السبت، 2 أبريل 2016

الاعلان عن تصفية الخطوط البحرية السودانية ..


شعور بالحزن والألم الشديدين تملكني الساعة التي خُبرت فيها بنهاية أعرق شركات القطاع العام وهي شركة الخطوط البحرية السودانية التي تم الاعلان عن تصفيتها رسميا قبل يومين تحديدا يوم الخميس 30 مارس من العام الجاري، وذلك عملا بأحكام قانون التصرف في مرافق القطاع العام لسنة 1990م وبناء على القرار الخاص الصادر من الجمعية العمومية لشركة الخطوط البحرية السودانية المحدودة في اجتماعها فوق العادة بتاريخ 21 مارس المنصرم، حيث قررت الشركة ان تصفى تصفية اختيارية وعينت اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام مصفيا للشركة.

هذا الخبر وقع علي كالصاعقة لمعرفتي الجيدة ما للشركة من مكانة عالمية في النقل البحري، وبين شركات العالم التي تجوب المحيطات والبحار، وخلال سنوات عمري التي عشتها في مدينة بورتسودان ارتبطت فيها بالعديد من الأشخاص والأقارب الذين كانوا على متن سفن الشركة لعقود من الزمان من الكفاءات النادرة التي يشار إليها بالبنان، ومرات عديدة صعدت على سفنها وتعرفت على امكانياتها، ومن بين الذين ربطتني بهم علاقات القربى والمحبة الاخ العزيز جعفر شطة بالسفينة (أمدرمان) الرجل التقي الورع، والمرحوم الفقيد العزيز سيد الدومي السفينة (دنقلا) عليه رحمة الله وهو أيضا صاحب خلق رفيع ومشهود له بالورع والتدين، وهو من الخبراء العالمية في مجالات الاتصالات ضربت شهرته الآفاق، والاخ العزيز الفاضل المهندس بابكر نميري، أيضا يمثل أحد الخبرات السودانية المعروفة والمشهود لها في الشركة بالكفاءة والخبرة الطويلة وكان في فترة من الفترات مدير مكتب الخطوط البحرية في مدينة هامبورغ.

هؤلاء الثلاث وبقية زملاءهم في الشركة كانوا يمثلون الشعب السوداني في أمانته في حفظ مقدرات الوطن، وفي صدقه وكفاءاته، لذلك (سودان لاين) كانت من أكثر الشركات البحرية في العالم شهرة للسمعة الطيبة والخبرة التي كانت تمتلكها، ويحكي الكثير من الناس عن مهارة ربانيها في قيادة هذه السفن في الأحوال الجوية والبحرية الصعبة، مهارات يتحدث عن خبراء السفن في الشركات الرصيفة، وفي ذات الوقت كانت من الشركات الناجحة اقتصاديا والعاملين فيها كانوا أصحاب حظوة في صرف الحوافز، لأن الشركة كانت تدار بعقلية الاقتصاد والتجارة والكفاءة، بعيدا عن مناهج العصابة الحاكمة، وكانت تدار بعيدا عن الحزبية والطائفية والقبلية وكانت الشركة تحتضن ابناء السودان بدون النظر للجهوية والانتماءات السياسية، إن العصابة الحاكمة وفي أولى أعوامها قامت بإبعاد الكفاءات التي ارتقت بالشركة وحلت محلهم أصحاب الولاء التنظيمي.

ومن هنا تملكني الحزن الشديد لمعرفتي باسهامات الشركة في الاقتصاد الوطني وكانت يعمل بها في أيام مجدها آلالاف من السودانيين منتشرين على نطاق واسع في العالم وفي مكاتبها بأعرق وأشهر المؤاني وكان يقود سفنها خبرات وطنية.
لكن.. ولكن هذه تجر وراءها الفجيعة في أبعد صورها لأن نظام عصابة المؤتمر (الوطني) لم يتركوا شركة منتجة وإلا نهبوها، مع العلم إن شركة الخطوط البحرية السودانية عندما جاءت هذه العصابة للحكم وحتى عام 1990 كان لها 15 باخرة يعرفها كل العالم بلونها الأخضر المتميز وعليها شعار المتميز أيضا (طائر النورس) باللون الأبيض، 15 باخرة تحمل العديد من أسماء مدن السودان العريقة.
وبما أن العصابة الحاكمة كانت نيتها نهب موارد البلاد لعبت لعبتها القذرة بلا خجل فكانت المحصلة الآتي:
الباخرة ام درمان وهي من أشهر البواخر تم التخلص منها  عام 1995م.
الباخرة مروي تم التخلص منها عام 1995م.
الباخرة ستيت تم التخلص منها عام 1997 م.
الباخرة نيالا  تم التخلص منها عام 1996م.
الباخرة الأبيض تم التخلص منها عام 2002 م.
الباخرة دنقلا تم التخلص منها عام 2003 م.
الباخرة القضارف تم التخلص منها عام 2003 م.
الباخرة الضعين تم التخلص منها عام 2003 م.
الباخرة النيل الازرق تم التخلص منها عام 2004 م.
الباخرة دارفور تم التخلص منها عام 2014 م.
الباخرة النيل الابيض تم التخلص منها عام 2014 م.
وليعلم القاصي والداني بأن عدد هذه البواخر بيعت (خردة) وهي في احسن حالاتها، فدخلت المبالغ جيوب المتنفذين من وراء الحُجب، مثلما حدث لشركات الخرطوم للتجارة والملاحة التي شهِدت مراحل نهبها كاملة وكتبت في ذلك كثيرا (راجع كتاب – عباقرة الكذب)، وشركة البحر الأحمر للتجارة والملاحة التي بيعت للدفاع الشعبي، وذات السيناريو الذي دمرت به مجموعة شركات بنك النيليين التي كتبت عنها قبل سنوات، حتى أصبح بنك النيلين وكأنه لم يكن، والعشرات من شركات القطاع العام راحت (شمار في مرقة) وافراد العصابة الحاكمة التي سرقت ونهبت هذه المقدرات يعيشون بيننا ويهتفون صباحا ومساء بالتكبير والتهليل..!!.

 يكون من الطبيعي أن العصابة عندما تسرق المال العام تنزوي خجلا وتسكت، لكن من غير الطبيعي وغير المنطقي ومن الجنون وبعد أن نهبت كل مقدرات البلاد تتحدث اليوم عن التنمية وعن الازدهار والتطور، بل ويشتم قادتها كل من يتحدث عن فسادهم وعن سوء أخلاقهم، وتجند ضعيفي النفوس الذين باعوا أنفسهم من أجل دريهمات معدودة ليقوموا بالدفاع عن سرقاتها الظاهرة التي تعلنها الصحف مثل الاعلان المنشور مع هذا المقال حول (تصفية شركة الخطوط البحرية السودانية).

مقدم الأمن المدعو نصر الدين غطاس.. من عديمي الكفاءة والموهبة

قبل أشهر من الآن دعيت باصرار شديد للمشاركة في منتدى سوداني على (الواتساب) والغالبية العظمى فيه كانوا من الاجهزة الحكومية الأمنية والعسكرية والمخابراتية وعندما جاء الحديث عن فساد النظام نشرت لهم مقالا عن دمار مجموعة بنك النيلين كنت قد نشرته في (الراكوبة) وشاع بعد ذلك في كل المواقع السودانية عن الطريقة التي دمر بها ذلك القيادي الكبير البنك الكبير، ولم يحاسب حتى الآن، فانبرى لي مقدم في جهاز الأمن المدعو نصر الدين غطاس يتهمني بالفساد ايام كنت في معيتهم، وأني خرجت منهم بقصص ملفقة، في حين الكل يعلم عندما خرجنا من معيتهم القذرة خرجنا نظيفي اليد واللسان وكانوا في أمس الحاجة لنا ولأقلامنا وبعد خروجنا كانت الاتصالات تكرر في العام الأول من مغادرة الوطن للعودة وبامتيازات كثيرة، فالحمدلله رفضنا ذلك بإباء وشمم، بينما هو وأمثاله دخلوا النظام وأجهزته الأمنية في الوقت الذي خرجنا فيه نحن بكرامتنا مرفوعي الرأس، فأغنانا الله سبحانه وتعالى من فضله بالحلال، وحققنا من الإنجازات الشخصية سجلته صحائف التاريخ.
ضابط الأمن نصر الدين غطاس ومن معه من عديمي الأخلاق والموهبة والكفاءة لم يجدوا مكانة تستقبلهم إلا الاجهزة الامنية، يرهبون الناس بالكذب والتلفيق، ومن المضحك أن المدعو غطاس ومن معه من الرجرجة والدهماء المنتشرين في مجموعات (الواتساب) ينشرون التهديد لنا بالطرد من البلاد التي نقيم فيها، وأن نظامهم القمئ لنا بالمرصاد، وكتبوا كلاما كثيرا يهدد كل من يقيم في دولة عربية خليجية ينتقد سرقتهم ونهبهم لموارد الوطن، بالتبليغ عنه لدى هذه الدول وينسوا تماما بأن ارض الله واسعة، ولأنهم عديمي موهبة وكفاءة فإن تفكيرهم محدود للغاية لا يستوعبوا بأن صاحب الكفاءة يمكن أن يغادر إلى اي دولة في العالم خاصة إذا كان صحفيا واعلاميا له قدرات عالية من خلال خبرة قاربت للثلاثين عاما.
ان العصابة الحاكمة في السودان ستستمر في نهب المؤسسات حتى ينتهي نظامهم القاتل السارق، يخربون بيوتهم بأيديهم، نعم لا يوجد معارضة قوية للنظام، لكن عِبر التاريخ القريب جدا تجعلنا نطمئن وأمامنا تجربة – زين العابدين بن علي في تونس- وصدام حسين في العراق، وحسن مبارك في مصر، وعلي صالح في اليمن، أنظمة كانت ذات سلطان قوي وجيوش جرارة تسد عين الشمس، وأحزاب حاكمة قوية لا يستطيع أحد أن يقف ضدها، لكن الله قوي وأكبر من قوتهم ومن جبروتهم،  إن أمر الله قريب جدا جدا وهؤلاء القتلة المغتصبين لا يدركون هذا الأمر لذلك نطمئن فإن غدا لناظره قريب.

وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ..

بقلم: خالد ابواحمد 
السبت الثاني من ابريل 2016م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق