الاثنين، 8 يونيو 2015

حتى لا نحرث في البحر..


صدر ليلة أمس الأول قراراً بإعفاء نواب للرئيس ومساعديهم.. وجميع الوزراء ووزراء الدولة.. وهو إجراء طبيعي لإعادة تشكيل الوظائف الدستورية القيادية..
ويفترض أن تكون الأسماء البديلة أعلنت أو في سبيلها للجهر بها.. ولكن يجدر طرح سؤال منطقي.. لماذا ينتظر الناس إعلان الوزارة الجديدة؟؟
في تقديري الإجابة الوحيدة التي يمكن أن تقبل.. هي أن يكون أحد أقاربك أو أصدقائك في ضمن التشكيلة.. سواء ذلك الأمر يندرج تحت بند (شهراً.. ليس لك فيه نفقة.. لا تعد أيامه) أو كما يقول المثل الشعبي السوداني..
هناك فهم خاطئ لمعنى كلمة (الحكومة) في نظامنا السياسي.. منظومة الوزراء ليسوا هم (الحكومة).. فحسب نظامنا الرئاسي الأقرب شبهاً للنظام الأمريكي الوزراء هم مجرد (سكرتارية) لرئيس الجمهورية كل في مجال اختصاصه.. ووجودهم مجتمعين في مجلس الوزراء في اجتماعهم الدوري لا يمنحهم إلا صلاحيات محدودة للغاية في إجازة مشروعات القوانين التي تعبر عن طريقهم إلى البرلمان.. لكن القرار السيادي والسياسي في الشأن العام ليس في يد مجلس الوزراء بل في القصر الجمهوري فقط..
ومن هذا الفهم فإن (المحاصصة) التي يتشاكس عليها الأحزاب المتحالفة مع المؤتمر الوطني لا داعي لها إطلاقاً.. فحصول حزب على حقيبة وزارية أو أكثر لا يفيده إلا بقدر (الجاه) الذي يتوفر لمن يقع عليه الاختيار لشغل المنصب.. فلو حاز حزب على نصف مقاعد مجلس الوزراء فهو لن يغير أو يؤثر في السياسات العامة للدولة..
صحيح أن المقاعد الوزارية تهب شاغليها حق تعيين بعض الأقارب بالحزب أو بالدم.. وتمنح فرصة بعض الامتيازات وفرص سلطة على توجيه بعض المال العام لما يخدم مصالح الحزب أو الوزير نفسه.. لكن بكل تأكيد تلك بالضبط علة نظامنا الدستوري الذي يجعل السلطة والثروة في يد الوزير..
أقترح – في سياق الإصلاحات الجديدة- إلغاء الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء.. وتحويله إلى اجتماع شهري في مرحلة أولى ثم ربع سنوي في مرحلة لاحقة.. والاعتماد بدلاً عنه على (القطاعات) المتخصصة التي يمكن أن تتولى دراسة وإجازة مشروعات القوانين قبل تحويلها إلى البرلمان.
واحد من أهم الإصلاحات المطلوبة هو (إفراغ) منصب الوزير من (قوة الدفع الرباعية) التي فيه.. (سلطة+مال+حزبية+قبلية) بإعادة هيكلة الخدمة المدنية ليكون وكيل الوزارة هو سنام الجهاز التنفيذي.. بينما الوزير مجرد واجهة سياسية لا يمسك بالقلم الأخضر.
مثل هذا (الوصف الوظيفي) للوزير يقل من الجاذبية فيه التي على شرفها يراق الدم (وماء الوجه أيضاً).. ويعيد انسجام الخدمة المدنية أفقياً ورأسياً.. (أفقياً بين مختلف الوزارات.. ورأسياً بين الوزارات والأجهزة الأدنى والأعلى منها).
بغير ذلك.. سنحرث في البحر..!!
عثمان ميرغني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق