الأربعاء، 10 يونيو 2015

"سكة صعبة" عبدالواحد يوسف وخليل عبدالله والشرتاي عبدالحكم.. هل يفلح الولاة الجدد في تغيير الواقع


الخرطوم – عبدالرحمن العاجب
ظل المشهد العام تظلله كثير من التكهنات والاحتمالات التي رشحت في مرحلة ماقبل إعلان حكومة مابعد الانتخابات العامة التي جرت في أبريل الماضي والتي ولدت مساء أمس الأول بعد مخاض عسير من خلال عملية قيصرية سبقها فشل ثلاثة اجتماعات للمكتب القيادي للمؤتمر الوطني والذي أفلح في نهاية المطاف في الخروج بتوليفة أعلن بموجبها الحكومة الجديدة التي تشكلت من (67) من وزير ووزير دولة.
 وفي ذات المنحى جاء إعلان ولاة الولايات على نحو مفاجئ بالنسبة للكثيرين بعد أن عمدت المراسيم الجمهورية التي أصدرها رئيس الجمهورية بشأن تعيين الولاة إلى اختيار ولاة كثير من الولايات من غير أبنائها الأمر الذي استحسنه البعض ورفضه البعض الآخر بحجة أنه ينسف فكرة الحكم الفيدرالي الذي يتيح لأبناء الولايات حكم ولاياتهم بأنفسهم.. 
وفي الأثناء شهدت ولايات دارفور عملية إحلال وإبدال واسعة وتم تعيين جميع الولاة من خارج أبناء تلك الولايات باستثناء ولاية وسط دارفور التي أعيد فيها تعيين الشرتاي جعفر عبدالحكم إسحاق.   
عبد الواحد يوسف والي شمال دارفور الجديد الذي تم تعيينه خلفا للوالي السابق عثمان محمد يوسف كبر الذي حكم الولاية لفترة (12) عاما حتى أطلق عليه عمدة الولاة، ربما يواجه يوسف بجملة من التحديات وأولى تلك التحديات أنه من خارج مكونات الولاية الاجتماعية فضلا عن أن حكومة الولاية ظلت لفترة طويلة تتشكل وفقا لموازنات ومحاصاصات قبلية الأمر الذي سيضعه أمام تحد كبير، وهو ما يراه البعض مزية لصالحه أيضاً. إلى جانب ذلك هناك التحدي الأمني الذي تعاني منه الولاية بسبب وجود جيوب للحركات المسلحة في الناحية الشمالية الغربية من الولاية، فضلا عن تحدي عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية التي نزحوا منها بعد توفر الأمن والخدمات الأساسية في تلك المناطق. 
ومن بين التحديات التي تواجه عبدالواحد يوسف تحدي معالجة الصراعات القبلية العنيفة إلى جانب معالجة التوترات والاحتقانات التي تولدت بين بعض المكونات بفعل الخلافات التي امتدت لفترة طويلة بين الشيخ موسى هلال وعثمان كبر الوالي السابق والتي في حال عدم معالجتها ربما تقود في المستقبل إلى صراع جديد. ولكن سيبقى أبرز تحد يواجه الوالي الجديد هو تحدي تفكيك المليشيات المسلحة وانتشار السلاح وسيطرة مجموعات قبلية على منطقة جبل عامر الذي تعتزم الحكومة السودانية وضع يدها عليه. 
 وبالنسبة للكثيرين فإن ولاية شمال دارفور تعتبر من الولايات المهمة وتأتي أهميتها من خلال موقعها الاستراتيجي ومن خلال الموقع الجغرافي تحدها من الغرب دولة تشاد ومن الشمال دولة ليبيا وتعاني بعض محليات الولاية من ضعف حاد في الخدمات والمشروعات التنموية الأمر الذي يتطلب من الوالي الجديد مضاعفة الجهد لإحداث اختراق في تلك المجالات حتى يكسب رضا المواطنين هناك والذين لازالوا يحلمون بتوفير الخدمات الأساسية المتمثلة في (الصحة والتعليم والمياه) وستبقى تحديات التنمية وتحقيق الأمن والاستقرار والمليشيات المسلحة وانتشار السلاح ومعالجة الصراعات القبلية وبناء النسيج الاجتماعي وعودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، من أكبر التحديات التي تواجه الوالي الجديد. 
ولاية غرب دارفور هي الأخرى من الولايات التي دفع إليها رئيس الجمهورية بوال من خارج أبنائها وهو (خليل عبد الله) والذي توقع له كثير من المتابعين النجاح في إدارة دفة الولاية وتأتي توقعات نجاح خليل لأسباب بسيطة أولها أن ولاية غرب دارفور نسيجها الاجتماعي متجانس وتعتبر من أكثر ولايات دارفور استقرارا ولا توجد بها صراعات قبلية إلى جانب عدم وجود حركات مسلحة.. ورغم كل ذلك سيواجه الوالي الجديد بتحدي تحقيق مزيد من مشروعات التنمية وعودة النازحين إلى قراهم الأصلية والتي تحتاج إلى توفير الخدمات الأساسية من (تعليم وصحة ومياه) إلى جانب توفير الأمن والاستقرار في قرى العودة الطوعية للنازحين.
الموقع الجغرافي بالنسبة لولاية غرب دارفور وجوارها لدولة تشاد من الناحية الغربية وأفريقيا الوسطى من الناحية الجنوبية الغربية يجعل الولاية من أهم ولايات دارفور.. وفي السياق يرى البعض أن نجاح الوالي يكمن في استغلال الموقع الجغرافي للولاية وتطوير العلاقات بشكل إيجابي مع دول الجوار وتنشيط التبادل التجاري الذي توقع له البعض أن يصب عائدا ماديا كبيرا إلى خزينة الولاية ويسهم في دفع التنمية إلى جانب تطوير فكرة القوات المشتركة السودانية التشادية والتي أسهمت بشكل كبير في توفير الأمن وإقامة بعض المشروعات التنموية. 
دار الدمنقاوي هي الأخرى لم يطلها التغيير بعد أن أبقى رئيس الجمهورية على الشرتاي جعفر عبد الحكم إسحاق واليا على وسط دارفور ولكن بقاء الشرتاي في منصبه يفتح الباب واسعا أمام عدة تساؤلات.. إذ ينظر البعض لبقاء الشرتاي في منصبه على أنه من باب الترضيات والموازنات الاجتماعية التي انتهجها النظام.. ومن بين التحديات التي تواجه الرجل عدم الرضاء الشعبي الذي يعاني منه لفترة طويلة إلى جانب صراعات قبلية عنيفة شهدتها الولاية في الفترة السابقة بين عدد من المكونات الاجتماعية. ولفترة طويلة لم تحظ ولاية وسط دارفور بمشروعات تنموية ترضي طموح مواطنيها الذين ظلوا في حالة سخط بفعل غياب المشروعات التنموية والخدمات الأساسية والتي في مقدمتها مشروعات الطرق ومنها طريق كاس زالنجي والذي ظل حلما يراود مواطني الولاية لفترة طويلة.. ولكن سيبقى التحدي الأبرز الذي يواجه الشرتاي جعفر عبدالحكم هو تحدي عودة النازحين إلى مناطقهم وتوفير الأمن والخدمات الأساسية بها الأمر الذي ظل عصيا ولفترة طويلة بفعل تمسك هؤلاء بمطالبهم في التعويض الفردي ونزع سلاح المليشيات. 
حسنا، هكذا أصبح الأمر واقعا بعد أن دفع البشير بكل من (عبد الواحد يوسف والي شمال دارفور وخليل عبدالله والي غرب دارفور والشرتاي جعفر عبدالحكم إسحاق والي لولاية وسط دارفور).. ولكن في ظل وجود تحديات بارزة تتمثل في تحقيق الأمن والاستقرار وتنفيذ قدر كبير من المشروعات التنموية والخدمية وعودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية وتوفير الأمن والخدمات الأساسية بها ومعالجة الصراعات القبلية وتحقيق سلام عادلة تلتحق بموجبه الحركات المسلحة بقطار السلام .. في ظل وجود تلك التحديات هل سيفلح الولاة الجدد في تغيير الواقع الماثل؟
اليوم التالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق