السبت، 2 أبريل 2016

صورتنا بالخارج : القنصلية السودانية


القنصلية السودانية في جدة نموذج فاضح لسوء الادارة عندنا ، وما وصلت اليه من التدني والانحطاط . الآن ومع تنفيذ سرعة استخراج الجواز الالكتروني ، وتزايد أعداد المراجعين للقنصلية ، تجد ان القنصلية لا يمكنها تحمل هذه الاعداد الضخمة من الناس وانها تنوء بثقل ، وصورتها الآن في أسوأ حالاتها . إذا دلفنا الى المبنى حيث أعداد المراجعين الكييرة ونظرنا الى هذه الصالة فإنها مكان لا يتناسب وصورة السوداني المفتخر دئما بكل جميل رصين من الأخلاق والقيم والصفات المحمودة.


إذا نظرت حولك وجدت الحيطان القذرة المتسخة ، وإذا نظرت الى كل شئ حولك فسوف لن تقف عبنيك عن الدوران والاندهاش ، ما هذا المكان يا الله ! انك ان زرت بعض المسالخ في بعض دول الخليخ لوجدت ان المسلخ انظف من قنصلية بلادي . اذا نظرت الى المكيفات تعجيت لقدمها وتهالكها واتساخها ، واذا نظرت حيث يجلس الموظفون وجدت عجبا . إن بيئة كل الموظفين الذين يواجهون الجمهور هي بيئة سيئة للغاية ولا تشرف ، الكراسي حيث يجلسون ، وكل طاولاتهم بحال من السوء بدرجة كبيرة وحنى الكاونترات فإنها مهلهلة وساقطة ..

واذا امعنت النظر الى وجوه هؤلاء الموظفين وجدت عجبا ..انهم يمثلون الكابة ولا يمثلون الوجه الحسن لبلادنا ، الملبوس مغبر وسحابة من الحزن تظلل وجوههم لعل مردها الزحام والتكديس ، ولعل مردها بنية المكان غير المناسبة المعبأة بالاوساخ والقاذورات . وهنا يعن سؤال أين القنصل ، أين هؤلاء الذين سمتهم الدبلوماسية في الكلام وفي اسلوب الوقوف والحركة ، اين نائب القنصل ؟ وأين المستشاريين والمساعدين واعداد الاسماء الكثيرة ، وما أعجبنا في اختراع المسميات ، ولكن حالنا كما هي مغبرة قذرة . أين القنصل ألا يدخل الى هذا المكان . اين المستشار الاكبر في وزارة الخارجية ؟ اين المراجع العام ؟

إنك إن نشرت صور هذا المكان ستفجع الجميع بمكان اشبه ما يكون بالمسلخ او مكب النفايات . وحين تدلف الى غرف النصوير وتنظر حال الموظفين الذين يمارسون عملهم باحترافية في الكمبيوتر والتصور وهم ضباط فانك تتألم لحالهم ، فالبيئة حولهم مكيفات قديمة دون غطاء وطاولات متهالكة ، وعندما كنا بصدد البصمة وانا اساعد ابنتي استندت الى طاولة فنبهني الضابط الا اضغط حتى لا تنكسر !
وإذا نظرت لملامح الوجوه ، وكان لا انفعال وكان الموظف روبوت يؤدي عمله ، فلا انفعال بينه وبين المراجع و لا ابتسام ، ويجعلك تتساءل لماذا وصل حال الموظف عندنا لهذا الحال .

والشئ المؤسف بعنف ان هذا التجمع الكبير رجال ونساء واطفال ورضع ، كلهم محصورون في مكان ضيق ، وعدد كراسي الانتظار محدود ، فلربما يقف البعض لساعات حتى تنتهي اجراءات مراجعاتهم . ومما يؤلمك الاختلاط كبير فالمكان المخصص للنساء ضيق خلف ستارة زرقاء متسخة وامام حمامات لم تذق الق النظافة يوما ، وعدد الكراسي لا تكفي لعشرين امراة ، وبقية الصالة كانها ميدان المولد .

ولك ان تتساءل ان هذه الصورة العجيبة من الاختلاط والتكدس الى متى تستمر .
ومن العجيب انك تاخذ الموعد بان العمل سيبدا عند الساعة السابعة ، ثم لا تفتح الابواب بعد نصف ساعة او اكثر ، وفي هذه الاثناء تجد عشرات النساء امام الباب يفترشن الارض منهن كبيرات السن ومنهن مريضات او ذوات احمال ومنهن من يحملن رضع ، الصفوف طويلة ولربما تجد بعسهم في الصف لاكثر من ثلاث او اربع ساعات قبل ان تفتح السفارة ابوابها !

والكثير من المراجعين ياتون من مدن اخرى بعيدة ، في سهر وقيادة سيارة ..يا لهذا الرهق العارم من يحس به ؟
اين موقعه من المؤتمرات المستمرة والحوارات المتواصلة عن تطوير الاداء والنهوض بالادارة وغير ذلك من الكلام الكثير والفعل القليل .
إن هذه الصورة الغريبة للقنصلية تجدها في كامل المبنى بجميع اقسامه ، إن المكان بالكامل لا يصلح لشئ ولا حتى لعمال نظافة وهم يبداون صباحهم لجمع النفايات . وإنني إذ انقل هذه الصورة لا انقلها بهدف التشهير ، ولكننا بحاجة ملحة الى النظر في اماكننا واداراتنا بجدية وتنفيذ ما نقوله ونكتبه ..يدفعني الى ذلك غيرة ان ارى من بدأوا بعدنا وقد سبقونا في كل شئ ونحن في اسفل القائمة . آملة ان يلقى كلامي النظر والاحساس والفعل وتغيير هذه الصورة المزرية لمكان نعتز به لانه يجمعنا جميعا بغض النظر عن توجهاتنا وأفكارنا ونقدنا ، إن هذا المكان يحتاج الى ثورة ...
ومن الملاحظات ان هنالك بعص المراجعين الاجانب الذين يريدون زيارة السودان ، فتخيل انهم يهيمون في وسط هذه الزحامات ووسط هذه القاذورات ..بدلا ان يأخذهم القنصل الى مكان نظيف ويقدم لهم خدمات الفيزا بصورة تعكس وجه البلد الحضاري ، فسفارتنا عنواننا . ولكنك تتعجب انهم لا يجدون من يدلهم من اين ييدأون واين ينتهون ، سمك لبن تمر هندي .

نامل ان تتغير هذه الصورة ونرى مكانا جديدا يليق بقنصليتنا وبقنصلنا ، الذي نرى عربته فارهة وانيقة ، وبعض الموظفين كذلك عرباتهم انيقة ورائعة ، ولكن المكان غير ذلك ...
أسماء عبداللطيف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق