الخميس، 24 سبتمبر 2015

للخروج والمُخارجة من بئر الرابع: جا يكّحلا ، عماها !!


فيصل الباقر
عطفاً على ماسبق من عجائب وطرائف الحكاوى القديمة، والأمثال السائرة ، بمُختلف رواياتها، بما فى ذلك، القصّة المروية عن كلب وقطة، عاشا فى قصور أحد الأثرياء، حول أصل وفصل المثل الشائع "جا يكحّلا عماها "، نستطيع من الآن فصاعداً، أن ننسب ونربط - مُطمئنين – ذلكم المثل القديم، فى عصرنا الحديث، بقصّة مسئول " عدلى " سودانى، حاول فى إجتماعات مجلس حقوق الإنسان – بجنيف، فى جلسته الثلاثين، أن ينفى المزاعم والإتهامات التى سيقت حول إغتصاب جنود سودانيين لنساء فى دارفور، فذهب مذهباً عجيباً وغريباً، فى معرض نفى المزاعم، مُدلّلاً على إستحالة حدوث فعل الإغتصاب، فى السودان، بإنّ أهل السودان، لا يحتاجون لممارسة الإغتصاب، لأن الرجال يتزوّجون مثنىً وثلاث وربُاع، ولهذا السبب وحده، يرى المسئول العدلى، أنّ الجنود السودانيين، لا يُمكن إقدامهم على هذا الفعل الشائن، وهكذا، يظنّ المسئول العدلى، وهو وزير دولة، أنّ ما قاله يُمكن أن يكون بيّنة كافية، تُعضّد نفيه للجريمة، ويُعد قرينة قويّة ضد مزاعم التحرُّش والإغتصاب !.

بهذه السذاجة، وبهذه البساطة، وبهذا المنطق الشكلانى الموغل فى الغباء، يُحاول بعض المسئولين السودانيين، الدفاع عن سجل إنتهاكات حقوق الإنسان فى السودان، والمؤسف أنّ مثل هذه " الترهات " تأتى من أفواه مسئولين، يُنتظر منهم الحديث الموزون، المدعوم والمُؤيّد، بالأدلّة القاطعة، المأخوذة من نتائج لجان تحقيق مُحترمة، تتّسم بالمهنية والعدل، يكون هدفها الإنصاف، والإنتصار للضحايا والناجين، وتقديم الجُناة للمساءلة والعدالة، لأنّ الهدف الأسمى يجب أن يكون إحترام وتعزيز حقوق الإنسان، ولكن هيهات!.. وهكذا نجد المُدافعين عن " الشينة "، يهطرقون، من على المنابرالأُممية، التى ينبغى أن يكون فيها الحديث موزوناً وحكيم، ويتّسم بلغة التعقُّل والحكمة، وينبع من قاموس لغة حقوق الإنسان، المعتمدة على إيراد الحقائق المُجرّدة بعد التقصّى اللازم، والواجب إتّباعه، وفق معايير معروفة ومرعيّة عالمياً فى إثبات أو نفى هكذا مزاعم واتهامات.

ولأنّ خير الكلام ما قلّ ودلّ، وعلى عكس كثير من التوقُّعات المُتفائلة، نستطيع فى هذه العُجالة، أن نزعم ونقول - فى هذه المرحلة الباكرة – هناك إرهاصات مفادها ، قد ينجو السودان فى هذه الدورة من الوقوع فى بئر ومستنقع (البند الرابع)، لـ(ينعم) - حتّى إشعار آخر- بالبقاء فى نفق (البند العاشر) والذى سيأتى مُطعّماً، بشىءٍ من (التشديد)، فى اللغة التى يُصاغ بها المُقترح الأخير، ليحصل ( القرار) على (التوافق)، بدلاً عن تعريضه لـصُعوبات وتجاذبات (التصويت)، وهذا ليس بجديد، على إتخاذ قرارات مجلس حقوق الإنسان، ويعود ذلك، لأسباب عُدّة، ليس من بينها - حتماً- تصديق العالم مثل هذه الروايات الساذجة، التى تتعب الوفود الحكومية فى سبكها والأتيان بها،، كرواية المسئول العدلى السودانى، وليس لأنّ حالة وأوضاع حقوق الإنسان فى السودان، قد تحسّنت بالفعل، ولكن قد يأتى، لأسباب أخرى، معلومة ومعروفة، منها لعبة التوازنات والمصالح المُختلفة، للدول التى يتشكّل منها المجلس، فى كُل دورة، وهذا من المعلوم للجميع بالضرورة... ونرجو، بل، نتمنّى أن لا تتمادى الحكومة، وينشط إعلامها التابع - بعد غزوة جنيف - فى إدّعاء تحقيق إنتصارات موهومة ومزعومة، بسبب نجاتها - هذه المرّة- من ( البند الرابع)، وعلي الدولة المُنتهِكة، أن تعرف وتُدرك أنّ إبراء الذمّة الحُكومية، من الإنتهاكات، وصك البراءة الحقيقى، يُعطيه الشعب السودانى، ولا يمنحه المُجتمع الدولى،..شعبنا يُمهل، ولا يُهمل، وحكمه هو الأوّل والأخير، يا هؤلاء !.

الراكوبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق