الجمعة، 13 مايو 2016

مصادرة صحيفة «الجريدة» السودانية ثلاث مرات خلال أربعة أيام


الخرطوم ـ صادر جهاز الأمن السوداني، أمس الخميس، صحيفة «الجريدة» عقب طباعتها مباشرة، من دون توضيح الأسباب. وهذه هي المصادرة الثالثة للجريدة نفسها خلال أربعة أيام، وكانت المصادرة الأولى في التاسع من الشهر الحالي.
وصادر جهاز الأمن عددي 9 و10 أيار / مايو، وصدرت الصحيفة يوم 11 منه، وتمت مصادرة عدد يوم أمس 12 آيار / مايو أيضا. وتحدث الصحافيون قبل فترة عن اتجاه جديد لمعاقبة الصحف في السودان وهو المصادرة المتتالية ـ وهو ما حدث لصحيفة «الجريدة» ـ بعدما كانت المصادرة العقابية لعدد واحد.
وقال أشرف عبد العزيز، رئيس تحرير «الجريدة»، إنهم لا يعرفون حتى الآن سبب هذا الإجراء. وقد أجروا عدة محاولات لمقابلة الجهات المختصة، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. وأضاف أن المصادرة أوقعت بالصحيفة خسائر مادية كبيرة، مشيرا إلى أنهم لم يتلقوا اتصالا من اتحاد الصحافيين أو المجلس القومي للصحافة والمطبوعات للوقوف بجانبهم في هذه الظروف السيئة. وأضاف أنهم لا يعرفون حتى الآن (أمس) ما سيحدث (اليوم). وجاء على صفحة الصحيفة بموقع «فيس بوك»، تحت عنوان «الجريدة هذا الصباح»: «مصادرة عدد الخميس بعد الطبع. تخطينا مرحلة خطابات للاتحاد والمجلس. ثلاث مصادرات في أربعة أيام تجبرنا على التوقف مؤقتا احتجاجا وربما نقرراعتصاما بعد أن نجتمع».
وأوقف مجلس الصحافة الشهر الماضي اثنين من كتاب صحيفة «الجريدة»، هما حيدر خير الله وصلاح أحمد عبد الله، بحجة عدم نيلهما شهادة السجل الصحافي، وعدم حصولهما على الإذن بالكتابة. وتتسم مقالات الكاتبين بتوجيه النقد القاسي لحكومة الإنقاذ وحزب «المؤتمر الوطني» الحاكم.
ويقول المحررون العاملون في «الجريدة» إن نشر أخبار عن التظاهرات الأخيرة وأزمة جامعة الخرطوم قد تكون سبب المصادرة، لأن الجهات الأمنية طالبت الصحف بالامتناع التام عن الخوض في هذه الموضوعات. ولم تلتزم صحيفة «الجريدة» بهذا الأمر، ونشرت اخبارا عن أزمة الجامعة والتظاهرات في اليوم نفسه الذي صدر فيه التوجيه.
وعلى مستوى صالة التحرير توقف الاجتماع اليومي، ويقول الصحافيون، الذين استطلعتهم «القدس العربي»، إنهم يقومون بعملهم الروتيني بجمع الأخبار والمواد الصحافية وتجهيزها. لكنهم يعرفون تماما أن الصحيفة لن تصدر. وهم يعتقدون أن ما يحدث هو «حملة تأديبية مقصودة». وألمح العديد منهم للاحتجاب وعدم الصدور حتى تتم معرفة اتجاه السلطات الأمنية نحوهم.
وقالت «صحافيون لحقوق الإنسان» (جهر) في بيان لها أمس الأول الأربعاء: «لليوم الثاني على التوالي، جهاز الأمن يُصادر عدد «الثلاثاء 10 آيار / مايو 2016» من صحيفة «الجريدة».
وتأتي مصادرة عدد الثلاثاء 10آيار / مايو، عقب مصادرة عدد الاثنين 9 آيار/مايو 2016 من الصحيفة بواسطة جهاز الأمن. وكالعادة لم يعلن جهاز الأمن عن اسباب المصادرة».
وتقول «جهر» إن جهاز الأمن أجبر الصحف يوم الخميس 28 نيسان / أبريل 2016 بعدم نشر معلومات وأخبار تتعلق بالتظاهرات المندلعة في العاصمة السودانية، وتفاقم قضية جامعة الخرطوم، وطلابها المعتقلين، والمفصولين سياسياً. لكن عددا قليلا من الصحف، ومن بينها صحيفة «الجريدة»، لم تستجب للأمر الأمني.
وتفاجأ الصحافيون السودانيون – وهم يستعدون للإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من الشهر الحالي – بحملة أسفرت عن فصل مجموعة منهم من وظائفهم، ومنع الصحف من نشر أخبار التظاهرات التي تعم السودان حاليا. كما مُنعوا من إقامة ندوة تستبق قرارا يقضي بدمج بعض الصحف على نحو يراه النظام الحاكم ملائما له، إذ يسهّل عليه السيطرة على الكيفية التي تتصرف بها الصحافة في البلاد.
وقام جهاز الأمن بتعليق صدور صحيفة «التيار» لأجل غير مسمى، في منتصف كانون الأول / ديسمبر الماضي، بعد أن صادر الصحيفة من المطبعة، من دون إبداء السبب لهذا الإجراء. إلا أن المحكمة الدستورية قضت بعودة الصحيفة للصدور بعد جهود كبيرة بذلها نبيل أديب، المستشار القانوني للصحيفة. وصدر العدد الأول بعد الإيقاف يوم الثلاثاء الماضي.
وأيضا صادر جهاز الأمن في الشهر الماضي صحيفة «الصيحة» قبل انتهاء عملية الطباعة. كما صادر عددين متتاليين من صحيفة «التغيير»، في خطوات وصفت بأنها إعلان عن عودة الرقابة القبلية للصحف في السودان.
وشهد العام الماضي مواصلة السلطات السودانية قمعها للصحافة، ويعتبر العام 2015 هو الأسوأ في قمع الصحف. ففي شباط / فبراير صادر جهاز الأمن والمخابرات 15 صحيفة في يوم واحدعقب طباعتها مباشرة، من بينها – لأول مرة – صحيفتان اجتماعيتان. وكان سبب المصادرة هو إثارة موضوع اختفاء أحد الصحافيين في ظروف غامضة.
وبعيد الانتخابات بوقت وجيز، وتحديدا في أيار / مايو من العام الماضي، صادر جهاز الأمن عشر صحف بعد طباعتها بسبب نشرها خبرا يشير إلى وجود حالات اغتصاب في حافلات نقل أطفال أحد أحياء الخرطوم وتلاميذ المدارس.

صلاح الدين مصطفى
«القدس العربي»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق