ظل البرنامج التلفزيوني الرمضاني «أغاني وأغاني» والذي يقدم عبر قناة «النيل الأزرق» السودانية في شهر رمضان من كل عام يثير جدلا متصلا، فتارة يهاجمه أئمة المساجد ورجال الدين، وتارة بسبب حقوق الملكية الفكرية وأحيانا يتعرض لهجوم بسبب نوع وسلوك المطربين الذين يستضيفهم.
وفي هذا العام لم يخل البرنامج من الجدل الذي تركز حول بعض تقليعات المطربين المشاركين فيه، خاصة طه سليمان، الذي ظهر في الحلقات الأولى «ببنطلون ضيق وقصير» رأى الكثيرون أنه لا يتناسب مع الذوق العام، وكذلك المطرب شريف الفحيل، الذي اتهم «بتبييض بشرته».
التعليقات إنتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، خاصة موقع «فيسبوك»، وكذلك «وات ساب» ومعروف أن البرنامج يقدمه الإعلامي «المخضرم» السر قدور، الذي يقيم في القاهرة منذ عشرات السنين ويحضر إلى الخرطوم سنويا لتسجيل حلقات البرنامج، وعند البث يكون قد عاد للقاهرة ولسان حاله يقول: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراءها ويختصموا».
ظل السر قدور يكتب عاموده «أساتذة وتلاميذ» لعشرات السنين يغذي من خلاله ذاكرة الأجيال الجديدة بتاريخ الفن السوداني وملامح التكوين الثقافي والاجتماعي والوجداني لمبدعين أثروا الساحة الفنية بالروائع منهم من قضى ومنهم من يواصل مسيرة العطاء والإبداع.
وهو شاعر وكاتب وممثل ومؤلف للالغاز ومقدم برامج. ويقول عنه محمود صالح مؤسس مركز عبد الكريم ميرغني إنه يتميز «بالذكاء وسرعة البديهة ودماثة الخلق وخفة الدم والظرف والدعابة كما يتحلى بالعفة والأريحية والتواضع الجم».
وربط أجيالا متعددة مع بعضها البعض دون تكلف أو تعسّف فقد تغنى له الكاشف «بالشوق والريد» وبعد أكثر من نصف قرن صدح له نادر خضر «ليه اشيل همك برايا ياشريك عمري وهوايا» وبينهما أجيال مختلفة الشجن.
ويقول السر إنّ الناس يقيّمون الأشياء حسب رؤيتهم لها، وفي مجال الإبداع ولأنه مؤثر بشكل كبير على وجدان الناس، فإن الرؤى تختلف.
ويضيف أنّ البرنامج ظهر في وقت الانفتاح الفضائي لذلك وجد مشاهدة عالية من السودانيين في أنحاء العالم، وفكرة البرنامج بسيطة وما فيها تعقيد وعميقة في نفس الوقت.
ويستمر في شرح الفكرة قائلا: «لاحظنا أن هناك جيلا جديدا يريد أن يعرف ماضي الغناء السوداني وحتى حاضره، وكان لا بد من وجود برنامج يقدم الفن السوداني، وكان التركيز على شيء واحد هو فن الآداء، للأغنيات المرتبطة بالحركة الإجتماعية وبالتراث وبحياة الناس باختصار والغناء يمثل روح الأمة، ولدينا في السودان ميراث كبير لحركة فنية مرتبطة بالحصاد والصيد وجوانب الحياة المختلفة وكل هذا يولد إيقاعا والإيقاع يولد نغما والنغم يولد كلاما والخلاصة هي حركة فنية لا يستهان بها، ومن خلال هذا البرنامج حاولنا أن نعيش في هذه الأجواء الأصيلة».
ويقول: «الفنانون الأوائل سرور وكرومة، الأمين برهان الكاشف أحمد المصطفى، عثمان حسين كلهم نهلوا من هذا المعين وقدمناهم الى الشباب مع الإهتمام بضروب الأداء وبطبيعة الحال فإن هذه الأغنيات سمعها الناس من قبل، لكن ركزنا على جوانب معينة.. مثلا لماذا الأداء هكذا؟ لماذا تحولت هذه الأغنية إلى مزحة والعكس؟».
ويقول إن اختيار المطربين المشاركين في البرنامج يتم عبر لجنة تضم مجموعة ولا يكون الاختيار بسبب «النجومية» والشرط الوحيد هو القدرة على أداء الأغنيات السودانية بأقصى اجادة، هؤلاء الشباب لديهم قدرة على اداء الأغاني بنفس الطريقة التي أداها بها أصحابها.
ويرى السر أنّ الرؤية واحدة في الإختيار والإحلال والإبدال كل عام وهي أن تكون لدى الفنان قدرة في الأداء ويستطيع آداء الأغنيات بشكل جيد وليس بالضرورة 100% لكن الأداء يجب أن يكون قريبا من الأصل.
وعن الجدل الذي ظل يثيره البنامج في كل عام يقول: «هذا الكلام ليس جديدا علي فخلال تاريخي الطويل تعرضت لمثل هذه الحملات ولست وحدي فهنالك كثيرون نالوا حظهم من السخط، وأنا لا أتضايق من النقد والهجوم بل أحاول الإستفادة من الموضوعي منه».
صلاح الدين مصطفى
القدس العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق