالسلطة، قد لعب بكل الأوراق التي هددت البلاد في وحدتها، وسيادتها ووحدة شعوبها. ومنذ استيلاءه على السلطة السياسية وانقلابه على الديمقراطية، لجأ إلى القبيلة كمكون سياسي لتوفر له الحماية، الأمر الذي أوجد القبلية في الحياة السياسية السودانية، واعتمد على العنصرية في أوضح صورها لاقصاء الآخر وشجع الجهوية والمناطيقية اتباعا لسياسة “فرق تسد”. وعطفا لما سبق تبيانه، ترى الجبهة السودانية للتغيير الآتي:ـ
أولا: إلغاء قانون النظام العام الذي يستهدف النساء على وجه الخصوص ويعمل على إذلالهن وتجريدهن من كرامتهن، ويعمل كذلك على إفقارهن ماليا بفرض الغرامات المبالغ فيها كعقوبة أصلية مما يؤكد أن الهدف من هذا القانون الجائر هو الحصول على المال. وإلغاء جميع الأجهزة المنشأة بموجب هذا القانون ـ شرطة، نيابة، محاكم. وإلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات وخاصة المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991.
ثانيا: إن الدين هو مكون اجتماعي يدعو إلى التسامح، وتعظيم القيم التي تحترم الإنسان وحقه في أن يعيش حرا كريما، واستهداف الفتيات المسيحيات على أساس ما يرتدينه من ملابس لا تتعارض مع معتقداتهن لفيه أستهداف واضح لهن باعتبارهن مسيحيات.
ثالثا:إن الأديان تعمل على تدعيم التماسك القومي والضبط الاجتماعي والسلم الأهلي وضبط سلوك الأفراد من خلال الدعوة للتمسك بالقيم الإنسانية العليا، والمعايير الأخلاقية الفاضلة التي تدعو إليها هذه الأديان واستهداف الفتيات المسيحيات هو استهداف لدينهن وقدسيته.
رابعا: يجب احترام كل الأديان السماوية دون تفرقة، وصيانة المقدسات وكريم المعتقدات والمحافظة عليها، وعدم الزج بها في الصراعات السياسية. حتى نحافظ على قدسيتها وحرمتها. وعلى الدولة تقع مسئولية توفير الحماية الفردية والدستورية والقانونية كي يمارس الأفراد شعاراتهم بحرية تامة وفق قناعاتهم الشخصية وانتماءاتهم الروحية.
خامسا: يجب محاربة التطرف والتشدد والغلو والهوس الديني، لأن عاقبة ذلك ستكون وبالا على الجميع، كما يجب معاملة أتباع كل الديانات بالمساواة التامة، وعدم تدخل الدولة في معتقداتهم وطريقة ممارستهم لها واحترام أزيائهم التي أباح لهم معتقدهم بارتداءها.
سادسا: إطلاق سراح كافة الفتيات المعتقلات بسبب ملابسهن، وإلغاء الأحكام التي صدرت ضد ثلاث منهن، وعدم التعرض لهن أو التدخل في شؤونهن الإجتماعية وحياتهن الخاصة. ولن يتم ذلك إلا بإلغاء قانون النظام العام الجائر والمعيب والذي يعتبر وصمة عار في جبين الإنسانية.
وترى الجبهة السودانية للتغيير إن الحل الجذري يكمن في العمل الجاد لإسقاط هذا النظام العنصري والبغيض، وإقامة دولة المواطنة التي تفصل الدين عن الدولة، وتعمل على حماية كل الأديان وكريم المعتقدات، وكفالة حرية معتنقيها.
الجبهة السودانية للتغيير
الخرطوم ـ 23/يوليو/2015.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق