الأربعاء، 27 مايو 2015

ضد التلوث في الخرطوم!



المعادلة ليست صعبة: صحة الناس في الخرطوم، أهم من أرزاق طائفة من الناس.

الأرزاق ليست في «الركشات» فقط، تلك التي تنفث السموم، وجعلت من الخرطوم، واحدة من المدن، التي ستختنق عاجلا، بثاني أكسيد الكربون.

مدن عالمية كثيرة، يلف أجواءها التلوث القاتل.. وحيث كان تلوث الهواء بهذا الدخان الكثيف من عوادم الآليات المتحركة- ومن بينها الركشات- كان ضيق الشرايين، وفتور عضلات القلب، وصراخ الرئتين، والانسدادات في البلاعيم، وكانت السرطانات!

الخرطوم، مدينة ملوثة.. وبعدد مجانينها، هي أيضا مدينة مصابة بلوثة عقلية.. ومن بين هؤلاء المجانين، ذلك الذي صدق لكل هذه الركشات الخرافية، دون أن ينظر إلى آثارها المدمرة للهواء النظيف، وإلى تلوثيها المدمر للجهاز السمعي، بكل هذه الورورة، في الصباحات والنهارات والعشيات، وفي الليل.. وقت النومة.. والحلمة السابعة!

لا نومة هادئة في الخرطوم، وهذه الكائنات ذوات الثلاث أرجل تورور أررررر.. اررررر.. أررررر، وعوادمها تنفث ما تنفث من السم القاتل.. ولا من أحلام منام، بعد أن تبددت كل أحلام اليقظة، بكل هذا الاختناق في الممارسة السياسية، وفي الأسواق، وفي المدارس، والمستشقيات، والشوارع!

الوقت قيمة اقتصادية. مال.. وباختناق المرور بالركشات، وكل هذا الكم من الحديد الكوري الرخيص، يتبدد الوقت كقيمة اقتصادية.، وتتصاعد بالتالي شكوى الجيوب لطوب الأرض!

اسأل نفسك: كم يكلفك مشوار عاجل من الوقت، في خضم كل هذا الزحام، والانسداد المروري.. وكم من طاقتك النفسية والعصبية والشعورية.. بل والعقلية، التي تتبدد في ذروة كل هذه الدخاخين، وكل هذا الضجيج، وكل هذا الغبار، وكل هذا العرق السيّال، وكل هذا السب.. وكل هذه اللعنات، وكل هذه النرفزة، وكل هذه الخناقات؟!

اسأل نفسك، ولا تدع بطول العمر، لمن لم يتق الله في وقتك، ولا صحتك، ولا في هدوء أعصابك.. وادع في المقابل لمن اتخذ قرار إيقاف التصديق للركشات، أن يحفظ رب الناس رئتيه، وبلاعيمه، من أي اختناق، ويحفظ أذنيه من أي تلوث سمعي، ويريح أعصابه في الغمدة والنومة الطويلة!

القرار، ينبغي أن يتبعه قرار وقف استيراد اسبيرات الركشة، حتى إذا ما توقفت، كان مصيرها مقبرة الحديد التي ليس من قومة منها، ولا فيها من أكف ترتفع بالدعاء الرحيم!

القرار أيضا ينبغي أن تترافق معه، فتح سبل كسب عيش نظيف لكل الذين، كانوا يكسبون عيشهم- وهم لا يعلمون- من تلويث الهواء، وتلويث المرور، وتلويث السمع.

مرة أخرى: لا ضرر ولا ضرار.. والأرزاق ليست في الورورة- فحسب- ولا في اليد الشمال التي أصبحت أقوى من اليمين- بالنتل إلى أعلى لتدوير الركشة!

هاشم كرار
بريد الكتروني:
hashem_karar@al-watan.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق