الاثنين، 8 يونيو 2015

الأتراك يحرمون حزب إردوغان من الحكم المطلق.. وينتزعون منه الأغلبية بعد 13 عاما


بعد 13 عاما من التمتع بأغلبية مطلقة جعلته يشكل الحكومة التركية، خسر حزب «العدالة والتنمية» التركي أغلبيته في البرلمان في انتخابات تشريعية مثيرة، أدخلت «حزب الشعوب الديمقراطي» الكردي للبرلمان بعد تخطيه عتبة «العشرة بالمئة».

وأدلى الأتراك أمس بأصواتهم في يوم انتخابي قصير، بدأ في الثامنة صباحا وانتهى في الخامسة مساء، من دون تمديد في أوقات التصويت، كما كان يجري في الانتخابات السابقة لاستيعاب أكبر قدر من الناخبين، حيث اقتصر الأمر على الموجودين في حرم مراكز الاقتراع ساعة الإقفال. كما انتهت عملية التصويت في المنافذ الحدودية التركية، التي كانت قد بدأت منذ الثامن من مايو (أيار) الماضي، حيث فتحت صناديق انتخابات الخارج، التي جرت في 122 ممثلية في 54 دولة، بالتزامن مع فتح صناديق انتخابات الداخل.

وخرجت النتائج مساء أمس لتظهر نكسة كبيرة لحزب أردوغان، فبعد عد 98 في المئة من الأصوات، تبين أن «العدالة والتنمية» تصدر الانتخابات لكنه لم يحصل سوى على 41 فس المئة من الأصوات، ما يترجم 259 مقعدا من أصل 550 مقعدا، مما يستوجب تشكيل خكومة ائتلافية.

وبينما تعرض حزب أردوغان لضربة سياسية، كان «حزب الشعوب الديمقراطي» الكردي نجم الانتخابات، اذ حصل على 12.5 فس المئة من الأصوات ليدخل البرلمان ممثلا بـ78 نائبا. وحصل أبرز حزبين معارضين، «الشعب الجمهوري» و«العمل القومي» على 25.2 في المئة و16.5 في المئة على التوالي.

وأدلى الناخبون الأتراك بأصواتهم في 174 ألفا و236 صندوقا انتخابيا، موزعة على المراكز الانتخابية، في كل أرجاء تركيا. وكانت أبواب مراكز الاقتراع فتحت في الساعة الثامنة أمام 53 مليونًا و765 ألفًا و231 ناخبًا، يمتلكون حق التصويت في الانتخابات البرلمانية، التي يتنافس فيها 20 حزبا، على رأسها حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب الشعوب الديمقراطي، إضافةً إلى 165 مرشحا مستقلا.

ولم تسجل التقارير الأمنية خروقات تذكر في هذه العملية التي اتسمت بهدوء لافت ومشاركة كثيفة رغم اعتداء أسفر عن قتيلين ونحو مائة جريح، خلال تجمع لحزب كردي معارض في معقله ديار بكر جنوب شرقي البلاد يوم الجمعة الماضي، حيث نشرت الحكومة 400 ألف رجل أمن للحفاظ على أمن العملية الانتخابية.

ويجمع المحللون السياسيون على اعتبار هذه الانتخابات انتخابات بين رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان، وخصومه الذي يسعون بكل قوتهم لإحباط مشروعه لتعديل الدستور وتحويل النظام السياسي في البلاد إلى نظام رئاسي تتركز فيه السلطة بيد الرئيس. غير أن هذا التعديل يحتاج إلى كان بحاجة لفوز ساحق لإردوغان الذي نزل إلى حلبة الانتخابات النيابية، رغم موقع المحايد وفق الدستور، لحث المواطنين على الاقتراع لصالح مشروع النظام الرئاسي الذي يجاهر حزب العدالة والتنمية الحاكم بالسعي إليه. ويحتاج إردوغان إلى ثلثي المقاعد النيابية (367 مقعدا من أصل 550) لتعديل الدستور مباشرة في مجلس النواب. ولكن بعد فشله في الحصول على هذه الاغلبية، بات مضطرا لمفاوضة الأحزاب الأخرى، وهو ما يبدو مستحيلا في ظل الانقسام الحاد في المواقف، مما قد يرجح الانتخابات المبكرة. وقال إردوغان بينما كان يدلي بصوته في إسطنبول إن «نسبة المشاركة مرتفعة. إنها مؤشر جيد على الديمقراطية»، مضيفا أن تركيا «ترسخ مؤشرات الثقة والاستقرار». وعقب التصويت، قال أردوغان للصحافيين، إن «جميع الأحزاب السياسية تنافست في ماراثون طويل وحافل». وأضاف «تركيا تشهد مرحلة استثنائية، وإجراء الانتخابات في وقتها دون اللجوء إلى انتخابات مبكرة يعطي مؤشرات على الاستقرار والثقة».

أما رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو فقال لدى الإدلاء بصوته في مسقط رأسه في قونيا شرق البلاد «نريد أن يكون هذا اليوم احتفالا للديمقراطية». وأعلن عن توقيف مشتبه به في الاعتداء الذي أوقع قتيلين خلال تجمع انتخابي لحزب الشعب الديمقراطي في ديار بكر يوم الجمعة.

وأدلى رئيس البرلمان التركي جميل جيجك بصوته في لجنة انتخابية في العاصمة التركية أنقرة، وأعرب في تصريحات بعد الإدلاء بصوته عن أمله في أن تجلب الانتخابات الخير لتركيا، قائلا «من الضروري أن تبدأ اعتبارًا من يوم غد الاثنين فترة التعاون من أجل البحث عن حلول لمشاكل تركيا، بفكر جديد».

وفي المقابل، أدلى رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت بهتشلي، بصوته في العاصمة أنقرة. وأعرب عن ثقته في أن «الانتخابات ستسفر عن الخير لتركيا». أما رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو فقد أعرب عن أمله في أن تكون الانتخابات «وسيلة لتطوير الديمقراطية وتوزيع الحرية والرخاء بشكل عادل على الشعب». ورأى أن «الماراثون الانتخابي مرّ بشكل جيد»، رغم ما اعتبره «ظروفا غير متكافئة أجريت الانتخابات في إطارها». وردا على سؤال حول ما إذا كان قد حدث ما يعكر صفو الانتخابات برأيه، أجاب كليتشدار أوغلو قائلا «إن الانتخابات جرت في أجواء جيدة».

أما في جانب نجم الانتخابات دون منازع، أي حزب الشعوب الديمقراطي، فقد أدلى الرئيسان المشاركان للحزب بصوتيهما أيضا وسط حضور إعلامي كثيف. وأدلى الرئيس المشارك للحزب، صلاح الدين دميرطاش، بصوته في إسطنبول، في حين أدلت الرئيسة المشاركة للحزب، فيغان يوكسيك داغ، بصوتها في ولاية وان شرق البلاد. وقال دميرطاش، بعد الإدلاء بصوته، إنه يأمل في أن تسفر الانتخابات عن نتيجة تدعم السلام الداخلي، والحرية، والديمقراطية، وأن تكون وسيلة لكتابة دستور لا يهمش أيا من المواطنين، ولا يشعر أيا منهم بأنه أجنبي في بلده، أو بأنه مواطن من الدرجة الثانية.

وبموجب قرار اللجنة العليا للانتخابات كان هناك حظر على نشر أي أخبار أو تقديرات أو تعليقات حول الانتخابات أو نتائجها حتى الساعة السادسة من مساء أمس بالتوقيت المحلي لتركيا (15.00 بتوقيت غرينتش)، في حين كان يُسمح بنشر الأخبار الصادرة عن لجنة الانتخابات فقط ما بين الساعة السادسة مساء والتاسعة ليلا (18.00 بتوقيت غرينتش).


الشرق الأوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق