السبت، 19 سبتمبر 2015

القصة الكاملة وراء “موهبة” المخترع السوداني الصغير في أمريكا.. اقرأ تفاصيلها


من الطبيعي أن تلقي اللوم على شرطة اعتقلت طفلاً لاختراعه ساعة، ولكن الأجدر كما أعلن أفراد من عائلة المخترع السوداني المراهق أحمد المحسن توجيه اللوم إلى “رسائل الرعب” التي تبثها وسائل إعلام أمريكية عن العرب والمسلمين.
موسى الحسن، عم الطالب السوداني الذي أوقفته الشرطة بعد اشتباه مُدرسته في كون ساعة صنعها بنفسه قنبلة، لا يشعر باللوم أبداً اتجاه المعلّمة التي ارتابت من مشروعه المدرسي، ويبرر السبب لـ”هافينغتون بوست عربي” أن “المواطن الأمريكي البسيط يعيش “حالة رعب من العرب بسبب رسائل الإعلام الأمريكي التي تظهره بصورة الإرهابي المتطرف”.
ولم يعتقد أحمد البالغ من العمر 14 عاماً أن يكون اسمه مشكلة في يوم ما كما حصل معه في مدرسته “مارك آرثر” بمدينة آرفينغ.

الساعة التي اخترعها أحمد خلال 20 دقيقة وبمواد بدائية، كانت سبباً في اعتقاله من قبل شرطة تكساس، ومنعه من الحضور إلى مدرسته لمدة 3 أيام الأمر الذي أشعل غضباً عالمياً.
الجد والحفيد لكلّ قصة اعتقاله!

قصة اعتقال شرطة تكساس لأحمد لا تختلف كثيراً عن قصة اعتقال جده من قبل أحد سكان قرية “شاتاوي” في السودان، مسقط رأس هذه العائلة، عندما كان بعمر قريب من عمر أحمد.
يقول “موسى الحسن” عم أحمد ” كان والدي محباً للعلم وعلى دراية أن مدارس الاحتلال الانكليزي هي الأفضل، لذلك هرب باتجاه أم درمان على الرغم من رفض والده الكبير لتلك المدارس”.
ولكن بعد أن مشى الجد آنذاك مسافة 10 كم سيراً على الأقدام، يوضح موسى “أمسك به أحد السكان اعتقله عدة ساعات وقام بتسليمه لأهله ليجد نفسه مرة أخرى ضمن حلقات التعليم “الخلاوي” كما يطلق عليها السودانيون والتي يفضلونها على مدارس الإنكليز”.

أحمد وهو ابن عائلة سودانية عريقة كما يصفها “موسى” حرص جميع أفرادها على متابعة تعليمهم، بدءاً من الجد الذي كافح من أجل من أجل تعليم أولاده في مدارس وجامعات السودان وأصبح قدوة لنا جميعاً أورثناها لأولادنا”.
والد أحمد خصم رئاسي لعمر البشير!

أمور صغيرة تحدّث عنها المخترع خلال مؤتمر صحافي عقد أمام منزله على خلفية اعتقاله، ولكن تفاصيل أهم تكمن في حياة هذه العائلة السودانية التي هاجر أفرادها إلى أمريكا في ثمانينيات القرن الماضي.
حيث يبدو أن طلاقة لسان أحمد في الحديث كما بدت واضحة على الملأ خلال المؤتمر كان قد ورثها من والده السياسي محمد الحسن المنتمي لحزب الإصلاح الوطني السوداني، والذي تبين أنه سبق وترشح مرتين للرئاسة السودانية ضد الرئيس الحالي عمر البشير الأولى عام 2010 والثانية مطلع العام الحالي.
“كانت انتخابات تعيسة” بهاتين الكلميتن وصف “موسى” ،عم أحمد، الانتخابات، مشيراً إلى أن “حكومة البشير لن تسمح لأحد بالفوز، وخاصة أنه في الانتخابات الأولى تم إبعاد أخي لأسباب نجهلها أما انتخابات هذا العام فهي باختصار تعيسة”.
ولكن كل ذلك لن يمنع والد المخترع الخوض في انتخابات ثالثة والتي تصادف عام 2020، كما أوضح موسى، وعن ذلك يقول”إن أخي صاحب إرادة صلبة وهو على ثقة أن لديه ما يقدمه لبلده، وهو لا يعرف الخوف ولغة التهديد لن تثنيه عن القيام بما يرغب”.

وعلى الرغم أن الجنسية الأمريكية التي يحملها هذا المرشح لن تقف أمام حصوله على منصب رئيس السودان لأنه من مواليد هذا البلد، كما يشير الدستور، إلا أنه وسبق وأعلن رسمياً أنه مستعد للتنازل عنها من أجل مصلحة السودانيين كما نشرت أحد الصحف السودانية.
تعثر الأحلام في نيويورك

بدأت أولى محطات هجرة المرشح السياسي إلى أمريكا في نيويورك بين عامي 1986 و 1990والتي كانت غير موفقة أبداً على حد تعبير “موسى” ويقول ” بذل محمد مع أخيه الأصغر عز الدين جهوداً كبيرة لإنشاء عمل ما هناك، لدرجة أنهما خلال فترات الأعياد والعطل كانا يبيعان السندويشات للمارة علّ ذلك يقدّم لهما دخلاً يسندهما في هذه الفترة العصيبة”.
وبعد اتخاذ والد المخترع قراراً بالعودة إلى السودان ووصوله إلى المطار، تراجع عن القرار في اللحظات الأخيرة خوفاً من العودة إلى الوضع السيئ في السودان فتوجه جنوباً إلى ولاية تكساس.
ويضيف أخاه قائلاً “هناك بدأ العمل كسائق تاكسي، وبعدها دخل سوق العمل في مجال بيع أجهزة الاتصالات، وفي تلك الفترة تزوج سيدة أمريكية لديها ولدان وأنجب منها فتاة وحيدة، وبعد انفصالهما تزوج زوجته الحالية السودانية منى أحمد الحاج”.
وقد أسس حتى تاريخ اليوم مع إخوته عدداً من الشركات في تكساس التي تعمل في مجال تأجير السيارات من المطار، بالإضافة إلى عدد من الشركات والتي تعمل في السودان منذ عام 1998 في مجالات السياحة والسفر والطاقة الشمسية.
ويضيف موسى بقوله “إن أحمد وهو أكبر إخوتي قدوة لنا فهو شخصية مميزة يستحق أن يقرأ العالم كله فخور به وفخور بابنه المميز أحمد”.

ولدى سؤالنا له عن عمر والد المخترع السوداني، أجاب “من منا يعلم عمره الحقيقي”، مضيفاً “أعتقد أنه في نهاية الخمسينيات أو بداية الستينيات، إن وثائق شهادات الميلاد سابقاً غير دقيقة كلها ترتبط فقط بتقدير الطبيب”.
6 أولاد و17 أخ وأخت

ربما يصعب على موسى تحديد عمر أخيه، إلا أنه من الصعب أن ينسى تاريخ وفاة والده الذي وافته المنية عام 2008 وترك رحيله أثراً كبيراً عليهم جميعاً.
الجد الذي توفي عام 2008 عن عمر يناهز الثمانين كان سبباً في اتباع أولاده الـ 18 الصوفية، ومنهم والد أحمد الذي يعمل اليوم رئيساً للمركز الصوفي الإسلامي في تكساس، والذي أسسه في بداية التسعينيات ويرتاده إلى اليوم خليط من العرب والأمريكان.
ولقد كان اعتناق الصوفية سابقاً كما يوضح الحسن مرتبط بشكل كبير بإشارات يصل لها الراغب بالتصوف تماماً كما حصل مع والده، جد أحمد، حيث “مرّ بتجربة مع شيخ اشتهر بزهده وصلاحه وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي، ذهب إليه يشتكي مرضاً في عينيه فأشار إليه الشيخ بالمبيت في حفرة تجتمع فيه مياه الأمطار للاستفادة منها، فشفي من مرضه واتخذ بعد ذلك عهداً أن يتبع طريقته”.
ولقد انعكست الصوفية أيضاً في أسماء إخوة المخترع أحمد حيث حرص والده خلال اختيار اسمه وأسماء بقية إخوته الخمسة “إيمان وعائشة ومهدي وشام وفاطمة” أن تكون ذات دلالات صوفية.
ردود فعل عالمية منها مزيف!
نالت قضية المخترع أحمد اهتماماً كبيراً، وهناك من أشار إلى دعوة وجهها الرئيس السوداني عمر البشير دعا فيها أحمد للعودة إلى السودان، الأمر الذي قال عنه موسى أنه “قد يكون مزوراً، ولكنني لا أستبعد أن يقوم البشير بتلك الخطوة”.
هذا وقد انتشر هاشتاغ ISTANDWITHAHMAD بشكل واسع دعماً للمخترع، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تلقى تاييداً كبيراً من قبل شخصيات مختلفة أهمها الرئيس الأمريكي أوباما الذي وجه له دعوة لزيارة البيت الأبيض.
وإضافة إلى ذلك انضم مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ إلى قائمة المحتجين على هذا الاعتقال موجهاً هو الآخر دعوة لأحمد بزيارته في مقر عمله.
ومن جانبها عبرت وزيرة الخارجية السابقة والمرشحة الديمقراطية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية هيلاري كلينتون عن دعمها للمخترع السوداني من خلال تغريدة نشرتها قالت فيها “أحمد استمر في فضولك وشغفك وتابع البناء”.
كما تواصل جون هولدرن مستشار الرئيس الأمريكي للشئون العلمية مع أحمد ودعاه للمشاركة في أمسية عن الفضاء سينظمها البيت الأبيض يوم 19 أكتوبر القادم.
ودعت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) المخترع السوداني، للقيام بجولة في مقرها بولاية كاليفورنيا.

هافينغتون بوست عربي | هديل عرجة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق