الأربعاء، 29 يوليو 2015

الخدمة الظالمة: السودانيون يعانون من سوء خدمات الاتصال والإنترنت



معاناة حقيقية يعيشها السودانيون مع شركات الاتصالات، بسبب رداءة الخدمة، خاصة خدمات الإنترنت، إلى جانب فرضها لرسوم ضريبية جائرة من دون الإعلان عنها وتطبيق سياسات ترهق كاهل المستخدم. ويأتي ذلك في ظل تحوّل الدولة تدريجياً إلى الحكومة الإلكترونية، فقد بدأت تفتح المجال أمام التقدّم للجامعات إلكترونياً، علاوة على تحصيل رسوم الخدمات المختلفة، ما يؤثر على الإنترنت الذي ساء أخيراً وبشكل ملحوظ في أوقات الذروة، لا بل ينقطع في بعض الولايات نتيجة الضغط على الشبكات. وفي ظل الانقطاعات المتكررة للاتصالات، وتراجع سرعة الإنترنت، انطلقت حملات شعبية وشبابية واسعة، معلنة مقاطعة شركات الاتصالات، ما أجبر الأخيرة على الاعتذار، ودفع الحكومة للبحث عن حلول للأزمة.

غضب وحملات
ما زالت شركات الاتصالات في السودان تعمل بالجيل الثاني والثالث، والذي لم يبلغ مداه في الأصل. لكن وزارة الاتصالات أمهلت الشركات فترة انتهت منذ أسبوع تقريباً، لتحديد قدرة الشركات عبر لجنة فنية على الانتقال إلى الجيل الرابع لحل مشاكل الإنترنت، ولإيجاد سعات أكبر، فضلاً عن زيادة عدد المشتركين.

يرى مراقبون أن الانتقال إلى الجيل الرابع يحتاج إلى توفير النقد الأجنبي لتوفير المعدّات اللازمة، في حين أن البلاد تعاني من شح في العملة الصعبة ظلّ يلازم الدولة منذ انفصال الجنوب قبل أربعة أعوام، وخروج إيرادات النفط الجنوبي من خزينة الدولة، والتي تمثّل أكثر من 75 في المئة من موازنة الدولة.

ونشطت أخيراً مجموعة من الشباب على "الفيسبوك"، داعية لحملات ضد شركات الاتصالات، وذلك في محاولة للضغط عليها لتحسين الخدمات، فضلاً عن كشف أي رسوم تفرضها الشركات بشكل غير مُعلن.


ودعت المجموعة التي أطلقت على صفحتها تسمية "الحملة القومية لمقاطعة شركات الاتصالات" إلى مقاطعة شركات الاتصالات بدءاً من مطلع آب/ أغسطس المقبل، ولمدة ثلاثة أيام قابلة للزيادة، للضغط على الشركات لتحقيق مطالبها بإيجاد باقات إنترنت غير محدودة وزيادة سرعتها، فضلاً عن إلغاء رسوم تحويل الرصيد، وخفض رسوم باقات الاتصالات والإنترنت. إلى جانب إجبار إحدى شركات الاتصالات على التراجع عن تطبيق سياسة الاستخدام العادل على باقات الإنترنت التي تقدمها كعقوبة على كل من يتجاوز الحدّ المسموح به من البيانات، إذ تهبط السرعة لما يتراوح بين 10 إلى 15 كيلوبايت/ثانية.
واحتضنت الصفحة عدداً فاق الـ29،974 مشتركاً، ما يؤكد اتساع دائرة الغاضبين على خدمات شركات الاتصالات.

ونجحت المجموعة ذاتها الشهر الحالي في تنفيذ حملة مقاطعة لشركات الاتصالات لمدة خمس ساعات، دعت إليها من صفحتها، وعممتها على مواقع التواصل الأخرى، خصوصاً تويتر وواتس آب وفايبر، طالبة من المشتركين وضع هواتفهم في "وضعية الطيران"، أو إخراج الشرائح من الهواتف النقالة. 
وأكد المنظمون عبر الصفحة نجاح الحملة في تكبيد شركات الاتصالات خسائر فادحة، مقدّرين خسائر إحداها بنحو ثلاثة مليار جنيه، وهو ما نفته شركات الاتصالات. 

اعتذار من المشتركين
وقد سارعت الشركة السودانية للاتصالات "سوداتل" عقب ذلك إلى الاعتذار للشعب السوداني ومشتركيها عن الإشكالات التي شهدتها خدمات الإنترنت والاتصالات، وهو ما يؤكّد نجاح المقاطعة، ووعدت الشركة بتحسين الشبكة خلال الفترة المقبلة. حيث اعتذر رئيسها التنفيذي طارق حمزة في تصريح من الذين نفذوا المقاطعة، لكنه استبعد أن تحقق المقاطعة أثراً إيجابياً، قاطعاً بأنها ستقود إلى أثر سلبي على المجتمع ككل. وأوضح أن "الشركة تصرف على الخدمات والتعليم والمياه والصحة والرياضة، وأي خسائر محقّقة في أرباح الشركة تخفض من مخصصات الدعم الموجه لتلك الجهات". وأكد أن الظروف الاقتصادية والحاجة لأموال استثمار بالدولار تمثل تحديات تواجه الشركة لتقديم خدمات ترضي المواطن.
محمد، وهو أحد المقاطعين، يقول لـ"العربي الجديد" إنه تحمّس جداً للمقاطعة، "لأنني من المتضررين من احتيال شركات الاتصالات، والتي تحولت إلى شركات جباية من دون تقديم خدمات واضح". 

ويوضح أن "الشركة تعلن عن أن الاشتراك بتحميل غير محدود، بينما يتم إنقاص السرعة حتى تكاد تكون منعدمة تحت حجة الاستخدام العادل، وهذا غشّ، بينما السرعة الفعلية تراوح عند التحميل بين 500 كيلوبايت و1.5 ميغابايت في أفضل الحالات، بينما تصل السرعات العالمية إلى 45 ميغابايت في الثانية وأكثر". ويختم بالقول "هذا غش لا يحدث في كل دول العالم".

محاولات لتطويق الأزمة
وتدخلت وزارة الاتصالات في الخرطوم للحدّ من شراسة الهجمة الشعبية، في مواجهات شركات الاتصالات، لا سيما أن المقاطعة التي بدأت في الاتساع، أخذت تؤثر سلباً على إيرادات الحكومة من الاتصالات، خاصة الضرائب، حيث درجت الحكومة على فرض ضرائب على الشركات في الموازنات لتغطية العجز وصلت لـ30 في المائة.


ووجهت الوزارة الشركات بسرعة للتحول إلى الجيل الرابع عبر إنجاز الإجراءات الفنية والتنظيمية المتصلة بإطلاق الخدمة، فضلاً عن مراعاة انسياب الخدمة بصورة سلسة وحفظ حقوق المشتركين في ما يتصل بتوفير الخدمة الجيدة ومعالجة الإشكالات التي تحدث بشكل فوري.

الحملات المتلاحقة تضع الشركات في أزمة حقيقية، لا سيما أنها تعاني أصلاً من تآكل أرباحها بسبب القيود المفروضة في ما يتصل بقضية تحويلات أرباحها للعملات الصعبة ودخول المكالمات المجانية الصوتية كـ"فايبر" و"واتس آب" و"سكايب"، إلى جانب معوّقات تتصل بشح الوقود في بعض الولايات والاضطرابات الأمنية.

ووفقاً للإحصاءات، يوجد في السودان نحو 25 مليون مشترك في خدمة الإنترنت في الشركات المختلفة، والتي تتنافس على تقديمها ثلاث شركات كبرى، بينها اثنتان أجنبيتان.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"العربي الجديد" إن هناك طلباً كبيراً على الإنترنت من قبل السودانيين، ما زاد الطلب والضغط على الشبكة، وأثّر على ذلك إدخال الحكومة الإلكترونية في ظل عدم استعداد شركات الاتصالات التي ما زالت تعمل بالجيل الثاني والثالث. يضيف إبراهيم أن "الشركات في حاجة لطاقات استيعابية أكبر، خاصة أن الدولة تدخل يومياً خدمة إلكترونية جديدة، تؤثر على الشبكة".

العربي الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق