الأحد، 2 أغسطس 2015

قانون الثراء الحرام..الابقاء على مادة التحلل




تقرير: مروة كمال

يتفق خبراء في مجال القانون أن إجراءات قانون الثراء الحرام أقل ما توصف بأنها تعتبر ذرًا للرماد في العيون خاصة مادة التحلل التي تتيح للشخص المخالف إرجاع ما سلبه من المال العام دون اتخاذ إجراءات قانونية ضده، الأمر الذي أثار موجة من الغضب ومطالبة الكثيرين بمن فيهم الجهات التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء بضرورة معالجة او إجراء تعديلات في قانون الثراء الحرام، ففي مطلع العام الحالي قام البرلمان بإرجاع قانون الثراء الحرام الى مجلس الوزراء لمزيد من الدراسة، وعزا الخطوة إلى ارتباط القانون بالملفات المالية والموازنة العامة للدولة. وكانت الجنة الطارئة لتعديل القوانين والتشريعات في البرلمان أعلنت في وقت سابق أنها لن تجري أي تعديل على قانون الثراء الحرام وأبقت على مادة "التحلل" المثيرة للجدل ضمن القانون، بعدما اعتبرتها موجودة في كل القوانين العالمية حيث إن قانون الثراء الحرام ستتم إعادته الى مجلس الوزراء لجهة أنه قانون تترتب عليه مسؤوليات مالية وارتباط بالموازنة العامة وتنفيذها.

ويرى أستاذ الاقتصاد جامعة الخرطوم دكتور محمد الجاك قانون الثراء الحرام أنه لم يحد من الفساد أو يوقف الثراء الحرام، مشير الى أن صياغة وإعداد القانون يجب أن تكون ذات فعالية قائمة على الاستفادة من تجارب الدول التي لها قوانين مكنتها من محاربة الفساد، وأضاف أن القانون ينظر إليه من زاوية تأخذ في الاعتبار الجانب الديني أكثر من الأخذ في الاعتبار الجوانب الاخرى التي تشكل لها قوانين مثل الاجتماعية والاقتصادية، وشدد على أن تكون القوانين فعالة في مكافحة الفساد، وتساءل الجاك عن معنى التحلل؟؟ وكيف لشخص يستفيد من مال عام أو يأتي بفساد ويطبق عليه التحلل، واعتبر بند التحلل في قانون الثراء الحرام مجرد بند للتحايل على القانون حتى يصبح قانوناً بدون فعالية وإن لم يكتشف الفساد، فليس هنالك حاجة الى التحلل، مبيناً أن البرلمان مجرد أداة للتقليل مما يأتي من مجلس الوزراء فلماذا لا يطرح القانون علي طاولة نقاش مجتمعي يشارك فيه عامة الشعب، جازماً بأن البرلمان كان متوقعًا ألا يحدث أي تعديلات في القانون لجهة أن المصالح مشتركة، وتساءل الجاك عن مصير الذين أثروا وأصبحوا ميزة تميزهم عن الآخرين، مؤكداً أن القانون لن يحد من ظاهرة الثراء الحرام إضافة الى عدم وجود إرادة حقيقية لمحاربة الفساد، وذهب الى أن أي قانون خلاف الثراء الحرام توضع فيه ثغرات تمكن من التحايل عليه.

الخبير القانوني نبيل أديب أكد وجود عيوب كثيرة في قانون الثراء الحرام، وقال إن هنالك أخطاء به باعتباره قانوناً جنائياً غير محددة فيه الجرائم بصورة واضحة، وأضاف أن القانون به غموض في المواد خاصة مادة التحلل وعدم تحديد الجرائم بشكل دقيق، جازمًا بعدم حاجة القضاء الى القانون لجهة وجود إقرار الذمة وهو قانون شفاف يوضح مصادر دخل المسؤولين أو تغير في الدخل، قائلاً إن الإقرار يشمل الزوجة والأولاد، داعيًا الى أن تكون هذه التقارير علنية ومفتوحة للناس. لافتاً الى أن أحداث مكتب والي الخرطوم السابق أول ما كشفت عنه تلك الأحداث هو أن قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، ليس فقط قانوناً يفتقد الفاعلية، بل هو في الواقع قانون يشجع على الاعتداء على المال العام، وأوضح أن قانون مكافحة الثراء الحرام هو قانون يبدو أنه يعاقب على الحصول على مال يشكل ثراءً حراماً أو مشبوهاً، أو رفض تقديم إقرار الذمة، أو إيراد أي بيانات في إقرار الذمة يعلم مقدمها أنها كاذبة، أو ناقصة، وعرف أديب قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، الثراء المشبوه في المادة (7) بقوله: " يُقصد بالثراء المشبوه كل مال يطرأ على أي شخص ولا يستطيع بيان أي وجه مشروع لاكتسابه"، وهو تعريف يبدو على وجهه عدم الدستورية، حين يتطلب أن يثبت الإنسان براءته، لأنه يجعل عبء الإثبات على المتهم، مما يخالف المبدأ الدستوري المبني على افتراض البراءة، وهو مبدأ أساسي لا تساهل فيه بالنسبة للحق في المحاكمة العادلة. ولو كان القانون القانون يهدف لمعاقبة الشخص إذا فشل في إثبات مصدر مشروع لثروته لكان مخالفاً للدستور، ولا جدال في ذلك، ولكن واقع الأمر هو أن هذا ليس ما يعيب المادة المذكورة، بل يعيبها أنها مجرد لغو لا قيمة له.

الصيحة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق